المقصد الخامس فی المطلق والمقیّد

أقسام الماهیة

أقسام الماهیة

‏قد تداول من القوم فی الباب ذکر انقسام الماهیة إلی أقسامها الثلاثة : الماهیة‏‎ ‎‏اللابشرط‏ ‏، والماهیة بشرط شیء‏ ‏، والماهیة بشرط لا‏ ‏؛ بلحاظ أنّه إذا لوحظت الماهیة‏‎ ‎‏مع أمر خارج عنها‏ ‏، فإمّا أن تلاحظ مع وجودها‏ ‏، أو مع عدمها‏ ‏، أو لا مع وجودها‏ ‏،‏‎ ‎‏ولا مع عدمها‏ .

‏وقد تشتّت آراؤهم فی بیان امتیاز المقسم عن أقسامه‏ ‏، وبیان امتیاز الأقسام‏‎ ‎‏بعضها عن بعض‏ ‏، فقال بعضهم : «إنّ المقسم لها نفس الماهیة‏ ‏، والاعتبارات واردة‏‎ ‎‏علیها‏ ‏، فیکون الفرق بین المقسم والأقسام بالاعتبار‏ ‏، کما أنّ الفرق بین الأقسام أیضاً‏‎ ‎‏بالاعتبار»‏ .

‏وظاهر کلمات أکابر فنّ المعقول أیضاً أنّها بالاعتبار واللحاظ‏ ‏، یرشدک إلی‏‎ ‎‏هذا قول الحکیم السبزواری‏‎[1]‎‏ :‏

‏ ‏

‏مخلوطة مطلقة مجرّدة‏

‎ ‎‏عند اعتبارات علیها واردة‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 523

‏فعلی هذا إن لوحظت الماهیة مجرّدة عمّا یلحق بها وغیر مقترنة ولا مقرونة‏‎ ‎‏بشیء‏ ‏، تکون لا بشرط المقسمی‏ ‏، وإن لوحظت مجرّدة عمّا یلحق بها تکون بشرط لا،‏‎ ‎‏وإن لوحظت مقترنة بشیء تکون بشرط شیء‏ ‏، فیکون الفرق بین اللابشرط المقسمی‏‎ ‎‏واللابشرط القسمی‏ ‏، هو الفرق بین مطلق المفعول والمفعول المطلق‏ .

‏وقد قالوا قریباً من هذا فی مسألة الجنس والمادّة‏ ‏، والنوع والصورة‏ ‏؛ بلحاظ أنّ‏‎ ‎‏شیئاً واحداً ـ کالحیوان مثلاً ـ باعتبار لحاظه لا بشرط یکون جنساً‏ ‏، وبلحاظ‏‎ ‎‏اعتباره بشرط شیء یکون نوعاً‏ ‏، وبلحاظ اعتباره بشرط لا یکون مادّة‏ .

وأمّا المحقّق النائینی ‏قدس سره‏‏ فقد أطنب وفصّل فی المقال وقال : «إنّه فرق بین‏‎ ‎‏الماهیة اللابشرط المقسمی واللابشرط القسمی‏ ‏، ولابدّ وأن لا یخلط بینهما‏ ‏، وإنّ الفرق‏‎ ‎‏بینهما واقعی لا اعتباری» ومع ذلک لم یأت بما یفرّق بینهما‏ ‏، وعند‏ ‏ما وصل إلی تفسیر‏‎ ‎‏اللابشرط المقسمی قال : «إنّه نفس الماهیة وذات المرسل الساری فی جمیع الأفراد‏ ‏،‏‎ ‎‏والمحفوظ مع کلّ خصوصیة‏ ‏، والموجود مع کلّ طور»‏‎[2]‎ .

‏وبالجملة : لم یذکر الجامع بین المقسم والقسم وما یمتاز به القسم عن المقسم‏ ‏،‏‎ ‎‏مع أنّه المهمّ فی الباب‏‎[3]‎ .

‏ویظهر من بعضهم إرجاع الاعتبارات والتقسیمات إلی لحاظ الماهیة‏ ‏، لا الماهیة‏‎ ‎‏الملحوظة‏ . . ‏. إلی غیر ذلک من المطالب التی لا تسمن ولا تغنی من جوع‏ .

