الفصل الرابع فی مقدّمة الواجب

الأمر العاشر فی مقتضی الأصل عند الشکّ فی الملازمة وعدمها

الأمر العاشر فی مقتضی الأصل عند الشکّ فی الملازمة وعدمها

‏ ‏

‏لو شکّ فی ثبوت الملازمة وعدمها‏‏ ‏‏، فهل یوجد فی المسألة أصل موضوعی أو‏‎ ‎‏حکمی یکون مرجعاً عند ذلک‏‏ ‏‏، أم لا وجهان‏‏ .‏

الحقّ‏ :‏‏ أنّه لا‏‏ ‏‏یکون لنا أصل یعتمد علیه یعیّن الملازمة ولا عدمها‏‏ ‏‏؛ لأنّه لم‏‎ ‎‏یکن لهما حالة سابقة لیستصحبا‏‏ ‏‏؛ بداهة أنّ الملازمة وعدمها أزلیة‏‏ ‏‏. ولو کان أصل‏‎ ‎‏ولکنّه لا فائدة له ولا‏‏ ‏‏یترتّب علیه الأثر‏‏ ‏‏؛ لأنّ الأصل إمّا موضوعی أو حکمی‏‏ :‏

أمّا الأصل الموضوعی‏ :‏‏ فلأنّ الملازمة بین إرادة ذی المقدّمة وما یراه مقدّمة‏‎ ‎‏ـ‏‏ ‏‏سواء قلنا بأنّهما من لوازم وجود ذی المقدّمة‏‏ ‏‏، أو من لوازم ماهیته‏‎[1]‎‏ ‏‏ـ لو کانت‏‎ ‎‏ثابتة‏‏ ‏‏، ولکن لیس لهما سابقة معلومة‏‏ .‏

‏واستصحاب عدم الملازمة‏‏ ‏‏، إن اُرید به النفی البسیط عند عدم وجود الموضوع‏‎ ‎‏وإن کان معلوماً‏‏ ‏‏، إلاّ أنّ إثباته علی الموضوع الخارجی مثبت‏‏ .‏

‏وإن اُرید به النفی المرکّب ـ أی الملازمة بین ذی المقدّمة وما یراه مقدّمة ـ ‏ففیه‏ :‏

أوّلاً‏ :‏‏ أنّه لم یکن له حالة سابقة متیقّنة لیستصحب‏‏ .‏

وثانیاً‏ :‏‏ لو سلّم أنّ له حالة سابقة‏‏ ‏‏، ولکن لم یکن له أثر شرعی‏‏ ‏‏؛ لأنّ الملازمة‏‎ ‎‏أو عدمها لم تکن موضوعة للحکم الشرعی‏‏ ‏‏؛ لأنّ العقل یحکم بالوجوب علی فرض‏‎ ‎‏الملازمة‏‏ ‏‏، وبعدم الوجوب علی فرض عدم الملازمة‏‏ ‏‏، المستصحب لابدّ وأن یکون إمّا‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 235
‏حکماً شرعیاً أو موضوعاً لحکم شرعی‏‏ ‏‏، وواضح‏‏ ‏‏: أنّ الملازمة أو عدمها لیستا‏‎ ‎‏حکمین شرعیین‏‏ ‏‏، ولا موضوعین لحکم شرعی‏‏ .‏

‏هذا بالنسبة إلی الأصل الموضوعی‏‏ .‏

وأمّا الأصل الحکمی‏ :‏‏ فاستصحاب عدم وجوب المقدّمة وإن کان جاریاً‏‎ ‎‏ـ‏‏ ‏‏لکون وجوب ذی المقدّمة مسبوقاً بالعدم ولو قبل وجوب ذی المقدّمة‏‏ ‏‏؛ بداهة أنّ‏‎ ‎‏نصب السلّم ـ مثلاً ـ قبل وجوب الکون علی السطح لم یکن واجباً‏‏ ‏‏، فلو شکّ فی‏‎ ‎‏وجوبه بعد وجوب الکون علی السطح فیستصحب عدمه‏‏ ‏‏، فأرکان الاستصحاب وإن‏‎ ‎‏کانت تامّة ـ ولکنّه لا‏‏ ‏‏یترتّب علیه فائدة وثمرة عملیة‏‏ ‏‏؛ لما أشرنا أنّه لا‏‏ ‏‏یترتّب علی‏‎ ‎‏هذا الوجوب ولا لنفیه أثر شرعی‏‏ ‏‏، وأشرنا أنّ القائل بعدم الملازمة أیضاً یری‏‎ ‎‏وجوب المقدّمة عقلاً‏‏ .‏

‏فتحصّل ممّا ذکرنا‏‏ ‏‏: أنّه لم یکن فی المسألة أصل موضوعی‏‏ ‏‏، ولا حکمی عند‏‎ ‎‏الشکّ فی وجوب المقدّمة بحیث یصحّ الاتّکال علیه‏‏ ‏‏، فتدبّر‏‏ .‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 236

  • )) بمعنی : أنّ کلّما تصوّر ذا المقدّمة تصوّر مقدّمته .