الأمر الرابع عشر فـی المشتـق

الجهة العاشرة فی لزوم الجامع علی الأعم

الجهة العاشرة فی لزوم الجامع علی الأعم

‏ ‏

‏ولیعلم : أنّ من یریٰ کون المشتقّ للأعمّ من المتلبّس بالمبدأ وما انقضیٰ عنه إمّا‏‎ ‎‏یقول بوضعه لکلّ من المتلبّس والمنقضی عنه بنحو الاشتراک اللفظی أو بنحو الوضع‏‎ ‎‏العامّ والموضوع له الخاصّ ، أو یقول بکون الوضع والموضوع له کلیهما عامّاً ؛ أی یقول‏‎ ‎‏بالاشتراک المعنوی .‏

‏والظاهر : أنّ القائل بالأعمّ لا یقول بالأوّلین ، بل یریٰ فسادهما ؛ فیتعیّن طریق‏‎ ‎‏إثباته بالوجه الأخیر .‏

‏فعلیه : لابدّ أوّلاً من إثبات إمکان تصویر جامع بین المتلبّس والمنقضی عنه ،‏‎ ‎‏بنحو یکون صدق الجامع علیٰ ما انقضیٰ عنه بعنوان تلبّسه فیما انقضیٰ ، کصدقه علی‏‎ ‎‏المتلبّس فعلاً بعنوان أنّه متلبّس فعلاً .‏

‏وبعبارة اُخریٰ : لابدّ للأعمّی من تصویر الجامع العنوانی التصوّری بین‏‎ ‎‏المتلبّس فعلاً وما انقضیٰ عنه ؛ بحیث یکون إطلاق المشتقّ علیٰ من تلبّس بالمبدأ‏‎ ‎‏وانقضیٰ عنه فعلاً کإطلاقه علی المتّصف به فعلاً ـ سواء کان بلحاظ الحال أو‏‎ ‎‏الاستقبال أو الماضی ـ فکما أنّه یطلق علی المتّصف فعلاً بالعلم عنوان العالم فلابدّ وأن‏‎ ‎‏یصدق أیضاً علیٰ ما انقضیٰ عنه العلم بلحاظ الانقضاء ، کصدق مفهوم الإنسان علی‏‎ ‎‏کلّ من زید وعمرو .‏

‏وأمّا مجرّد إطلاق المشتقّ بلحاظ تلبّسه فیما مضیٰ عنه فلا ؛ لأنّ القائل بوضعه‏‎ ‎‏لخصوص المتلبّس یری «زید قائم أمس» حقیقة .‏

‏والحاصل : أنّ الأعمّی لابدّ له من تصویر جامع حقیقی أو انتزاعی ؛ بحیث‏‎ ‎‏یصدق علیٰ ما انقضیٰ عنه المبدأ بعنوان أنّه انقضیٰ عنه ، وعلی المتلبّس به بعنوان أنّه‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 72
‏متلبّس به فعلاً ، ولا یصدق علیٰ من لم یتلبّس بعد . فإن أمکنه تصویر جامع ذاتی أو‏‎ ‎‏انتزاعی فیقع البحث فی تبادر الأعمّ أو خصوص المتلبّس ، وأمّا إن لم یمکنه تصویر‏‎ ‎‏الجامع الکذائی فیتعیّن القول بوضع المشتقّ لخصوص المتلبّس .‏

‏ ‏

ذکر وتعقیب

‏ ‏

‏یظهر من المحقّق العراقی ‏‏قدس سره‏‏ : أنّه یمکن تصویر الجامع بین المتلبّس والمنقضی عنه‏‎ ‎‏علیٰ بعض الأقوال فی المشتقّ ، ولا یمکن تصویره علیٰ بعض آخر .‏

‏وذلک لأنّه لو قلنا : إنّ المشتقّ موضـوع لمفهوم مرکّب مـن الـذات والمبدأ‏‎ ‎‏والنسبة ، أو قلنا بأنّه موضوع للحدث المنتسب إلی الذات ؛ بحیث تکـون النسبة‏‎ ‎‏داخله والذات خارجه ، أو قلنا بأنّه موضوع للحدث المنتسب إلیٰ ذاتٍ ما بنحوٍ‏‎ ‎‏تکون الذات والنسبة معاً خارجتین عن مفهومه ، ویکون الموضوع له عبارة عن‏‎ ‎‏الحصّة من الحدث المقترنة بالانتساب إلی ذاتٍ ما ، فیمکن تصویر الجامع بین المتلبّس‏‎ ‎‏والمنقضی عنه .‏

‏وأمّا لو قلنا بأنّ مفاده الحدث الملحوظ لا بشرط ، فی قبال المصدر واسمه‏‎ ‎‏ـ اللذین یکون مفادهما الحدث الملحوظ بشرط لا ـ فیشکل تصویر الجامع .‏