‏وبالجملة : ظاهر کلمات أکابر فنّ المعقول کما أشرنا‏ ‏، یشعر بأنّ تقسیم الماهیة‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 524
‏إلی الأقسام الثلاثة ـ وکذا تقسیم الماهیة إلی الجنس والمادّة والنوع ـ إنّما یکون‏‎ ‎‏بالاعتبار واللحاظ‏ ‏، وقد اغترّ بظاهر کلماتهم فحول علماء الاُصول‏ ‏، ووقعوا فی حیص‏‎ ‎‏وبیص فی أقسام الماهیة والفرق بین اللابشرط المقسمی والقسمی حتّی قال بعض‏‎ ‎‏الأکابر‏‎[4]‎‏ : «إنّ التقسیم إنّما هو بلحاظ الماهیة‏ ‏، لا نفسها»‏ .

ولا أظنّ‏ أن یکون مراد المحقّقین من الفلاسفة‏ ‏، ما هو الظاهر من کلماتهم‏ ‏؛ لا فی‏‎ ‎‏تقسیم الماهیة إلی الجنس‏ ‏، والفصل‏ ‏، والمادّة‏ ‏، والصورة‏ ‏، ولا فی تقسیم الماهیة إلی‏‎ ‎‏اللواحق‏ ‏؛ من غیر نظر إلی نفس الأمر ونظام التکوین‏ ‏، بل اقترحوا هذه التقسیمات‏‎ ‎‏لِصرف التلاعب بالمفاهیم ومحض اعتبارات ذهنیة‏ ‏؛ من غیر أن یکون لهذه‏‎ ‎‏الاعتبارات محکیات فی الخارج‏ ‏، ولا ینقضی تعجّبی من أنّ صِرف اعتبار شیء‏‎ ‎‏لا بشرط‏ ‏، کیف یؤثّر فی الواقع ویجعل الشیء قابلاً للاتحاد والحمل‏ ‏، کما أنّ أخذه‏‎ ‎‏بشرط لا لا یوجب انقلاب الواقع عمّا هوعلیه؟! ولو کانت هذه التقسیمات بصرف‏‎ ‎‏الاعتبار‏ ‏، لجاز أن یعتبرها أشخاص مختلفون‏ ‏، فیصیر الواقع مختلفاً بحسب اعتبارهم‏ ‏،‏‎ ‎‏فتکون ماهیة واحدة متحدة مع شیء‏ ‏، وغیر متحدة معه بعینه‏ ‏، وهو کما تری‏ .

‏وبالجملة : ملاک صحّة الحمل وعدم صحّته عندهم‏ ‏، هوکون الشیء المحمول‏‎ ‎‏لا بشرط‏ ‏، أو بشرط لا‏ ‏، ولو کان هذا الملاک أمراً اعتباریاً‏ ‏، للزم کون اعتبار شیء‏‎ ‎‏لا بشرط مؤثّراً فی الواقع‏ ‏، فیجعل الشیء أمراً قابلاً للاتحاد والحمل‏ ‏، وللزم من‏‎ ‎‏اعتباره دفعة اُخری بشرط لا‏ ‏، انقلاب الواقع عمّا هوعلیه‏ .

‏وبعبارة أوضح : لوکان ذلک بالاعتبار‏ ‏، یلزم من اعتبار شخص واحد شیئاً‏‎ ‎‏واحداً علی نحوین‏ ‏، اختلاف نفس الواقع‏ ‏، کما یلزم من اعتبار أشخاص مختلفة‏ ‏،‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 525
‏صیرورة الواقع مختلفاً بحسب اختلافهم‏ ‏، فتکون ماهیة واحدة متحدة مع شیء وغیر‏‎ ‎‏متحدة معه بعینه‏ ‏، وهو کما تری‏ .

