ذکر وتنبیه : فی الصلاة المعادة
ربّما یستدلّ لجواز تبدیل الامتثال بامتثال آخر بما ورد من جواز إعادة من صلّیٰ فرادیٰ جماعةً وإنّ الله یختار أحبّهما إلیه ، وعلیه فتوی الأصحاب .
وممّن استدلّ بذلک المحقّق الخراسانی قدس سره ؛ فإنّه بعد أن ذهب إلیٰ جواز تبدیل الامتثال بامتثال آخر فیما لم یکن الامتثال علّة تامّة لحصول الغرض .
قال : «یؤیّد ذلک ـ بل یدلّ علیه ـ ما ورد من الروایات فی باب إعادة من صلّیٰ فرادیٰ جماعةً ، وإنّ الله یختار أحبّهما إلیه» .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 303
وفیه : أنّ ما استشهد قدس سره علیٰ جواز تبدیل الامتثال لو لم یدلّ علیٰ عدم الجواز لم یکن دلیلاً علی الجواز ؛ وذلک لأنّه لو لم یکن الأمر بالصلاة ساقطاً بما صلاّه فرادیٰ لابدّ وأن لا یدعو الأمر الثانی إلاّ إلیٰ ما دعیٰ إلیه الأمر الأوّل ؛ وهو نفس طبیعة الصلاة . ولکن من الواضح أنّ مفاد أدلّة الصلاة المعادة جماعة لیس نفس طبیعة الصلاة ، بل الطبیعة المتقیّدة بکونها جماعة ، فإذا کانت دعوة الأمر الثانی إلیٰ غیر ما دعیٰ إلیه الأمر الأوّل فیستکشف من ذلک إنّاً عدم بقاء الأمر الأوّل ، ولا یکون ذلک دلیلاً علیٰ جواز تبدیل الامتثال .
وبالجملة : أنّ الأمر بالصلاة قد سقط بالإتیان بها أوّلاً فرادیٰ ، ولکن دلّت الأخبار علی استحباب فعلها جماعة لو اتّفقت ؛ لأنّها أفضل ، وإنّ الله یختار أحبّهما .
هذا کلّه فی الجهة الاُولیٰ ، وقد عرفت عدم إمکان تبدیل الامتثال .
أمّا الجهة الثانیة :
وهـی أنّه بعـد امتناع تبدیل الامتثال هل یجـوز تبدیل مصداق مـن الطبیعة التی أتـیٰ به المکلّف بعنوان المصداق ، بمصداق آخـر مـن تلک الطبیعة التی کانت
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 304
مأمـورة بها وسقطت مطلقاً ، أو لا کـذلک ، أو یفصّل ؟
فنقول : الحقّ فیها التفصیل بین ما لو کان الإتیان علّة تامّة لحصول الغرض فلایجوز ، وبین ما لم یکن کذلک فیجوز .
ووجهه واضح ؛ لأنّه إذا کان الإتیان علّة تامّة لحصول الغرض فبعد حصوله لا معنیٰ لتحصیله ثانیاً ، ولا یکون ذلک امتثالاً وإطاعة ، بل ربّما یُعدّ إتیان الثانی مبغوضاً للمولیٰ ، مثل ما إذا کان العبد مأموراً بإعطاء ألف دینار برجلٍ ، فلو لم یکتف بذلک وأعطاه ألفاً آخر لتضرّر المولیٰ بذلک ولا یرضیٰ به ، وهذا واضح .
وأمّا إذا لم یکن الإتیان علّة تامّة لحصول الغرض ـ وإن کان علّة لسقوط الأمر ـ فیجوز له ذلک ؛ وذلک لأنّه إذا أتی العبد بمصداق من الطبیعة ؛ بأن أتیٰ مولاه بقدح من الماء ، فقبل أن یشربه المولیٰ له تبدیل ذلک القدح بقدح زجاجی ، بل یُعدّ فعله ذلک حسناً ، من دون احتیاج فی ذلک إلیٰ وجود الأمر .
بل إذا علم العبد أنّ للمولیٰ غـرض لازم الاستیفاء ، کأن غـرق ولـد عزیز لمولاه ، فیجب علی العبد إنقاذه وإن لم یأمـره مـولاه ؛ بأن کان غافلاً أو نائماً أو غائباً . بل إذا نهاه المولیٰ عـن إنقاذ الغـریق بتوهّم أنّ الغـریق عدوّه ، یجب علـی العبد مخالفته وإنقاذ ولده .
وبالجملة : لم یکن للأمر موضوعیة ولم یکن ملحوظاً برأسه ، بل هو طریق یتوصّل به إلی الأغراض والمصالح ؛ ولذا لو أمکن للمولیٰ طریق آخر یتوصّل به إلیٰ غرضه لتشبّث به أیضاً ؛ حتّیٰ فی التعبّدیات . والحاصل : أنّه إذا لم یکن الإتیان بالمأمور به علّة تامّة لحصول الغرض فالعقل یحکم بجواز إتیان مصداق آخر أوفیٰ ، لا من باب تبدیل الامتثال ، بل من باب تحصیل الغرض ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 305