الأمر الرابع عشر فـی المشتـق

الجهة الثانیة عشر فی بساطة المشتقّ وترکّبه

الجهة الثانیة عشر فی بساطة المشتقّ وترکّبه

‏ ‏

‏اختلفوا فی أنّ مفهوم المشتقّ هل هو بسیط محض لا یقبل الانحلال إلی‏‎ ‎‏الأجزاء ، أو مرکّب حقیقی ، نظیر «غلام زید» فی الدلالة علی معنیین متمیّزین ـ من‏‎ ‎‏الذات والحدث والنسبة ، أو الحدث والنسبة ، أو الحدث والذات ـ أو بسیط قابل‏‎ ‎‏للانحلال ؟ وجوه ، بل أقوال .‏

‏ومنشأ الاختلاف الکذائی فی المشتقّات دون الجوامد بلحاظ اشتمال المشتقّ علی‏‎ ‎‏المادّة والهیئة الموضوعتین کلّ واحدة منهما لمعنیً ؛ فتوهّم بعض : أنّ لکلّ منهما دلالة‏‎ ‎‏مستقلّة علیٰ معناه .‏

‏ولکن یمکن أن یقال : إنّ الهیئة وضعت لتهیّؤ المادّة بها ، لا لإفادة المعنیٰ .‏

‏وبعبارة اُخریٰ : المادّة موضوعة لنفس الحدث ، وهو غیر قابل للحمل ومتعصٍّ‏‎ ‎‏إیّاه . والهیئة وضعت لتصحیح الحمل ورفع تعصّی الحمل ، لا لإفادة معنیً آخر ، کما‏‎ ‎‏احتملناه فی هیئة المصدر بأنّها وضعت للتمکّن من التنطّق بالمادّة .‏

‏ولذا ذهب بعض بأنّ مادّة المشتقّات اُخذت بشرط لا وهیئتها لا بشرط ؛‏‎ ‎‏فصار الالتزام بذلک سبباً للقول ببساطة المشتقّ .‏

‏ثمّ إنّه ذهب ثالث إلی أمر متوسّط بین المذهبین ؛ وهو أنّ المشتقّ وضع لمعنیً‏‎ ‎‏واحد انحلالی .‏

‏لا نظنّ : وجود قائل بکون المشتقّ موضوعاً لمعنیً ترکیبی بأحد الوجوه الثلاثة‏‎ ‎‏ـ من الذات والحدث والنسبة ، أو الحدث والنسبة ، أو الحدث والذات ـ ومن قال‏‎ ‎‏بالترکیب فمراده الترکیب الانحلالی ، نظیر انحلال الجسم فی التعمّل العقلی إلی الهیولیٰ‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 83
‏والصورة ؛ فکما أنّ الجسم ینحلّ إلیهما بالنظر العقلی فکذلک المشتقّ ینحلّ إلیها .‏

فعلیٰ هذا :‏ تکون المسألة ذات قولین : أحدهما البسیط غیر القابل للانحلال ،‏‎ ‎‏والثانی : البسیط القابل لذلک .‏

‏بل یمکن أن یقال : إنّ فی المسألة فی الواقع ونفس الأمر قولاً واحداً ؛ وهو‏‎ ‎‏البسیط الانحلالی ؛ لأنّ مرجع القول بالبساطة المحضة إلی الانحلال عقلاً ـ وإن غفل‏‎ ‎‏قائله عنه ـ وذلک لأنّ اللا بشرطیة وبشرط اللائیة الموجودة فی الهیئات والأجناس‏‎ ‎‏والفصول لم یکن اعتباریاً تخیّلیاً وجزافاً صرفاً ؛ بحیث تکون زمام أمرها بید المعتبر ؛‏‎ ‎‏إن شاء اعتبر الشیء بشرط لا حتّی تعصی عن الحمل ، وإن شاء اعتبره لا بشرط‏‎ ‎‏فیصحّ الحمل . وذلک لأنّه یعتبر فی الحمل الاتّحاد بین الموضوع والمحمول بحسب‏‎ ‎‏الواقع ونفس الأمر ، لا مجرّد الاعتبار . بل جمیع المعقولات الثانویة التی اعتبرها‏‎ ‎‏المنطقیون تکون صورة ومرآة لإرائة الواقع علیٰ ما هو علیه .‏

فظهر :‏ أنّ ما یظهر من بعضهم فی تفسیر اللابشرطیة والبشرط اللائیة بغیر ما‏‎ ‎‏ذکرنا خالٍ عن التحقیق ، فتدبّر .‏

‏نعم ، توجد اللفظان فی عبارات أهل المعقول ، ومراد محقّقیهم غیر ذلک .‏‎ ‎‏والتعرّض حوله وتبیین الأمر فی ذلک وإن کان خارجاً عمّا نحن بصدده إلاّ أنّه حیث‏‎ ‎‏أورث عدم فهم مغزی المراد من اللفظین اشتباهات فی موارد کثیرة فلا بأس بالإشارة‏‎ ‎‏الإجمالیة إلیٰ مغزی المراد ؛ لکی ینفعک ـ إن شاء الله تعالیٰ ـ فنقول :‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 84