والذی یقتضیه دقیق النظر‏ : ـ ولعلّه مراد أساطین الفنّ وإن لم أرَ من صرّح به‏ ‏،‏‎ ‎‏والبحث عنه وإن کان خارجاً عن موضوع البحث‏ ‏، إلاّ أنّه لا یخلو من فائدة ـ أنّ‏‎ ‎‏کافّة التقسیمات التی فی باب الماهیة والأجناس والفصول‏ ‏، إنّما تکون بلحاظ نفس‏‎ ‎‏الأمر ومرآة للواقع‏ ‏؛ وأنّ الماهیة بحسب واقعها لها حالات ثلاثة : بشرط لا‏ ‏،‏‎ ‎‏ولا بشرط‏ ‏، وبشرط شیء‏ ‏، فلا تتخلّف عن واقعها‏ ‏، ولا یرجع قسم منها إلی قسم‏‎ ‎‏آخر‏ ‏؛ وإن لوحظ علی خلاف واقعه ألف مرّة‏ ‏، حتّی أنّ الاختلاف الواقع بین المادّة‏‎ ‎‏والجنس والنوع‏ ‏، أمر واقعی لا اعتباری :‏

أمّا تقسیم الماهیة‏ إلی الجنس والفصل والمادّة والصورة‏ ‏، فتکون للمادّة‏‎ ‎‏الخارجیة ـ بلحاظ حرکتها الجوهریة وتبدّلاتها العرضیة ـ صور تتوارد علیها واحدة‏‎ ‎‏بعد واحدة‏ ‏، ولا یکون بین الصورة التی تتبدّل إلیها المادّة والمادّة‏ ‏، اثنینیة فی الخارج‏ ‏،‏‎ ‎‏بل هی متحدة معها‏ ‏، ویکون الترکیب بینهما اتحادیاً‏ ‏، وتکون المادّة المتّحدة بالصورة‏‎ ‎‏والصورة المتّحدة معها‏ ‏، نوعاً من الأنواع‏ .

‏مثلاً : مادّة النواة بحرکتها الجوهریة‏ ‏، تصیر مستعدّة لإفاضة الله تعالی الصورة‏‎ ‎‏النواتیة علیها‏ ‏، فتتبدّل بتلک الصورة‏ ‏، وتتحد معها‏ ‏، وتصیر النواة نوعاً من الأنواع‏ ‏،‏‎ ‎‏وللمادّة النواتیة قوّة واستعداد إذا زرعت فی الأرض‏ ‏، تتبدّل إلی الصورة الشجریة‏ ‏،‏‎ ‎‏وتلک القوّة غیر متحدة مع الصورة الترابیة‏ ‏، ویکون الترکیب بینهما انضمامیاً‏ ‏، وعلیه‏‎ ‎‏ففی النواة مادّتان : مادّة متحدة مع الصورة النواتیة‏ ‏، ومادّة منضمّة معها مستعدّة لقبول‏‎ ‎‏الصورة الشجریة‏ .

‏وبعبارة اُخری : المادّة الساذجة ـ لأجل سیلانها وتبدّلها الجوهری ـ لها صور‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 526
‏متبدّلة تکون متحدة مع کلّ واحدة منها خارجاً‏ ‏، ولاریب فی إباء الصورة المتحدة‏‎ ‎‏معها عن الاجتماع مع صورة اُخری لإباء الفعلیتین عن الاجتماع‏ ‏، وحیث إنّه لم یکن‏‎ ‎‏الترکیب بین المادّة والصورة المتّحدة معها انضمامیاً‏ ‏، بل اتحادیاً‏ ‏، فینسحب حکم إحدی‏‎ ‎‏المتحدتین إلی الاُخری‏ ‏، فلا قابلیة لهذه المادّة المتبدّلة إلی هذه الصورة مع حفظها‏‎ ‎‏لتلبّس صورة اُخری‏ ‏، نعم هی ـ باعتبار سیلانها وحرکتها الجوهریة وتدرّجها ـ‏‎ ‎‏قابلة لتوارد أیّة صورة علیها‏ ‏، فیکون فی الخارج والواقع ثلاث حقائق وواقعیات‏‎ ‎‏اعتبرت أم لم تعتبر :‏

‏الاُولی : المادّة المتبدّلة إلی الصورة النواتیة المتّحدة معها خارجاً‏ ‏، وهی الحقیقة‏‎ ‎‏المعبّر عنها بالماهیة بشرط شیء المسمّاة نوعاً‏ .

