المورد الأوّل : فی حکم الإعادة فی الوقت لو ارتفع الاضطرار فیه
موضوع البحث فی هذا المورد هو فیما إذا اضطرّ المکلّف فی أوّل الوقت أو فی أثنائه وکان المکلّف مأموراً بالأمر الاضطراری ثمّ أتیٰ بالمأمور به بالأمر الاضطراری مع جمیع شرائطه وخصوصیاته الدخیلة فیه عقلاً وشرعاً ، ثمّ ارتفع الاضطرار وحصل له حالة الاختیار فی الوقت .
فإذا لم یکن مضطرّاً فـی بعض الوقت ـ بأن کان مضطـرّاً فی تمام الوقت ـ فخارج عـن موضـوع هـذا المورد وداخل فی موضوع البحث فـی المـورد الثانـی . کما أنّه لـو لم یکن مأمـوراً فی تلک المدّة ـ بأن کان الاضطـرار فـی تمام المدّة موضوعاً للإتیان ـ خارج عن موضوع البحث ؛ لأنّ البحث فی الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری ، وهو فرع وجود الأمر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 306
وبالجملة : موضوع البحث ومحلّه فی الإعادة فی الوقت إنّما هو إذا اضطرّ فی بعض الوقت وأتیٰ بما اضطرّ إلیه ، وکان فی بعض الوقت موضوعاً للإتیان بالفرد المأمور به .
إذا عرفت هذین الأمرین فنقول :
نزاع إجزاء الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری عن المأمور به بالأمر الواقعی لم یکن مخصوصاً بما إذا قلنا بتعدّد الأمر ـ کما ربّما یتوهّم ـ بل یجری وإن قلنا بوحدة الأمر أیضاً ، وإن کان القول بالإجزاء فی صورة وحدة الأمر واضحاً .
وذلک لأنّه إن قلنا ـ کما هو المختار ـ بأنّه لیس هناک إلاّ أمر واحد متعلّق بالطبیعة ـ کالأمر بالصلاة مثلاً ـ من دون أن یکون للحالات الطارئة للمکلّف ؛ من قدرته وعجزه أمر علیٰ حدة ، بل کلّ من الصلاة قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً ـ مثلاًـ من أفراد الطبیعة المأمور بها فیصحّ النزاع فی الاکتفاء بالفرد الاضطراری عن الفرد الاختیاری .
ولکن التحقیق یقتضی الإجزاء ، وذلک : إذا تعلّق الأمر بالصلاة ـ مثلاً ـ ثمّ بیّن أنّه یشترط فیها الطهارة المائیة ـ مثلاً ـ فی صورة وجدان الماء ، والطهارة الترابیة عند فقدان الماء .
ومقتضی إطلاق قوله تعالیٰ : «فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً» شموله للمضطرّ فی برهة من الزمان ، وإن علم زوال عذره فی الوقت . فإذا صلّیٰ مع الطهارة الترابیة یسقط الأمر بالصلاة ، کما یسقط بإتیان الصلاة مع الطهارة المائیة .
فبالحقیقة : یکون المکلّف مخیّراً شرعاً ـ ولا أقلّ عقلاً ـ بین إتیان الفرد الاختیاری لو صبر إلیٰ زوال الاضطرار ، وبین إتیانه الفرد الاضطراری . فمرجع
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 307
البحث فی الحقیقة إلی أنّ الإتیان بفرد من المأمور به بالأمر الواقعی مجزٍ أم لا . وقد عرفت فی المقام الأوّل ـ بما لعلّه لا مزید علیه ـ حدیث الإجزاء علی القول بوحدة الأمر ، فتدبّر .
وأمّا إن قلنا هنا بتعدّد الأمر ؛ بأن تعلّق أحدهما بنفس طبیعة الصلاة مع الطهارة المائیة ـ مثلاً ـ وأمر آخر بالصلاة مع الطهارة الترابیة ، فللبحث عن إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراری عن المأمور به بالأمر الواقعی مجال واسع .