‏أمّا إمکان تصویر الجامع علی الأقوال الثلاثة الاُول ؛ فلأنّه :‏

‏علـی الأوّل منها : یکـون تصـویر الجامـع بین المتلبّس والمنقضی عنه فـی‏‎ ‎‏غایة الوضـوح ؛ لأنّ مفهوم المشتقّ علیه عبارة عـن الـذات المنتسب إلیها المبـدأ‏‎ ‎‏نسبةً ما ، ولا ریب أنّ هذا المفهوم قدر جامع بین المتلبّس والمنقضی عنه ؛ لانطباقه‏‎ ‎‏علیٰ کلّ منهما بلا عنایة .‏

‏وأمّا علی القول الثانی : فلأنّ المشتقّ عبارة عن الحدث المنتسب ـ نسبةً ما ـ إلی‏‎ ‎‏ذاتٍ ما ، وهو القدر الجامع بین المتلبّس والمنقضی عنه .‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 73
‏وأمّا علی القول الثالث : فتصویر الجامع فیه نفس تصویره علی القول الثانی .‏‎ ‎‏غایة الأمر تکون النسبة علی الثانی داخلة فی المفهوم ، وعلی القول الثالث خارجة‏‎ ‎‏عنه ، وخروجها لا یضرّ بتحدید المفهوم . هذا کلّه علی الأقوال الثلاثة .‏

‏فظهر : أنّ إمکان تصویر الجامع علی القول الثانی والثالث بمکان من الإمکان ،‏‎ ‎‏فضلاً عن القول الأوّل .‏

‏وأمّا وجه إشکال التصویر علی القول الرابع ـ وهو کون المشتقّ عبارة عن‏‎ ‎‏الحدث الملحوظ لا بشرط ـ فلعدم إمکان تصویرالجامع بین وجود الشیء وعدمه‏‎[1]‎‏ ،‏‎ ‎‏انتهی ملخّصاً .‏

أقول : فیما أفاده نظر :

‏فأوّلاً :‏‏ أنّه لا یمکن تصویر الجامع الذاتی بین المتلبّس والمنقضی عنه ؛ بداهة أنّه‏‎ ‎‏لا جامع بین الواجد والفاقد ، والموجود والمعدوم .‏

‏بل لا یمکن تصویر الجامع العنوانی والانتزاعی أیضاً ؛ بحیث یشمل ما تلبّس‏‎ ‎‏بالمبدأ وما انقضیٰ عنه بحیثیة واحدة ومعنیً فارد ، بل صدق العنوان علی المتلبّس‏‎ ‎‏بحیثیة غیر ما یصدق علی المنقضی عنه .‏

‏ولا فرق فی ذلک بین کون المشتقّ حدثاً لا بشرط وبسیطاً ، وبین أحد الأقوال‏‎ ‎‏الثلاثة ، کما لا یخفیٰ علی المتأمّل . فلیت هذا المحقّق لم ینحصر وجه عدم صحّة تصویر‏‎ ‎‏الجامع بالقول الرابع ، بل یعمّم سائر الأقوال ؛ لاشتراک الکلّ من تلک الجهة .‏

‏بل ولا فرق بین أخذ النسبة قیداً وجزءاً ؛ فما قاله ‏‏قدس سره‏‏ : إنّه علیٰ تقدیر کون‏‎ ‎‏النسبة جزءاً فی کمال الوضوح لا یخلو عن تأمّل ، فتدبّر .‏

وثانیاً :‏ لو صحّ تصویر الجامع لکن لا یصلح ما ذکره جامعاً لذلک ؛ لأنّه إمّا‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 74
‏یرید بالانتساب الانتساب الفعلی ، فینطبق علیٰ مذهب الأخصّ ؛ وهو کون المشتقّ‏‎ ‎‏حقیقة فی المتلبّس فعلاً .‏

‏وإن أراد غیر المتلبّس فعلاًفهو خلاف مایقصده ؛ من کون المشتقّ حقیقة فیه أیضاً.‏

‏وإن أراد انتساباً ما فلا یکون جامعاً لخصوص المتلبّس والمنقضی عنه ، بل‏‎ ‎‏یشملهما وما لم یتلبّس بعد ، وهو خلاف ما یقصده أیضاً ، مع أنّه لم یقل به أحد .‏

‏وإن أراد ما خرج من العدم إلی الوجود فیستلزم کونه حقیقة فی ما انقضیٰ .‏

‏وإن أراد مطلق الخروج من العدم إلی الوجود فیشمل ما یتلبّس بعد .‏

‏وإن أراد الخروج الفعلی فلا یثبت المقصود أیضاً .‏

‏فتحصّل ممّا ذکرنا کلّه : عدم إمکان تصویر جامع للمتلبّس بالمبدأ والمنقضی‏‎ ‎‏عنه المبدأ ، فتدبّر .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 75

  • )) قلت : أورده قدس سره فی مقام الاستدلال لمرامه ؛ ردّاً علیٰ مقالة بعض الأعاظم قدس سره ، لاحظ بدائع الأفکار 1 : 188 . [المقرّر حفظه الله ].