تذییل : فیما یترتب علی القول بالفور
ثمّ إنّه لو قلنا باستفادة الفوریة من الأمر فهل یستفاد منه أنّه إذا لم یأت بالمأمور به فوراً فهل یجب إتیانه فوراً ففوراً ، أم لا ؟ وجهان .
قد یمثّل للواجب الذی إذا لم یأت به فوراً یجب إتیانه فی ثانی الزمان وثالثها وهکذا بصلاة الآیات فی مورد الزلزلة .
لا وجه لإثبات الفوریة من ناحیة هیئة الأمر أو مادّته ؛ بأن یکون لفظ الأمر بمادّته أو هیئته أو مجموعهما دالّة بالدلالة اللفظیة علیٰ لزوم إتیان المأمور به فوراً ، ولو ترکه فی أوّل الوقت فیجب إتیانه فی ثانی الزمان ، وهکذا .
ولا أظنّ قائلاً بذلک ، فلو وجب کذلک فإنّما هـو مـن الخارج ومـن غیر ناحیة لفظ الأمـر ؛ إمّا مـن ناحیـة مقایسـة العلل الشرعیـة بالعلل التکوینیـة ـ کما ذهب إلیه شیخنا العلاّمـة الحائری قدس سره کما أشـرنا ـ أو مـن ناحیـة آیتی الاستباق والمسارعـة ونحوهما .
أمّا حدیث المقایسة : فلو تمتّ فغایة ما تقتضیها هی أنّه کما یمتنع الانفکاک بین
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 272
العلل التکوینیة ومعالیلها ، فکذلک فی العلل التشریعیة ، فیجب إتیان المأمور به فوراً . وأمّا إذا لم یأت به فوراً وتخلّف المعلول عن علّته فلا یمکن أن یستفاد وجوب إتیانه فی ثانی الزمان وهکذا ، کما لا یخفیٰ .
وأمّا لو استفیدت الفوریة من الآیتین ونحوهما ـ علی تقدیر تمامیة الدلالة علیٰ لزوم إتیان المأمور به فوراً ـ فنقول : إمّا أن یحرز تقیید هذه الأدلّة ، الأدلّةَ الأوّلیة من وجوب الصلاة والحجّ ونحوهما ، أو یحرز عدم تقییدها للأدلّة الأوّلیة ، وغایة ما فی الباب هی أنّها بصدد بیان المطلوب الأعلیٰ والآکد . أو لم یحرز شیء منهما .
وعلیٰ أیّ تقدیر : إمّا أن یکون للأدلّة الأوّلیة إطلاق ، أم لا .
فإن اُحرز کون الفوریة قیداً للأدلّة الأوّلیة ـ سواء کان لها إطلاق أم لا ـ فلا یمکن استفادة لزوم إتیانها فوراً بعد أن ترکها فی أوّل الأوقات ، بل لا یکون مطلوباً فی ثانی الأوقات وثالثها وهکذا .
وإن اُحرز عـدم کـون الفوریة قیداً لها ، أو شککنا فـی التقیید فإن کان للأدلّة الأوّلیة إطـلاق فیؤخذ به ویرفع الشکّ بسببه . ومقتضاه لـزوم الإتیان بالمأمـور به فـوراً ففوراً .
وذلک لأنّه بمقتضی أصالة الإطلاق تکون ذات الصلاة ـ مثلاً ـ موضوعة للحکم وخیراً فی عمود الزمان ، ولم تکن خیریتها مخصوصة بأوّل الوقت . وهذه الأدلّة دلّت علیٰ لزوم إتیان الخیر وسبب المغفرة فوراً ؛ فیلزم الإتیان بالمأمور به فی ثانی الوقت ، ولو ترک ففی ثالث الوقت ، وهکذا .
وأمّا إن لم تکن للأدلّة الأوّلیة إطلاق ، وشکّ فی التقیید فلم یکن هناک محلاًّ لأصالة الإطلاق . ولکن الاستصحاب جارٍ ومنقّح لموضوع الدلیل الاجتهادی .
مثلاً : إذا قال الآمر : «أکرم العالم» ولم یکن له إطلاق یؤخذ به فی صورة الشکّ فی بقاء علمه ، فیستصحب بقاء علمه . ومقتضاه تنقیح موضوع قوله : «أکرم العالم» .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 273
وفیما نحـن فیه أیضاً کـذلک ؛ لأنّ قوله : «صـلّ» تعلّق بإیجاد طبیعـة الصـلاة ، والمفـروض : أنّه لم یکـن لـه إطـلاق . وآیتا الاستباق والمسارعـة وغیرهما دلّت علیٰ لـزوم إتیانها فـی أوّل الوقت ، وشکّ فـی کونه قیداً لـذلک ؛ فیقال : الصـلاة کانت خیراً فـی أوّل وقتها ، وبعـد التخلّف عـن إتیانها فـوراً لـو شکّ فی خیریتـه فیستصحب الخیریـة . وبجـریان هـذا الاستصحاب ینقّح موضـوع الـدلیل الاجتهادی ؛ وهـو قولـه تعالیٰ : «فَاسْتَبِقُوا الْخَیْرَاتِ» مثلاً ؛ فیجب إتیانها فوراً ففوراً ، فتدبّر واغتنم .
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 274