الجهة الاُولی : فی تقسیم الواجب إلی المطلق والموقّت
لا یخفی : أنّ الإنسان فی هذه النشأة بما أنّه موجود زمانی ، تکون أفعاله أیضاً زمانیـة ، فلابـدّ وأن یکون الزمان ظرفاً لأفعالـه ، فلزوم الزمان فی تحقّق الواجبات ممّا لابدّ منه عقلاً .
ولکن ربّما لا یکون الزمان دخیلاً فی حصول الغرض ، بل نفس الطبیعة محصّلة للغرض ، بلا دخالة لوقوعها فی الزمان . کما ربّما یکون المکان أیضاً کذلک ، فلو فرض إمکان تحقّق المتعلّق بلا زمان یکون هو المحصّل للغرض .
وربّما یکون الزمان دخیلاً فی حصول الغرض ، وهو علی قسمین : فتارةً یکون مطلق الزمان محصّلاً لغرضه ، واُخری یکون زمان معیّن محصّلاً لغرضه .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 461
لا إشکال فی کون الأوّل واجباً مطلقاً ، کما لا إشکال فی کون الواجب موقّتاً إذا کان الزمان المعیّن محصّلاً لغرضه .
وأمّا إذا کان مطلق الزمان دخیلاً فی حصول الغرض ، ففی عدّه من الواجب الموقّت نحو غموض ، بل إشکال ؛ لأنّ الموقّت هو الذی یتعلّق الأمر فیه بالطبیعة وظرفها ، وذلک فیما إذا کان الزمان المخصوص محصّلاً للغرض ، وأمّا إذا کان مطلق الزمان دخیلاً فیه فلا مجال للأمر به ؛ للزوم اللغویة ؛ بداهة أنّه ـ کما أشرنا ـ إنّ الإنسان بما أنّه موجود زمانی لا یقدر علی إیجاد أفعاله فی غیر الزمان حتّی یکون الأمر صارفاً عنه أو داعیاً نحوه .
فإذن : لا ینبغی أن یُعدّ الواجب کذلک موقّتاً ، وإن کان لمطلق الزمان دخالة فی حصول الغرض .
وبالجملة : التوقیت إنّما یکون ذا فائدة إذا أمکن أن یکون صارفاً وداعیاً ، فإذا فرض أنّ المکلّف لا یقدر علی إیجاد الواجب فی غیر الزمان فلا یکاد یصحّ توقیت الواجب بوقتٍ ما .
فظهر : أنّه إذا کانت لحصّة من الزمان ومقدار مخصوص منه دخالة فی البعث والإیجاب یصیر الواجب موقّتاً ؛ وإلاّ ـ سواء لم تکن للزمان دخالة فیه أصلاً ، أو کان ولکن بطبیعته ـ یکون الواجب مطلقاً .
فالصحیح فی تقسیم الواجب إلی الموقّت والمطلق أن یقال : إنّ الموقّت ما عیّن له وقت مخصوص ، والمطلق بخلافه . فعلی هذا : یکون للواجب المطلق قسمان :
أحدهما : لا تکون للزمان دخالة فی حصول الغرض والبعث أصلاً .
ثانیهما : ما یکون لمطلق الزمان دخالة فیه .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 462
فإذن : للموقّت قسم واحد ؛ وهو ما کان زمان مخصوص دخیلاً فی حصول الغرض والبعث .
فتحصّل : أنّ تقسیم الواجب إلی المطلق والموقّت بلحاظ البعث والإیجاب ، لا الملاکات والأغراض ، وأنّ الزمـان المعیّن إذا کـان دخیلاً فـی البعث والإیجـاب یکون الـواجب موقّتاً ، وإلاّ یکون الـواجب مطلقاً ، وإن کـان «زمـان مـا» دخیلاً فـی ذلک .
فإذا تمهّد لک ما ذکرنا یظهر لک ضعف ما ذکـره المحقّق الخراسانی قدس سره حیث قال : إنّ الواجب حیث إنّه زمانی لا ینفکّ عن الزمان عقلاً ، إلاّ أنّ الزمان إذا کانت له فی متن الواقـع دخالة فی حصول الغرض ، فیکون الـواجب موقّتاً ، وإلاّ کـان الـواجب غیر موقّت ، انتهی .
توضیح الضعف أوّلاً : أنّ التقسیم بلحاظ البعث والإیجاب ، لا الغرض والملاک .
وثانیاً : أنّ مجرّد دخالة الوقت فی الواجب لا یصیّره موقّتاً ، وإنّما یصیر موقّتاً إذا کانت لحصّة من الزمان ، دخالة فی ذلک . ولا یخفی : أنّه مع ذلک لا یهمّ النزاع .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 463