المقصد الرابع فی العامّ والخاصّ

المقام الثانی‏: فی مقام الإثبات والاستظهار

المقام الثانی : فی مقام الإثبات والاستظهار

‏لو ورد عامّ وخاصّ فلا یخلو أمرهماـ بحسب التصوّر ـ إمّا أن یکونا معلومی‏‎ ‎‏التأریخ‏ ‏، أو لا‏ ‏، فعلی الأوّل إمّا أن یکونا متقارنین‏ ‏، أو یکون الخاصّ متأخّراً‏ ‏، أو العامّ‏‎ ‎‏متأخّراً‏ ‏، والتأخّر إمّا عن زمان الحاجة والعمل‏ ‏، أو عن زمان الحضور :‏

فإن‏ وردا معاً‏ ‏، أو تأخّر الخاصّ أو العامّ عن الآخر‏ ‏، ولکن کان وروده قبل‏‎ ‎‏حضور وقت العمل بالآخر‏ ‏، فعلی ما ذکرنا ـ من أنّه یعتبر فی ماهیة النسخ حضور‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 498
‏وقت العمل ـ یتعیّن کون الخاصّ مخصّصاً‏ ‏، ولاسبیل لاحتمال النسخ‏ ‏. فمایظهر من‏‎ ‎‏المحقّق الخراسانی ووافقه شیخنا العلاّمة الحائری ـ من أنّه یحتمل النسخ‏ ‏، ولکن‏‎ ‎‏یرجّح التخصیص علی النسخ‏ ‏؛ لأکثریته من النسخ ـ غیر وجیه‏ .

ولو ‏شکّ فی تقدّم أحدهما علی الآخر‏ ‏؛ وأنّه ورد بعد العمل بالآخر أو قبله‏‎ ‎‏ـ‏ ‏کما هو الشأن فی کثیر منها‏ ‏ـ فلا یوجد أصل عقلائی یثبت ذلک‏ ‏، فقالوا : «إنّ العمل‏‎ ‎‏حینئذٍ بالاُصول العملیة»‏‎[1]‎ .

وأمّا‏ إن ورد أحدهما بعد حضور وقت العمل بالآخر‏ ‏، فإن کان المتأخّر خاصّاً‏‎ ‎‏فیحتمل کلّ من التخصیص والنسخ‏ ‏، بأن یکون لتأخیر بیان العامّ عن وقت الحاجة‏‎ ‎‏مصلحة‏ ‏. ولکن احتمال التخصیص بعید‏ ‏، لا لعدم إمکان تأخیر البیان عن وقت‏‎ ‎‏الحاجة‏ ‏؛ لإمکان أن یکون لتأخیر البیان عن وقت الحاجة مصلحة‏ ‏، فیکون العامل‏‎ ‎‏بعموم العامّ قبل ذلک معذوراً‏ ‏، بل لکون التخصیص کذلک غیر متعارف‏ .

‏وکذا احتمال النسخ بعید فی نفسه‏ ‏، ولذا أنکر بعضهم وجود النسخ فی الشریعة‏ ‏.‏‎ ‎‏ولو تنزّلنا عن ذلک فلا یمکن إنکار قلّة النسخ‏ ‏، فیدور الأمر بین البعیدین‏ ‏، ولکن مع‏‎ ‎‏ذلک یکون الحمل علی التخصیص أولی من النسخ‏ .

‏وکذا إن کان المتأخّر عامّاً‏ ‏، فإنّه یدور بین کون الخاصّ مبیّناً ومخصّصاً للعامّ‏ ‏،‏‎ ‎‏وبین کون العامّ ناسخاً‏ ‏، والحقّ ما اختاره المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ من أنّ النسخ بعید فی‏‎ ‎‏نفسه‏ ‏، والتخصیص کثیر‏ ‏، فکان العقلاء یحملون علی ما یکون کثیراً شائعاً‏ .

‏فتحصّل ممّا ذکر : أنّه یحمل علی التخصیص فی جمیع موارد دوران الأمر بینه‏‎ ‎‏وبین النسخ‏ .

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 499

  • )) قلـت : الأقـوی أنّـه ما لم یحـرز ذلک یحمـل علی التخصیص ، ولعلّ وجهه واضح . [ المقرّر حفظه الله ]