الأمر الثانی فی الوضـع

ذکر و تعقیب

ذکر وتعقیب

‏بما ذکرنا یظهر الإشکال فی الفرق الذی ذکره المحقّق العراقی ‏‏قدس سره‏‏ بین المرکّب التامّ‏‎ ‎‏وبین المرکّب الناقص، فإنّه ـ بعد أن قال: إنّ الهیئة قد تطرأ علی المرکّب الناقص،‏‎ ‎‏کالهیئة الطارئة علی الصفة والموصوف، کـ «زید العالم»، وعلی المضاف والمضاف إلیه،‏‎ ‎‏کـ «غلام زید»، کما تطرأ علی المرکّب التامّ، کالجمل الخبریّة والإنشائیّة ـ قال: إنّ‏‎ ‎‏الفرق بینهما: هو أنّ الهیئة الطارئة علی المرکّب الناقص، تحکی عن النسبة الثابتة التی‏‎ ‎‏تعتبر قیداً مقوّماً للموضوع کـ «غلام زید قائم»، أو المحمول کـ «زید غلام عمرو»‏‎[1]‎‏.‏

‏وأمّا الهیئة الطارئة علی المرکّب التامّ، فتحکی عن إیقاع النسبة؛ سواء کانت فی‏‎ ‎‏القضیّة الخبریّة کـ «زید قائم»، أو فی الإنشائیة کـ «عبدی حرٌّ» فإنّ المتکلّم یری‏‎ ‎‏بالوجدان أنّ الموضوع عارٍ عن النسبة التی یرید إثباتها إخباراً أو إنشاءً، وهو بالحمل‏‎ ‎‏أو بالإنشاء یوقعها بین الموضوع أو المحمول، ولهذا یکون مفاد الترکیب الناقص فی‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 152
‏طول مفاد الترکیب التامّ، ومتأخّراً عنه تأخّر الوقوع عن الإیقاع‏‎[2]‎‏.‏

وفیه:‏ أنـّه إن أراد بالنسبة الثابتة التی یحکیها المرکّب الناقص هی النسبة‏‎ ‎‏النفس الأمریّة، کما هو الظاهر من العبارة؛ بقرینة قوله فی المرکّب التامّ: من أن هیئتها‏‎ ‎‏تدلّ علی إیقاع النسبة.‏

ففیه:‏ أنّ الحکایة عن النسبة الثابتة أمر تصدیقیّ، ولا شأن للمرکّب الناقص‏‎ ‎‏إلاّإفادة معنیً تصوریّاً، وإلاّ یلزم أن یحتمل المرکّب الناقص الصدق والکذب.‏

‏ومن القریب أن یکون منشأ توهّمه، هو ملاحظة المرکّب الناقص فی ضمن‏‎ ‎‏المرکّب التامّ؛ بقرینة الأمثلة التی ذکرها للمرکّب الناقص، مثل: «غلام زید قائم» أو‏‎ ‎‏«زید غلام عمرو»... إلی غیر ذلک، مع أنـّه لابدّ من ملاحظته بحیاله ومستقلاً؛ لأنّ‏‎ ‎‏صدق القضیّة الثابتة یتوقّف علی ثبوت أطرافها، فکما أنّ صدق «زید قائم» یتوقّف‏‎ ‎‏علی ثبوت طرفیه، فکذلک یتوقّف صدق «غلام زید قائم» ـ مثلاً ـ علی ثبوت الغلام‏‎ ‎‏لزیـد، وثبوت الغلام لزید فی هذه القضیّة من مقتضیات دلالة المرکّب، وهو کما‏‎ ‎‏یتوقّف علی ثبوت الغلام لزید، کذلک یتوقّف علی کونه قائماً، فأنـّی للمرکّب الناقص‏‎ ‎‏ـ لو لوحظ بحیاله ـ من الدلالة علی النسبة الثابتة.‏

‏وإن أراد بالنسبة الثابتة النسبة الذهنیّة والکلامیّة، فکلٌّ من المرکّب الناقص‏‎ ‎‏والتامّ یشترکان فیه، ولیس من شأن المرکّب الناقص فقط؛ لأنـّه کما یلاحظ «الغلام»‏‎ ‎‏و «زید»، ثمّ یوقع الربط بینهما، فکذلک یلاحظ «زید» و «قائم»، ثمّ یوقع الربط بینهما.‏

مضافاً: ‏إلی أنّ المرکّب التامّ إنّما یحکی عن النسبة الثابتة الواقعیّة تارة، وعن‏‎ ‎‏الهوهویّة التصدیقیّة اُخری، ولا معنی لحکایته عن إیقاع النسبة الذهنیّة أو الکلامیّة‏‎ ‎‏التی أوقعها المتکلّم؛ لأنـّه یکون لحاظ المتکلّم مغفولاً عنه، ولذا لا ینتقل السامع إلاّ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 153
‏إلی الثبوت الواقعی أوّلاً وبالذات، نعم، ینتقل إلی إیقاع المتکلّم ثانیاً وبالعرض.‏

‏ثمّ إنّ مُراده بقوله أخیراً: ـ إنّ مفاد النسبة الناقصة متأخّر عن مفاد النسبة‏‎ ‎‏التامّة تأخّر الوقوع عن الإیقاع ـ إن کان النسبة الواقعیّة فظاهر أنـّها لم تکن بیدالمخبر.‏

‏وإن کانت النسبة الذهنیّة والکلامیّة؛ بمعنی أنـّه بـإیقاع المتکلّم النسبة التامّة‏‎ ‎‏تقع النسبة الناقصة.‏

ففیه:‏ أنّ النسبة الناقصة لم تکن معلولة لإیقاع النسبة التامّة، بل المعلول إنّما هو‏‎ ‎‏وقوع النسبة التامّة، فإذاً إیقاع النسبة التامّة یتقدّم علی وقوعها، ووقوع ذلک الشیء‏‎ ‎‏یتأخّر عنه.‏

‏مضافاً إلی أنّ ما ذکره خلاف التبادر، کما لا یخفی.‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 154

  • )) قلت: کما أنـّه قد تکون النسبة قیداً مقوّماً للموضوع والمحمول معاً، کـ «زید العالم غلام عمرو». المقرّر
  • )) بدائع الأفکار 1: 60.