‏الثانیة : کون المادّة المتصوّرة بصورة النواتیة ـ مع حفظ تلک الصورة ـ آبیة عن‏‎ ‎‏قبول صورة اُخری‏ ‏؛ لما أشرنا من إباء الصورة المتحدة معها خارجاً عن الاجتماع مع‏‎ ‎‏صورة اُخری‏ ‏، وهی الحقیقة المعبّر عنها بشرط لا‏ .

‏الثالثة : کون مادّة النواة ـ بلحاظ سیلانها الجوهری وتدرّجها الوجودی ـ‏‎ ‎‏مستعدّة لقبول الصورة الشجریة‏ ‏، وتتحد معها لو لم یعقها فی البین عائق‏ ‏، لکنّه بحیثیة‏‎ ‎‏وجهة اُخری غیر الحیثیة والجهة التی للصورة النواتیة المتبدّلة فعلاً بها المتحدة معها‏ ‏؛‏‎ ‎‏لامتناع اتحاد حیثیتی الفعل والقبول‏ ‏، وهی الحقیقة المعبّر عنها بلا بشرط‏ ‏، وهی مأخذ‏‎ ‎‏الجنس‏ .

‏فتحصّل وتحقّق : أنّ لکلّ من بشرط شیء وبشرط لا ولا بشرط‏ ‏، واقعیةً‏‎ ‎‏حقیقیةً‏ ‏، لا اعتباریة حتّی یکون زمام أمرها بید المعتبِر‏ ‏، فیتغیّر شیء واحد بحسب‏‎ ‎‏الواقع باختلاف الاعتبار‏ ‏، وتکون ماهیة واحدة متّحدة مع شیء‏ ‏، وغیر متحدة معه‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 527
‏بعینه‏‎[5]‎ ‏، مع أنّ الغرض من هذه التقسیمات حکایة الواقع ونفس الأمر‏ ‏، لا التلاعب‏‎ ‎‏بالمفاهیم واختراع اُمور ذهنیة صرفة‏ ‏، فتدبّر‏ .

وأمّا تقسیم الماهیة‏ إلی اللواحق ـ وهو محطّ البحث ـ فلا یکون أیضاً بمجرّد‏‎ ‎‏الاعتبار‏ ‏، بل بلحاظ أنّ کلّ شیء خارج عن حریم ذات الماهیة ووجودها ـ إذا‏‎ ‎‏لوحظ ـ فلا یخلو من ثلاث حالات : إمّا لازم اللحوق لها بحسب ذاتها أو وجودها‏ ‏،‏‎ ‎‏أو ممتنع اللحوق لها کذلک‏ ‏، أو ممکن اللحوق لها کذلک :‏

‏الاُولی : فی الأوصاف اللازمة للماهیة‏ ‏، کالزوجیة لماهیة الأربعة‏ ‏، والتحیّز‏‎ ‎‏بالنسبة إلی الجسم‏ ‏، وقابلیة الصنعة والکتابة لماهیة الإنسان‏ ‏، وهی المعبّر عنها بالماهیة‏‎ ‎‏بشرط شیء‏ .

‏الثانیة : فی الأوصاف الممتنعة المضادّة لها‏ ‏، کالفردیة لماهیة الأربعة‏ ‏، والزوجیة‏‎ ‎‏لماهیة الثلاثة‏ ‏، وکالتجرّد عن المکان والزمان بالنسبة إلی الجسم‏ ‏، وهی المعبّر عنها‏‎ ‎‏بالماهیة بشرط لا‏ .

‏الثالثة : فی الأوصاف التی لا وجوب لموصوفها‏ ‏، ولا امتناع‏ ‏؛ أی تکون ممکنة‏‎ ‎‏اللحوق‏ ‏، کالسواد أو البیاض لماهیة الجسم الخارجی‏ ‏، وکالوجود بالنسبة إلی الماهیة‏ ‏،‏‎ ‎‏وهی المعبّر عنها بالماهیة لا بشرط‏ .

‏فالماهیة بحسب نفس الأمر‏ ‏، لا تخلو من إحدی هذه الحالات‏ ‏، ولا تتخلّف عمّا‏‎ ‎‏هی علیه بورود الاعتبار علی خلافه‏ ‏، وبهذا تخرج الأقسام عن التداخل‏ ‏؛ إذ لکلّ‏‎ ‎‏واحد حدّ معیّن لا ینقلب عنه إلی الآخر‏ ‏، کما یتضح الفرق بین اللابشرط المقسمی‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 528
‏والقسمی‏ ‏؛ لأنّ المقسم نفس ذات الماهیة‏ ‏، وهی موجودة فی جمیع الأقسام‏ ‏،‏‎ ‎‏واللابشرط القسمی مقابل للقسمین بحسب نفس الأمر‏ ‏، ومضادّ لهما‏ .

