الجهة الاُولی فی طریق تشخیص کیفیّة الوضع والموضوع له
ظهر لک ممّا تقدّم إمکان تصویر الأقسام الأربعة، للوضع، بل ظهر لک إمکان تصویر الوضع والموضوع له الخاصّین بنحوین.
وأمّا فی مقام الإثبات والاستظهار فلابدّ وأن یعلم أوّلاً: أنّ الطریق إلی معرفة کیفیّة الوضع والموضوع له لابدّ وأن یکون بحسب الغالب إمّا بالتبادر أو صحّة السلب ـ بناءً علی تمامیّتها ـ ونحوهما، وواضح أنّ هذه الاُمور أمارات لتعیین أنّ الموضوع له عامّ أو خاصّ، وأمّا تعیین کون الوضع عامّاً فیما إذا أدّی التبادر ـ مثلاً ـ إلی کون الموضوع له عامّاً، أو کون الوضع خاصّاً فیما إذا أدّی التبادر إلی کون الموضوع له خاصّاً، فلا؛ لإمکان أن یکون الموضوع له عامّاً والوضع خاصّاً، أو کون الموضوع له خاصّاً والوضع عامّاً.
نعم: من لا یری إمکان تصویر کون الوضع خاصّاً والموضوع له عامّاً ـ کالمحقّق الخراسانی قدس سره ومن علی مقالته ـ یمکنه بمعونة هذا الأمر العقلی ـ وهو امتناع کون الوضع خاصّاً والموضوع له عامّاً ـ کشف کون الوضع عامّاً فیما إذا علم کون
کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 111
الموضوع له عامّاً.
وأمّامن یری إمکان هذا القسم أیضاً ـ کشیخنا العلاّمة الحائری وفاقاً للمحقّق الرشتی قدس سره ـ فلا یمکنه أن یستکشف من عموم الموضوع له کون الوضع عامّاً.
فقول شیخنا العلاّمة قدس سره: إنّه لا ریب فی ثبوت کون الوضع والموضوع له عامّین، کوضع أعلام الأجناس، لیس فی محلّه لإمکان أن یکون الوضع فیها خاصّاً، نعم للمحقّق الخراسانی قدس سره استکشاف ذلک بمعونة ذلک الأمر العقلی.
ولکن یتوجّه علیه: أنـّه لا طریق له إلی إثبات کون الوضع عامّاً فیما إذا قامت الأمارة علی کون الموضوع له خاصّاً؛ لإمکان أن یکون الوضع أیضاً خاصّاً، فإذا أمکن تصویر قسم آخر فی الوضع والموضوع له الخاصّین ـ کما تصوّرناه ـ فالأمر أشکل؛ لاحتمال أن یکون الوضع خاصّاً بذلک المعنی.
وبالجملة: إنّ مجرّد العلم بکون الموضوع له فی الحروف ـ مثلاً ـ خاصّاً، لا یکون دلیلاً علی کیّفیّة الوضع عموماً أو خصوصاً، وکذا العلم بکون الموضوع له عامّاً، لا یکون دلیلاً علی کون الوضع عامّاً أو خاصّاً، فتدبّر.
ولکن المترائی فی مثل المخترعات والمصنوعات وأسماء الأجناس، هو کون الوضع خاصّاً والموضوع له عامّاً؛ وذلک لأنّ من یخترع شیئاً یلاحظه، فیضع اللّفظ لطبیعة ما اخترعه، وکذا من یظفر بالحنطة ـ مثلاً ـ یلاحظها ویضعّ اللّفظ لطبیعة الحنطة.
کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 112
وأمّا من تکون وظیفته تعیین الألفاظ ومدالیلها ـ کأرباب اللّغة والأدب ـ فلایبعد أن یکون عندهم الوضع والموضوع له عامّین، فإنّه یلاحظ فی الضارب ـ مثلاً ـ معنی قیام الضرب بفاعلٍ ما، ویضع لفظ «الضارب» لذلک المعنی الکلی، والله العالم.
کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 113