فنقول : إنّ المطلوبین کالأمرین إمّا مستقلاّن فی المطلوبیة أو لا یکون کذلک ، فإن لم یکن المطلوب الثانی مطلوباً آخر ، بل ذکر لضیق البیان فی حدود المطلوب الأوّل ، کما إذا فرضنا أنّ القیود الجائیة من قبل الآمر ، کقصد الأمر ـ مثلاًـ لا یمکن إیجابه علی المکلّف بأمر واحد ، ولکن یمکن ذلک بأمرین ، وظاهر أنّ الأمر الثانی إنّما جیء به لتحدید حدود المأمور به بالأمر الأوّل ، من دون أن یکون له استقلالیة ومطلوبیة ، بل الذی تعلّق به المصلحة هو المأمور به الأوّل ، والتوصّل إلی الأمر لامتناع أخذ القیود الکذائیة فی متعلّق أمره .
ومن هذا القبیل لو قلنا فی الأجزاء والشرائط والموانع بأنّه لا یمکن أن یأمر بطبیعة ثمّ ینتزع منه الجزئیة والشرطیة والمانعیة ، بل لابدّ فی جعل تلک الاُمور من التوصّل إلی أمر آخر . فالأمر الثانی المثبت للجزئیة أو الشرطیة أو المانعیة لبیان حدود المأمور به بالأمر الأوّل .
وبالجملة : أنّ الأمـر الثانی فی مثل تلک الاُمور جـیء به لضیق البیان ، فلم تکن لإفادة مطلوب مستقلّ ، بل لإفادة خصوصیات الأمر الأوّل وبیان ما له دخل فـی الغـرض ، فهذا فـی الحقیقة یرجـع إلی الأمـر الأوّل ؛ وهـو کون الأمـر والمأمور واحداً . فمقتضی القاعدة فی هذه الصورة الإجزاء ، کما عرفت أنّ مقتضی القاعدة فی صورة کون الأمر والمأمور واحداً الإجزاء .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 308
وأمّا إذا کان المطلوبان مستقلّین فی المطلوبیة ، ولکن قام الدلیل من الخارج علیٰ عدم وجوب الزائد علی الواحد ، کما هو الشأن بالنسبة إلی الصلاة ؛ حیث قام الإجماع علیٰ أنّ الواجب علی المکلّف فی الفرائض الیومیة ـ کفریضة الصبح مثلاً ـ لیس إلاّ صلاة واحدة ، فیستکشف من الدلیل الخارجی التخییر بین إتیان الصلاة ـ مثلاًـ بالطهارة المائیة ، وبین إتیانها بالطهارة الترابیة إذا تعذّر استعمال الماء .
فإذا صلّیٰ عند تعذّر الماء بالطهارة الترابیة فلا وجه لعدم الإجزاء ؛ بداهة أنّه إذا کانت للطبیعة أفراد فللمکلّف أن یأتی بأیّ فرد منها ، ومع الإتیان بأیّ فرد منها فلابدّ وأن یجتزی به .
وتوهّم عدم الإجزاء بالفرق بین الأفراد العرضیة والطولیة ؛ فإذا کانت للطبیعة أفراد عرضیة یجتزی بأیّ فرد منها ، وأمّا إذا کانت لها أفراد طولیة ـ کما فیما نحن فیه ـ فلا یجتزی به بعد تبدّل حاله فی الوقت إلی حال الاختیار .
مدفوع بأنّ الفرق غیر فارق ؛ وذلک لأنّه لو قلنا بأمرین ومطلوبین تعلّق أحدهما بالصلاة مع الطهارة المائیة عند وجدان الماء ، والآخر بالصلاة مع الطهارة الترابیة عند فقدان الماء ـ وثبت من الخارج کالإجماع أو غیره علیٰ عدم وجوب الزائد من صلاة واحدة ـ یکون مقتضاه تخییر المکلّف إتیان أیّهما شاء ، وتکون النتیجة الإجزاء ، هذا .