‏فظهر : أنّ مناط صحّة التقسیم هو الواقع‏ ‏، لا اعتبار المعتبر‏ ‏، فالماهیة إن امتنع‏‎ ‎‏تخلّفها عمّا یقارنها فی واحد من مراتب الواقع‏ ‏، فهی بالنسبة إلیه بشرط شیء‏ ‏، وإن‏‎ ‎‏امتنع اتصافها به فهی بالنسبة إلیه بشرط لا‏ ‏، وإن کان لها قابلیة الاتصاف من غیر‏‎ ‎‏لزوم ولا امتناع فهی بالنسبة إلیه لا بشرط‏ ‏، کالأمثلة المتقدّمة‏ .

ثمّ إنّ‏ هذا التقسیم وإن کان للماهیة بلحاظ نفسها‏ ‏، ولکن یمکن أن یجری فی کلّ‏‎ ‎‏شیء بالقیاس إلی أمر آخر؛ فیمکن جریانه فی الماهیة الموجودة‏ ‏، کالتحیّز للجسم‏ ‏،‏‎ ‎‏فإنّه لازم لوجود الجسم الخارجی‏ ‏، وکالتجرّد عن المکان للموجود المجرّد‏ ‏. بل یمکن‏‎ ‎‏إجراؤه فی نفس الوجود أیضاً‏ ‏، کما فعله بعض أهل الذوق‏‎[6]‎‏ فی حقیقة الوجود‏ ‏، فإنّ‏‎ ‎‏النوریة واجبة اللحوق له‏ ‏، کما أنّ العدم ممتنع اللحوق له‏ .

‏إذا تمهّد لک ما ذکرنا‏ ‏، سهل علیک معرفة الفرق الواضح بین اللابشرط‏‎ ‎‏المقسمی واللابشرط القسمی‏ ‏؛ فإنّ اللابشرط المقسمی عبارة عن نفس الماهیة‏‎ ‎‏الموجودة فی جمیع الأقسام‏ ‏، واللابشرط القسمی مقابل للقسمین‏ ‏، ویکون التقابل‏‎ ‎‏بینهما واقعیاً وحقیقیاً‏ ‏، کما یکون بین بشرط لا وبشرط شیء أیضاً واقعیاً‏ ‏، فافهم‏‎ ‎‏واغتنم‏ ‏، وکن من الشاکرین‏ .

‏وقد أشرنا إلی أنّا لم نجد تصریحاً بما ذکرناه من أحد‏ ‏، بل ربما یخالف ظاهر‏‎ ‎‏بعض کلماتهم‏ ‏، إلاّ أنّ المظنون عندی أنّ ما ذکرناه مراد مهرة الفنّ ومحقّقیهم‏ ‏، والله ‏‎ ‎‏الهادی إلی سواء السبیل‏ .

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 529

  • )) شرح المنظومة ، قسم الحکمة : 95 .
  • )) فوائد الاُصول 1 : 569 .
  • )) قلت : نعم ، قال : المراد من المقسم هو نفس الماهیة وذاتها من حیث هی ؛ علی وجه تکون الحیثیة مرآة للذات ، ثمّ أمر بالتأمّل ، وأنت خبیر : بأنّه لا یغنی ولا یسمن عن بیان ما یمتاز به القسم عن المقسم . [ المقرّر حفظه الله ]
  • )) یعنی به اُستاذنا الأعظم البروجردی قدس سره . لمحات الاُصول : 377 . [ المقرّر حفظه الله ]
  • )) قلت : وهل تری أنّه بمجرّد اعتبار شیء لا بشرط ، یتحد مع ألف شرط ، وبعد اعتباره بشرط لا یمتنع عن الاتحاد؟! ماهذا إلاّ اختلاق . [ المقرّر حفظه الله ]
  • )) شرح فصوص الحکم ، القیصری : 22 .