کلام الشیخ فی وجوب المقدّمة وتزییفه
بقی شیء ، وهو الذی أفاده الشیخ الأعظم قدس سره فی المقام ؛ فإنّه قال فی وجوب المقدّمة : إنّ من راجع وجدانه وأنصف من نفسه ، مع خلوّ طبیعته عن الاعوجاج الفطری ، یحکم علی وجه الجزم والیقین بثبوت الملازمة بین الطلب المتعلّق بالفعل ، وبین الطلب المتعلّق بمقدّماته . نعم ، لیس تعلّق الطلب الفعلی بالمقدّمة علی وجه تعلّقه بذیها ، کیف والضرورة قضت ببطلانه ؟ ! لجواز الغفلة عن المقدّمات ، بل واعتقاد عدم التوقّف بینهما . بل المقصود : أنّ المرید لشیء لو راجع وجدانه یجد من نفسه حالة إجمالیـة طلبیـة متعلّقـة بمقدّماتـه ، علی وجه لو حاول کشف تلک الحالة وتفصیلها لکان ذلک فی قالب الأمر والطلب التفصیلی ، کما یری مثل ذلک من محبوبیة إنقاذ الولد ، انتهی .
وفیه : أنّه لعمر الحقّ : إنّه قد راجعنا الوجدان وأنصفنا من أنفسنا ، ولکن لم نجد من أنفسنا ما أفاده قدس سره ، ولعلّ القارئ الکریم أیضاً یوافقنا فی ذلک إن تدبّر فیما ذکرنا ولم یختلط الإرادة التشریعیة بالإرادة التکوینیة .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 242
ولا یخفی : أنّه کم فرق بین ما نحن فیه والتنظیر الذی ذکره ، من محبوبیة إنقاذ الولد! وذلک لأنّه إن توجّه الأب ورأی أنّ ولده مشرف علی الغرق لیطلبه أشدّ الطلب ، ویبعث کلّ مَن بحضرته لإنقاذه . وأمّا فیما نحن فیه : فمع أنّه متوجّه إلی مقدّمیة شیء لا یبعث إلیه غالباً ولو إرشاداً أو تأکیداً . یرشدک إلی ذلک وجود أوامر فی الفقه بأشیاء واُمور تکون لها مقدّمات ، مع عدم الأمر بما یکون مقدّمة له . فتحصّل ممّا ذکرنا : أنّه لا ملازمة بین البعث بشیء والبعث إلی ما یکون مقدّمة له ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 243