المقصد الأوّل فی الأوامر

ذکر وتعقیب‏: فی عدم تمامیة القول بجعل المماثل

ذکر وتعقیب : فی عدم تمامیة القول بجعل المماثل

‏ ‏

‏إذا أحطت خبراً بما ذکرنا ـ مـن أنّه لو تمّ القول بجعل المماثل علـیٰ طبق مؤدّی‏‎ ‎‏الأمارة فمقتضاه الإجـزاء ـ یظهر لک الخلل فیما أفاده المحقّق الأصفهانی ‏‏قدس سره‏‏فإنّه قال :‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 333
‏مفاد القواعـد وأدلّة الأمارات علی المشهور بحسب اللبّ والواقـع وإن کان إنشاء‏‎ ‎‏أحکام مماثلة للواقـع ، ومقتضاه عـدم الفرق لبّاً بین الحکم بالطهارة بالقاعدة أو بدلیل‏‎ ‎‏الأمارة ـ حیث إنّ من أحکامها الشرطیة ، فإن کانت منشأةً حینئذٍ وکانت الصلاة مع‏‎ ‎‏الشرط کان الأمر کذلک علیٰ أیّ تقدیر ، وإلاّ فلا ـ إلاّ أنّ لسان الدلیل حیث إنّه‏‎ ‎‏مختلف فلا محالة یختلف مقدار استکشاف الحکم المماثل المنشأ بقاعدة الطهارة أو‏‎ ‎‏بدلیل الأمارة .‏

‏ومـن الواضـح : أنّ مفاد قولـه ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«کلّ شیء طاهر»‎[1]‎‏ أو ‏«حلال»‎[2]‎‏ هـو‏‎ ‎‏الحکـم بالطهارة أو الحلّیة ابتداءً ، مـن غیر نظـر إلیٰ واقـع یحکی عنه . والحکـم‏‎ ‎‏بالطهارة حکـم بترتّب آثارها وإنشاء لأحکامها التکلیفیة والوضعیـة ؛ ومنها‏‎ ‎‏الشرطیـة ، فلا محالة یوجب ضمّه إلی الأدلّة الواقعیـة التوسعـة فی الشرطیة ، ومثله‏‎ ‎‏لیس لـه کشف الخلاف ؛ لأنّ ضـمّ غیر الواقـع إلی الواقـع لم ینکشف خـلافه .‏‎ ‎‏بخلاف دلیل الأمارة إذا قامت علی الطهارة ؛ فإنّ معنیٰ تصدیقها وسماعها البناء علیٰ‏‎ ‎‏وجـود ما هـو شرط واقعاً ، فیناسبه إنشاء أحکام الشرط الموجـود ، کجـواز‏‎ ‎‏الدخـول فی الصلاة ، لا إنشاء الشرطیة ؛ إذ المفروض دلالة العبارة علی البناء علیٰ‏‎ ‎‏وجـود الطهارة الثابتة شرطیتها واقعاً بدلیلها المحکی عنها ، لا الحکم بالطهارة ابتداءً ،‏‎ ‎‏فإذا انکشف عـدم الطهارة واقعاً فقد انکشف وقوع الصلاة بلا شرط ، انتهی‏‎[3]‎‏ .‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 334
وفیه أوّلاً :‏ کیف ادّعی الشهرة بالقول بجعل المماثل فی الاُصول والأمارات ، ولم‏‎ ‎‏نعرف القائل بذلک .‏

‏نعم ، یظهر من المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ فی مبحث الاستصحاب أنّ مقتضی‏‎ ‎‏الاستصحاب جعل الحکم المماثل علیٰ طبق مؤدّی الاستصحاب‏‎[4]‎‏ .‏

وثانیاً :‏ أنّه لو تمّ القول بجعل المماثل یلزم التفصیل بین الاُصول والأمارات‏‎ ‎‏المثبتة للأحکام ، والنافیة لها ؛ لأنّه لا معنیٰ لجعل الحکم المماثل فی الأمارة الجاریة لنفی‏‎ ‎‏الحکم ؛ لأنّه لم یکن فیها البناء علیٰ وجود ما هو شرط واقعاً . فلو تمّ القول بجعل‏‎ ‎‏المماثل فلابدّ وأن یکون مخصوصاً بالأمارات المثبتة للتکلیف .‏

وثالثاً :‏ لو تمّ القول بجعل المماثل فمقتضاه جعل طهارة مماثلة للطهارة الواقعیة‏‎ ‎‏فی ترتیب جمیع الآثار ، لا خصوص جواز الدخول فی الصلاة کما ذکره .‏

‏وبالجملة : لو تمّ حدیث جعل المماثل فی الأمارة فمقتضاه ترتّب آثار ما للواقع‏‎ ‎‏علیٰ مؤدّی الأمارة ، لا جواز الدخول فی الصلاة فقط ـ کما هو الشأن فی الاُصول ـ‏‎ ‎‏ومقتضیٰ ذلک الإجزاء .‏

‏فظهر ممّا ذکرنا : أنّ القول بجعل المماثل تلازم القول بالإجزاء . ولکن الذی‏‎ ‎‏یسهّل الخطب هو عدم وجود دلیل ـ لا ثبوتاً ولا إثباتاً ـ فی المسألة یکون مفاده‏‎ ‎‏وجوب العمل علیٰ طبقه .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 335

  • )) المقنع : 15 ، مستدرک الوسائل 2 : 583 ، کتاب الطهارة ، أبواب النجاسات ، الباب30 ، الحدیث4 .
  • )) الکافی 5 : 313 / 40 ، وسائل الشیعة 12 : 60 ، کتاب التجارة ، أبواب ما یکتسب به ، الباب4 ، الحدیث4 .
  • )) نهایة الدرایة 1 : 392 ـ 395 .
  • )) کفایة الاُصول : 444 ـ 445 .