الجهة الثانیة عشر فی بساطة المشتقّ وترکّبه
اختلفوا فی أنّ مفهوم المشتقّ هل هو بسیط محض لا یقبل الانحلال إلی الأجزاء ، أو مرکّب حقیقی ، نظیر «غلام زید» فی الدلالة علی معنیین متمیّزین ـ من الذات والحدث والنسبة ، أو الحدث والنسبة ، أو الحدث والذات ـ أو بسیط قابل للانحلال ؟ وجوه ، بل أقوال .
ومنشأ الاختلاف الکذائی فی المشتقّات دون الجوامد بلحاظ اشتمال المشتقّ علی المادّة والهیئة الموضوعتین کلّ واحدة منهما لمعنیً ؛ فتوهّم بعض : أنّ لکلّ منهما دلالة مستقلّة علیٰ معناه .
ولکن یمکن أن یقال : إنّ الهیئة وضعت لتهیّؤ المادّة بها ، لا لإفادة المعنیٰ .
وبعبارة اُخریٰ : المادّة موضوعة لنفس الحدث ، وهو غیر قابل للحمل ومتعصٍّ إیّاه . والهیئة وضعت لتصحیح الحمل ورفع تعصّی الحمل ، لا لإفادة معنیً آخر ، کما احتملناه فی هیئة المصدر بأنّها وضعت للتمکّن من التنطّق بالمادّة .
ولذا ذهب بعض بأنّ مادّة المشتقّات اُخذت بشرط لا وهیئتها لا بشرط ؛ فصار الالتزام بذلک سبباً للقول ببساطة المشتقّ .
ثمّ إنّه ذهب ثالث إلی أمر متوسّط بین المذهبین ؛ وهو أنّ المشتقّ وضع لمعنیً واحد انحلالی .
لا نظنّ : وجود قائل بکون المشتقّ موضوعاً لمعنیً ترکیبی بأحد الوجوه الثلاثة ـ من الذات والحدث والنسبة ، أو الحدث والنسبة ، أو الحدث والذات ـ ومن قال بالترکیب فمراده الترکیب الانحلالی ، نظیر انحلال الجسم فی التعمّل العقلی إلی الهیولیٰ
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 83
والصورة ؛ فکما أنّ الجسم ینحلّ إلیهما بالنظر العقلی فکذلک المشتقّ ینحلّ إلیها .
فعلیٰ هذا : تکون المسألة ذات قولین : أحدهما البسیط غیر القابل للانحلال ، والثانی : البسیط القابل لذلک .
بل یمکن أن یقال : إنّ فی المسألة فی الواقع ونفس الأمر قولاً واحداً ؛ وهو البسیط الانحلالی ؛ لأنّ مرجع القول بالبساطة المحضة إلی الانحلال عقلاً ـ وإن غفل قائله عنه ـ وذلک لأنّ اللا بشرطیة وبشرط اللائیة الموجودة فی الهیئات والأجناس والفصول لم یکن اعتباریاً تخیّلیاً وجزافاً صرفاً ؛ بحیث تکون زمام أمرها بید المعتبر ؛ إن شاء اعتبر الشیء بشرط لا حتّی تعصی عن الحمل ، وإن شاء اعتبره لا بشرط فیصحّ الحمل . وذلک لأنّه یعتبر فی الحمل الاتّحاد بین الموضوع والمحمول بحسب الواقع ونفس الأمر ، لا مجرّد الاعتبار . بل جمیع المعقولات الثانویة التی اعتبرها المنطقیون تکون صورة ومرآة لإرائة الواقع علیٰ ما هو علیه .
فظهر : أنّ ما یظهر من بعضهم فی تفسیر اللابشرطیة والبشرط اللائیة بغیر ما ذکرنا خالٍ عن التحقیق ، فتدبّر .
نعم ، توجد اللفظان فی عبارات أهل المعقول ، ومراد محقّقیهم غیر ذلک . والتعرّض حوله وتبیین الأمر فی ذلک وإن کان خارجاً عمّا نحن بصدده إلاّ أنّه حیث أورث عدم فهم مغزی المراد من اللفظین اشتباهات فی موارد کثیرة فلا بأس بالإشارة الإجمالیة إلیٰ مغزی المراد ؛ لکی ینفعک ـ إن شاء الله تعالیٰ ـ فنقول :
کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 84