ولکن لو فرضنا کـون المطلوبین کالأمـرین مستقلّین فی المطلوبیة مـوجبین لتعـدّد المطلـوب ؛ بحیث یکون للصلاة مـع الطهارة المائیـة ـ مثلاً ـ مصلحـة غیر ما للصلاة مـع الطهارة الترابیـة ، فیکونا أشبه شیء بالصلاة والصـوم . فکما أنّهما طبیعتان وماهیتان غیـر مرتبط إحداهما بالاُخـریٰ ، والطلب المتعلّق بإحـداهما غیر الطلب المتعلّق بالاُخـریٰ ، وامتثال إحـداهما غیر مجـزٍ عن امتثال الاُخـریٰ ، فکذلک فیما نحـن فیه ؛ فیمکن أن یقال : إنّ الأمـر المتعلّق بإحداهما غیر الأمـر المتعلّق
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 309
بالاُخـریٰ ، وامتثال إحـداهما غیر مجـزٍ عـن الامتثال بالاُخریٰ .
وبالجملة : محلّ البحث فی الإجزاء وعدمه إنّما هو فیما لو قلنا بتعدّد الأمر ؛ بحیث یکون متعلّق أحدهما غیر الآخر ، نظیر کفّارة الظهار فإنّها تجب علی المُظاهِر أوّلاً تحریر الرقبة ، فإن لم یقدر فصیام شهرین متتابعین ، وإن لم یقدر فإطعام ستّین مسکیناً . فکلّ منها موضوع مستقلّ ، لکن الأخیرین عند قصور الأوّل .
فحینئذٍ للبحث عن إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراری فی الوقت ـ کالصلاة مع الطهارة الترابیة ـ بعد زوال العذر فیه عن المأمور به بالأمر الاختیاری ـ أعنی الصلاة مع الطهارة المائیة ـ مجال واسع .
ذکر المحقّق الخراسانی قدس سره مطالب بالنسبة إلیٰ مقام الثبوت بما حاصله : أنّ التکلیف الاضطراری فی حال الاضطرار إمّا یکون وافیاً بتمام مصلحة التکلیف الاختیاری أو لا ، وعلی الثانی إمّا یبقیٰ منه شیء لا یمکن استیفاؤه أو یمکن له ذلک ، وما أمکن إمّا بمقدار یجب تدارکه أو یستحبّ .
فإن کان وافیاً بتمام المصلحة فیجزی فلا یبقیٰ مجال أصلاً للتدارک ، وکذا لو لم یکن وافیاً ولکن لا یمکن تدارکه ، ولا یکاد یسوغ له البدار إلاّ لمصلحة کانت فیه .
وإن لم یکن وافیاً بالمصلحـة ولکن أمکن تدارک الباقـی فی الوقت أو مطلقاً ـ ولـو بالقضاء خارج الوقت ـ فإن کان الباقی ممّا یجب تدارکه فلا یجـزی ولابـدّ من الإعادة أو القضاء ، وإلاّ فیجـزی ولا مانـع من البدار فی الصـورتین . . . إلی أن قال فی مقام الإثبات : إنّ مقتضیٰ إطلاق دلیل الاضطراری کقوله تعالیٰ : «فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعیداً طَیِّباً» وقوله علیه السلام : «التراب أحد الطهورین» ، «ویکفیک عشر
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 310
سنین» هـو الإجزاء وعـدم وجوب الإعادة أو القضاء ، فلابدّ مـن اتّباع الإطلاق لـو کان ، وإلاّ فالأصل یقتضی البراءة مـن إیجاب الإعادة ؛ لکـونه شکّاً فـی أصل التکلیف ،انتهی ملخّصاً.
وأطال المحقّق العراقی قدس سره فیما أفاده المحقّق الخراسانی فلاحظ .
وواضح : أنّ ما أفاده المحقّق الخراسانی قدس سره فی مقام الثبوت خارج عن محیط فهمنا وتبعید للمسافة . مع أنّه خارج عن محلّ البحث ؛ لأنّ البحث ممحّض فی وجود الإطلاق ، والعلم باستیفاء المصلحة وعدمه لو کان فإنّما هو من غیر ناحیة إطلاق الدلیل . هذا فیما أفاده قدس سره فی مقام الثبوت .
