ذکر وتعقیب : فی عدم تمامیة القول بجعل المماثل
إذا أحطت خبراً بما ذکرنا ـ مـن أنّه لو تمّ القول بجعل المماثل علـیٰ طبق مؤدّی الأمارة فمقتضاه الإجـزاء ـ یظهر لک الخلل فیما أفاده المحقّق الأصفهانی قدس سرهفإنّه قال :
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 333
مفاد القواعـد وأدلّة الأمارات علی المشهور بحسب اللبّ والواقـع وإن کان إنشاء أحکام مماثلة للواقـع ، ومقتضاه عـدم الفرق لبّاً بین الحکم بالطهارة بالقاعدة أو بدلیل الأمارة ـ حیث إنّ من أحکامها الشرطیة ، فإن کانت منشأةً حینئذٍ وکانت الصلاة مع الشرط کان الأمر کذلک علیٰ أیّ تقدیر ، وإلاّ فلا ـ إلاّ أنّ لسان الدلیل حیث إنّه مختلف فلا محالة یختلف مقدار استکشاف الحکم المماثل المنشأ بقاعدة الطهارة أو بدلیل الأمارة .
ومـن الواضـح : أنّ مفاد قولـه علیه السلام : «کلّ شیء طاهر» أو «حلال» هـو الحکـم بالطهارة أو الحلّیة ابتداءً ، مـن غیر نظـر إلیٰ واقـع یحکی عنه . والحکـم بالطهارة حکـم بترتّب آثارها وإنشاء لأحکامها التکلیفیة والوضعیـة ؛ ومنها الشرطیـة ، فلا محالة یوجب ضمّه إلی الأدلّة الواقعیـة التوسعـة فی الشرطیة ، ومثله لیس لـه کشف الخلاف ؛ لأنّ ضـمّ غیر الواقـع إلی الواقـع لم ینکشف خـلافه . بخلاف دلیل الأمارة إذا قامت علی الطهارة ؛ فإنّ معنیٰ تصدیقها وسماعها البناء علیٰ وجـود ما هـو شرط واقعاً ، فیناسبه إنشاء أحکام الشرط الموجـود ، کجـواز الدخـول فی الصلاة ، لا إنشاء الشرطیة ؛ إذ المفروض دلالة العبارة علی البناء علیٰ وجـود الطهارة الثابتة شرطیتها واقعاً بدلیلها المحکی عنها ، لا الحکم بالطهارة ابتداءً ، فإذا انکشف عـدم الطهارة واقعاً فقد انکشف وقوع الصلاة بلا شرط ، انتهی .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 334
وفیه أوّلاً : کیف ادّعی الشهرة بالقول بجعل المماثل فی الاُصول والأمارات ، ولم نعرف القائل بذلک .
نعم ، یظهر من المحقّق الخراسانی قدس سره فی مبحث الاستصحاب أنّ مقتضی الاستصحاب جعل الحکم المماثل علیٰ طبق مؤدّی الاستصحاب .
وثانیاً : أنّه لو تمّ القول بجعل المماثل یلزم التفصیل بین الاُصول والأمارات المثبتة للأحکام ، والنافیة لها ؛ لأنّه لا معنیٰ لجعل الحکم المماثل فی الأمارة الجاریة لنفی الحکم ؛ لأنّه لم یکن فیها البناء علیٰ وجود ما هو شرط واقعاً . فلو تمّ القول بجعل المماثل فلابدّ وأن یکون مخصوصاً بالأمارات المثبتة للتکلیف .
وثالثاً : لو تمّ القول بجعل المماثل فمقتضاه جعل طهارة مماثلة للطهارة الواقعیة فی ترتیب جمیع الآثار ، لا خصوص جواز الدخول فی الصلاة کما ذکره .
وبالجملة : لو تمّ حدیث جعل المماثل فی الأمارة فمقتضاه ترتّب آثار ما للواقع علیٰ مؤدّی الأمارة ، لا جواز الدخول فی الصلاة فقط ـ کما هو الشأن فی الاُصول ـ ومقتضیٰ ذلک الإجزاء .
فظهر ممّا ذکرنا : أنّ القول بجعل المماثل تلازم القول بالإجزاء . ولکن الذی یسهّل الخطب هو عدم وجود دلیل ـ لا ثبوتاً ولا إثباتاً ـ فی المسألة یکون مفاده وجوب العمل علیٰ طبقه .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 335