بیان النسبة بین الإطلاق والتقیید
ثمّ إنّ الإطلاق والتقیید من الاُمور الإضافیة ؛ فربما یکون الشیء مطلقاً باعتبار ، ومقیّداً باعتبار آخر ، ولذا لو کان الموضوع مقیّداً بقیود کثیرة فمع ذلک یجری فیه الإطلاق بالنسبة إلی قیود اُخر .
وأمّا النسبة بین الإطلاق والتقیید ، فهی تشبه تقابل الملکة والعدم ؛ فإنّ المطلق
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 517
عدم القید عمّا من شأنه ـ بحسب الاعتبار العقلائی ـ التقیید ، فما لیست له شأنیة التقیید باعتبار العقلاء ، لا یکون مطلقاً ، کما لا یکون مقیّداً .
وإنّما قلنا : شبه تقابل الملکة والعدم ؛ لأنّ هذا التقابل ـ کسائر أقسام التقابل ـ إنّما یکون فی الماهیات المتأصّلة ؛ بأن یکون للشیء قوّة واستعداد ، بحیث یخرج من القوّة إلی الفعل بحصول ما یستعدّ له ، فالأعمی إذا صار بصیراً ، خرج من القوّة إلی الفعل ، ولیس الأمر کذلک فی باب المطلق والمقیّد ؛ لکونها من الاعتباریات ، کما لا یخفی .
فقد ظهر وتحقّق لک ممّا ذکرنا : أنّه لا یستفاد بعد جریان مقدّمات الحکمة ، الشمول والسریان وإن کان مصبّ الإطلاق ، نفس الطبیعة الکلّیة ، کالبیع فی قوله تعالی :«أَحَلَّ الله الْبَیْعَ» ؛ لأنّ غایة ما تقتضیه المقدّمات هی أنّ نفس طبیعة البیع ـ بلا قید ـ موضوع للحلّیة ، ولا دلالة لها علی أنّ کلّ فرد من أفراد البیوع حکمه کذا ، کما هو الشأن فی العموم ، کقوله تعالی :«أوْفُوا بِالعُقُودِ» فإنّه یدلّ علی أنّ کلّ فرد من أفراد العقود یجب الوفاء به .
نعم ، حیث إنّ نفس الطبیعة قابلة للتکرار وتتحقّق بتمامها فی کلّ مصداق ، لذا تتکثّر بتکثّر الأفراد ، ولکن مع ذلک إنّما تکون موضوعاً للحلّیة فی المثال المذکور بلحاظ نفس الطبیعة ، لا الخصوصیات الفردیة ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 518