وأمّا فیما أفاده فی مقام الإثبات : فلا یخلو عن نظر أیضاً ، یظهر لک ذلک فیما نذکر فی شقوق المسألة وصورها . وقبل الشروع فیها نذکر مقدّمة فی بیان معنی الإطلاق فی ناحیة المُبدل منه وفی ناحیة البدل ، فنقول :
مقتضی إطلاق المبدل منه هو لزوم الإتیان بمتعلّقه فی الوقت المضروب له المحدود بین الحدّین ، فإن ارتفع العذر فی بعض الوقت یجب أن یؤتیٰ به فی ذلک الوقت ، ولا یضیق الواجب بتضییق الوقت ؛ لأنّ الواجب هو نفس الطبیعة والمضیّق ـ حسب الفرض ـ هو إتیان فرد من الواجب . فالقول بصیرورة الواجب مضیّقاً عند تضییق وقته لا یخلو عـن تسامـح .
وبالجملـة : مقتضیٰ إطلاق دلیل الصلاة مـع الطهارة المائیة بین الحدّین هـو لـزوم إتیانها فـی أیّ جـزءٍ من أجزاء الزمان المضـروب له ، فإذا زال العـذر فی أثناء
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 311
الوقت یجب إتیان الصلاة مع الطهارة المائیة .
وأمّا مقتضیٰ إطلاق دلیل البدل هو أنّه فی صورة تعذّر المبدل منه یجوز الإتیان بالبدل بمجرّد التعذّر ، فلا یجب الصبر إلی آخر الوقت . مثلاً إن کان لقوله تعالیٰ : «فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً» إطلاق ، فمعناه أنّه بمجرّد فقدان الماء یجوز له إتیان الصلاة متیمّماً .
إذا عرفت ذلک فنقول : فتارة یکون لکلّ من دلیل المبدل والبدل إطلاق ، واُخریٰ لا یکون لشیء منهما إطلاق ، وثالثة یکون لدلیل البدل إطلاق دون دلیل المبدل ، ورابعة بالعکس یکون لدلیل المبدل إطلاق دون البدل .
ففی الصورة الاُولیٰ : لا وجه لإجزاء إتیان المأمور به بالأمر الاضطراری عن المأمور به بالأمر الواقعی ؛ وذلک لأنّ مقتضیٰ إطلاق دلیل البدل لیس إلاّ جواز البدار فی إتیانه وسقوط أمره لدی امتثاله لا سقوط دلیل المبدل ، مع أنّ مقتضیٰ إطلاق دلیل المبدل وجوب إتیان متعلّقه مهما أمکن ، فبعد زوال العذر لابدّ من امتثاله .
وبعبارة اُخریٰ : مقتضیٰ إطلاق دلیل المبدل کونه مطلوباً علیٰ سبیل الإطلاق ـ امتثل أمر البدل أم لا ـ وإطلاق دلیل البدل لا یضادّ إطلاق دلیل المبدل ، ولا یدلّ علیٰ سقوط الإعادة ؛ لما أشرنا أنّ غایة إطلاقه هو جواز الإتیان به عند الاضطرار ، ولا دلالة علیٰ إجزائه عن المأمور به بأمر آخر .
نعم ، لو ثبت أحد هذه الاُمور فیمکن القول بالإجزاء ؛ فإمّا نقول بدلالة دلیل البدل علی استیفاء متعلّقه تمام مصلحة الأمر المتعلّق بالمبدل ، أو دلالته علی استیفاء مقدار من مصلحة المبدل ویبقی مقداراً لا یجب تدارکه ، أو لا یمکن تدارکه ، أو یکون دلیل البدل دالاًّ علیٰ سقوط دلیل المبدل .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 312
فلو ثبت أحد هذه الاُمور یمکن القول بإجزاء المأمور به بالأمر الاضطراری عن المأمور به بالأمر الواقعی . ولکن الـذی یقتضیه دقیق النظـر عـدم استفادة شـیء مـن ذلک من إطـلاق دلیل البدل :
أمّا عدم دلالة البدل علی استیفائه تمام مصلحة المبدل فظاهر أنّ تشریع البدل إنّما هو فی صورة التعذّر عن درک مصلحة المبدل ، وإلاّ فلو کان واجداً لتمام مصلحة المبدل فلابدّ وأن یجب فی عرض وجوب مبدله .
