المقصد الرابع فی العامّ والخاصّ

تذنیب‏: فی التمسّک بالأصل العملی فی المقام عند الشکّ والإجمال

تذنیب : فی التمسّک بالأصل العملی فی المقام عند الشکّ والإجمال

‏قد عرفت : أنّه لا إشکال فی أنّ القدر المتیقّن‏ ‏، رجوع الضمیر إلی الأخیرة‏ ‏؛‏‎ ‎‏لأنّ عوده إلی غیرها وصرفه عنها‏ ‏، خلاف الارتکاز وقانون المحاورة‏ ‏. فإذا لم یمکن‏‎ ‎‏الاستظهار بالنسبة إلی ما عدا الأخیرة‏ ‏، هل یصحّ الأخذ بأصالة العموم فی سائر‏‎ ‎‏الجمل مطلقاً‏ ‏، أو لا یمکن الأخذ کذلک‏ ‏، بل المرجع الأصل العملی‏ ‏، کما اختاره فی‏‎ ‎‏«الکفایة»‏‎[1]‎‏ أو یفصّل بین ما إذا استفید العموم من اللفظ‏ ‏، أو من مقدّمات الحکمة‏‎[2]‎ ‏،‏‎ ‎‏فیجوز فی الأوّل‏ ‏، دون الثانی؟وجوه‏ .

والذی یقتضیه النظر‏ عدم صحّة التمسّک بأصالة العموم مطلقاً‏ ‏؛ لما أشرنا غیر‏‎ ‎‏مرّة من أنّ مجرّد ظهور الکلام فی أمر‏ ‏، لا یصحّح الاحتجاج به‏ ‏، بل لابدّ فی ذلک من‏‎ ‎‏إحراز تطابق الجدّ للاستعمال‏ ‏، ومع قرینیّة الاستثناء الواقع فی الکلام لا یکاد یحرز‏‎ ‎‏ذلک‏ ‏؛ فإنّ أصالة العموم إنّما تکون حجّة‏ ‏، فیما إذا اُحرز تطابق الجدّ للاستعمال‏ ‏، وذلک‏‎ ‎‏فیما إذا ورد ما یصلح للقرینیة بعد استقرار ظهور الکلام فی کلام منفصل‏ ‏، ولکنّه‏‎ ‎‏خارج عن محطّ البحث‏ ‏؛ لأنّه فی الاستثناء المتصل بالکلام‏ ‏، فحیث حفّ الکلام بما‏‎ ‎‏یصلح للقرینیة وتقیید مدخول إرادة العموم‏ ‏، فلا یکاد یحرز عند ذلک تطابق‏‎ ‎‏الإرادتین‏ ‏، فیصیر الکلام مجملاً‏ .


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 489
وتوهّم‏ : أنّ ذلک مخلّ بغرض المتکلّم‏ ‏، ‏مدفوع‏ بإمکان تعلّق غرضه أحیاناً‏‎ ‎‏بإلقاء الکلام المجمل‏ ‏، وإلاّ لوجب أن لا یصدر المتشابهات والمجملات‏ ‏، وهو کما تری‏ .

إن قلت‏ : إنّ أصالة الإطلاق فی الاستثناء والمستثنی‏ ‏، جاریة فی حدّ نفسها لو‏ ‏لا‏‎ ‎‏حکومة أصالة العموم علیها‏ ‏، ومعها لامجال لقرینیة الإطلاق‏ ‏؛ لأنّه دوری‏ ‏، نعم‏‎ ‎‏لوکانت دلالة العموم بمقدّمات الحکمة‏ ‏، لم یکن وجه لتقدیم أصالة العموم‏ ‏، ولکنّه‏‎ ‎‏بمعزل من التحقیق‏ .

قلت أوّلاً‏ : إنّ العموم وإن کان وضعیاً لا یحتاج إلی جریان المقدّمات‏ ‏، لکنّک‏‎ ‎‏عرفت أنّه بمجرّد ذلک ، ما لم یحرز تطابق الجدّ للاستعمال‏ ‏، لا یصلح للاحتجاج به‏ ‏،‏‎ ‎‏ولا یکاد یحرز فیما إذا حفّ الکلام بما یصلح للقرینیة وتقیید مدخول أداة العموم‏ .

‏وبالجملة : لم یحرز بناء العقلاء فی العمل بأصالة العموم عند احتفاف الکلام‏‎ ‎‏بمایصلح للقرینیة‏ .

وثانیاً‏ : إنّ إطلاق المستثنی تابع لإطلاق الضمیر المشتمل علیه‏ ‏، ولا یعقل أن‏‎ ‎‏یکون الإطلاق مشخّصاً لمرجع الضمیر‏ ‏، وإلاّ للزم الدور‏ ‏. ‏

‏وهکذا الإشکال فی صورة عدم اشتماله علی الضمیر‏ ‏؛ لصحّة انطباق عنوانه‏‎ ‎‏علی الجمیع‏ ‏، سواء قلنا : إنّ الضمیر منوی أم لا‏ ‏، فحینئذٍ لا تکون أصالة الجدّ محرزة‏ ‏،‏‎ ‎‏فتأمّل‏ .

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 490

  • )) کفایة الاُصول : 274 .
  • )) قلت : جری سماحة الاُستاذ ـ دام ظلّه ـ فی هذا علی مذاق القوم ، وإلاّ فمقدّمات الحکمة عنده لا تقتضی العموم . [ المقرّر حفظه الله ]