الأمر الرابع عشر فـی المشتـق

عدم دخول العناوین المنتزعة عن مقام الذات فی محلّ البحث

عدم دخول العناوین المنتزعة عن مقام الذات فی محلّ البحث

‏ ‏

‏وکیف کان : فهل جمیع هذه العناوین داخلة فی محلّ النزاع أو بعضها ؟ وعلی‏‎ ‎‏الثانی أیّ البعض منها محلّ النزاع ؟‏

‏قالوا : إنّ العناوین غیر الاشتقاقیة المنتزعة عن مقام الذات والذاتیات الصادقة‏‎ ‎‏علی الذوات بذاتها لا بلحاظ أمر ـ کعنوان الإنسان أو الماء أو النار أو الحجر إلیٰ غیر‏‎ ‎‏ذلک ـ خارجة عن حریم النزاع ، وهو کذلک .‏

والکلام فی وجه خروجها :

‏یظهر من المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ : أنّ وجه خروجها لأمر عقلی ؛ حیث قال : إنّ‏‎ ‎‏إنسانیة الإنسان ـ مثلاً ـ لیست بالتراب ، بل إنّما تکون بالصورة النوعیة التی بها یمتاز‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 30
‏الإنسان عن غیره ، بل التراب لم یکن إنساناً فی حال من الأحوال ؛ حتّی فی حال تولّد‏‎ ‎‏الإنسان منه ، فضلاً عن حال عدم التولّد ؛ فلا یمکن أن یقال الإنسان لما انقضیٰ عنه .‏

‏وبالجملة : حال کون الإنسان إنساناً لم یکن إنسانیته بالتراب ـ الذی هو أحد‏‎ ‎‏عناصره ـ بل إنسانیته إنّما هی بالصورة النوعیة . فإذا لم یکن التراب حال کونه عنصر‏‎ ‎‏الإنسان ممّا یصحّ إطلاق اسم الإنسان علیه فکیف یصحّ إطلاق اسم الإنسان علیه فی‏‎ ‎‏غیر ذلک الحال‏‎[1]‎‏ ؟ !‏

‏وظاهر کلامه ‏‏قدس سره‏‏یعطی بعدم صدق العناوین الذاتیة علیٰ ما انقضیٰ عنه ؛ لا‏‎ ‎‏حقیقة ولا مجازاً ، بخلاف العناوین الاشتقاقیة العرضیة کالضارب ؛ فیمکن صدقه‏‎ ‎‏علیه بلحاظ ما انقضیٰ عنه ؛ لأنّ المتّصف به هو الذات ، وهو باقٍ بعد انتفاء وصفه .‏

‏وبالجملة : یظهر من کلامه ـ حیث تشبّث بالصور النوعیة ـ کون النزاع عنده‏‎ ‎‏فی العناوین الذاتیة إلی أمر عقلی ؛ بداهة أنّه لو کان النزاع عنده فی أمر لغوی فیمکن‏‎ ‎‏أن یقال بوضعها للأعمّ ، کما صحّ أن یقال بوضعها لخصوص المتلبّس بالعنوان ؛ لأنّ‏‎ ‎‏عنان الوضع بید الواضع سعةً وضیقاً ؛ لعدم دوران التسمیة مدار الهویة .‏

‏مثلاً کما یصحّ أن یقال : إنّ اسم «الکلب» موضوع لخصوص ما یکون واجداً‏‎ ‎‏لصورة الکلبیة فعلاً ، فکذلک یصحّ أن یقال : إنّه موضوع للأعمّ منه وما استحال منه‏‎ ‎‏إلیه وصار ملحاً .‏

وکیف کان :‏ الحقّ ـ کما أشرنا إلیه آنفاً ـ أنّ النزاع فی أمر لغوی ، ولا وجه‏‎ ‎‏للتمسّک بذیل المطالب العقلیة فی تحکیم المعانی اللغویة ؛ بأنّ شیئیة الشیء بصورتها‏‎ ‎‏النوعیة ، وأنّ فعلیة الشیء بصورته لا بمادّته .‏

‏والدلیل القویم لإخراج العناوین الذاتیة عن محلّ البحث هو التبادر ، وهو‏‎ ‎‏أصدق شاهدٍ بخروج تلک العناوین عن محلّ البحث .‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 31
‏أضف إلیٰ ذلک : أنّ انقضاء المبدأ لا یوجب مطلقاً زوال الصورة النوعیة ـ ولو‏‎ ‎‏عرفاً ـ کما فی تبدّل الخمر خلاًّ ؛ فإنّهما لیسا حقیقتین مختلفتین بالجنس والفصل ، بل‏‎ ‎‏هما متّحدان فی الذاتیات متفارقان فی الأوصاف عرفاً . ومثلهما الماء والثلج ؛ فإنّهما‏‎ ‎‏أیضاً لیسا حقیقتین متباینتین ، بل الاختلاف بینهما من ناحیة الوصف ؛ وهو اتّصال‏‎ ‎‏أجزائهما وعدمه .‏

فظهر ممّا ذکرنا :‏ أنّ العناوین المأخوذة من ذات الشیء وذاتیاته خارجة عن‏‎ ‎‏محلّ البحث . ووجهه التبادر ، لا التشبّثات العقلیة .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 32

  • )) فوائد الاُصول 1 : 83 .