وإن کان فی خواطرک ریب فیما ذکرنا فأعرضه علی العرف والعقلاء تراهم أصدق شاهد علیٰ ما ذکرنا . مثلاً لو قال المولیٰ لعبده : «أضف العالم ، فإن لم تقدر علی الضیافة فسلِّم علیه» فلا یفهم العقلاء من ذلک أنّ مصلحة السلام وافیة بتمام مصلحة الضیافـة ، بل یفهمون أنّه فی صورة تعذّر الوصول إلی المصلحة العالیة ینبغی أن لاتترک المصلحة الدانیة .
وبالجملة : لو اُخذ عنوان الاضطراری فی موضوع فمعناه هو أنّه فی صورة ذهاب المصلحة المهمّة لا یجوز للشخص أن یکون فی حالة یذهب عنه تمام المصلحة ، بل یأتی بمقدار منها ؛ ولذا یقال له : «بدل الاضطراری» . فالمطلوب الواقعی والحقیقی هو الأوّل ؛ ولذا لا یرضیٰ الشرع والعرف أن یخرج الشخص نفسه عن موضوعه عمداً ، بل یلومونه ویوبّخونه جدّاً ؛ ولذا لو أمکن المکلّف فی حال الاضطرار إتیان المأمور به بالأمر الواقعی فیجب علیه .
وإیّاک أن تختلط عنـوان الاضطـرار بعنوان المسافر ؛ لوضـوح الفرق بینهما فإنّ عنوانـی المسافر والحاضـر عنوانان عرضیان ، وللمکلّف من أوّل الوقت المضروب للصلاة إلی آخـره أن یجعل نفسه مصداقاً لکلّ من عنوانی الحاضـر والمسافر ؛ فمن کان حاضـراً یتمّ صلاته ، ومـن کان مسافراً یقصّر ، وقـد ورد البراءة ممّن تمّ صلاته
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 313
فی السفر .بخلاف عنوانی الاختیار والاضطرار فإنّهما عنوانان طولیان تکون مصلحة العنوان الاضطراری دون مصلحة العنوان الاختیاری ، والعرف والعقلاء أصدق شاهد علیٰ ذلک ، وهم ببابک فاختبرهم .
فظهر : أنّه لا یستفاد من دلیل البدل وفاؤه بتمام مصلحة المبدل .
وأمّا دلالتـه علیٰ وفائـه مقداراً من مصلحة المبـدل بحیث لا یجب تدارک ما بقـی منه ، أو لا یمکن تدارکه ، أو دلالتـه علیٰ سقوط الأمـر بالمبدل ، فلا یستفاد شیء من ذلک ؛ لما أشـرنا أنّ مقتضیٰ دلیل الاضطراری ـ کـدلیل التیمّم عند فقـدان الماء مثلاً ـ هـو جـواز الصلاة مـع الطهارة الترابیة ، مـن دون أن یکون دالاًّ علـی استیفائه مقداراً مـن مصلحـة المبدل بحیث یبقـیٰ مقدار لا یجب استیفاؤه ، أو لا یمکن استیفاؤه ، أو دالاًّ علیٰ سقـوط الأمر بالمبدل ، کلّ ذلک خارج عن مقتضی إطـلاق دلیل البدل .
نعم ، لا یبعد أن یستفاد من إطلاق دلیل البدل ودلیل الاضطرار أنّ متعلّقه وافیاً بمصلحة مهمّة ، وإلاّ لما وجب . ولکن یرفعه إطلاق دلیل المبدل ، وأنّه یجب استیفاؤه عند التمکّن منه فی الوقت .
هذا فیما إذا کان لکلّ من دلیل البدل أو المبدل إطلاق .
وأمّا إذا کان لدلیل المبدل إطلاق دون البدل ، فعدم الإجزاء واضح لا یحتاج إلیٰ تجشّم البیان .
وأمّا إذا کان لدلیل البدل إطلاق دون المبدل ، فهو مثل ما لو لم یکن لشیء منهما إطلاق یظهر حالهما ممّا نذکره فی الخاتمة فی حکم الشکّ ، فارتقب حتّیٰ حین .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 314