الأمر الرابع عشر فـی المشتـق

الجهة السادسة فی وضع هیئات المشتقّات الفعلیة

الجهة السادسة فی وضع هیئات المشتقّات الفعلیة

‏ ‏

‏الحقّ : أنّ الوضع فی هیئات الأفعال مطلقاً عامّ والموضوع له خاصّ ؛ لأنّ معنیٰ‏‎ ‎‏هیئات الأفعال معنیً حرفی ؛ لأنّ بعضاً منها یدلّ علی معنیً حکائی کهیئة «ضَرَبَ»‏‎ ‎‏و«یَضْرِبُ» مثلاً ، وبعضها إیجادی کهیئة «اضرِبْ» مثلاً ؛ فإنّه بنفس هیئة «اضرب»‏‎ ‎‏یوجد معناه فی عالم الاعتبار ، کما هو الشأن فی الحروف ؛ فبعضها حکائی کـ «من»‏‎ ‎‏و«إلی» ، وبعضها إیجادی کـ «یاء النداء» .‏

‏سیأتی الکلام مستوفی فی إثبات معنی حرفیة هیئات الأفعال الإیجادیة فی‏‎ ‎‏مبحث الأوامر إن شاء الله .‏

‏ومحطّ البحث هنا : إثبات حرفیة هیئات الأفعال الحاکیات کالماضی‏‎ ‎‏والمضارع ؛ فنقول : المتبادر من هیئة الماضی هی الحکایة عن تحقّق صدور الحدث من‏‎ ‎‏الفاعل کضرب ، أو حلوله فیه کبعض الأفعال اللازمة کحسن وقبح . والمتبادر من‏‎ ‎‏هیئة المضارع هی الحکایة عن لحوق صدور الحدث .‏

‏ومعلوم : أنّ تحقّق صدور الحدث من الفاعل أو حلوله فیه ، وکذا لحوق صدور‏‎ ‎‏الحدث معنی حرفی وکون رابطی غیر مستقلّ بالمفهومیة والوجود .‏

‏وبعبارة اُخری : هیئتا الماضی والمضارع تحکیان عن تحقّق الحدث أو لحوقه مع‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 58
‏الانتساب والإضافة إلی الفاعل ، ولا تحکیان عن نفس الحدث ولا عن الفاعل ، بل لا‏‎ ‎‏عن مفهوم الصدور واللحوق ، وإنّما تحکیان عن شیء واحد ، لا بنحو حکایة لفظ‏‎ ‎‏الجامد ودلالته علیٰ معناه ، بل عن معنیً واحد منحلّ إلی کثیرین ؛ فإنّه بنفس هیئتهما‏‎ ‎‏یفهم السبق أو اللحوق والانتساب إلی الفاعل .‏

‏مثلاً : من تکلّم بکلام فهناک شیء واحد ـ وهو صدور الکلام ـ ولکنّه ینحلّ‏‎ ‎‏إلی أصل الصدور والانتساب إلی الفاعل . وهیئة الماضی تحکی عن ذلک المعنی الواحد‏‎ ‎‏الکذائی ، فلفظة «تَکلّمَ» تحکی عن الواقع علیٰ ما هو علیه ؛ وهو معنیً حرفی . وکذا‏‎ ‎‏هیئة المضارع تحکی عن لحوق الصدور علیٰ ما هو علیه .‏

‏والحاصل : أنّ هیئتی الماضی والمضارع وضعتا لحصّة من الوجود المنحلّ إلی‏‎ ‎‏تلک الاُمور .‏

‏فلم یؤخذ الزمان الماضی والمضارع بمعناهما الاسمی فی موضوع له هیئة الماضی‏‎ ‎‏أو المضارع ، بل ولم یؤخذ فیهما السبق واللحوق بمعناهما الاسمی .‏

‏نعم ، تلک الاُمور من لوازم مدلول الماضی والمضارع ؛ لأنّ حکایة وقوع الشیء‏‎ ‎‏علیٰ ما هو علیه یستلزم الزمان والسبق طبعاً ، کما أنّ حکایة لحوق الشیء علیٰ ما هو‏‎ ‎‏علیه یستلزم الزمان واللحوق قهراً .‏

فتحصّل :‏ أنّه لا إشکال ولا کلام فی استفادة الزمان والسبق واللحوق من‏‎ ‎‏هیئتی الماضی والمضارع ، وإنّما الکلام والادّعاء فی أنّ المتبادر منهما لیست تلک المعانی‏‎ ‎‏علی نعت الکثرة بالمعنی الاسمی ، بل المتبادر منهما إنّما هو أمر وحدانی ؛ وهو حقیقة‏‎ ‎‏هذه المعانی بالحمل الشائع ، واستفادة تلک المعانی بلحاظ التحلیل العقلی ، وهو أوسع‏‎ ‎‏من متن الواقع ، فتدبّر .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 59