المورد الأوّل : فی تحدید مصبّ النزاع
ظاهر عبارات القوم فی عنوان البحث ، یشعر بکون محطّ البحث فی الخطابات الشفاهیة ـ نحو قوله تعالی : «یَاأیُّهَاالَّذِیْنَ آمَنُوا» و«یَاأیُّهَاالنَّاسُ»وغیرهما ـ فی أنّه هل تختصّ تلک الخطابات بالحاضرین مجلس الخطاب ، أو تعم غیرهم من الغائبین والمعدومین؟ مع أنّ البحث کذلک غیر مناسب لمبحث العامّ ؛ لأنّ إمکان مخاطبتهما وعدمه غیر مرتبط به ، وواضح البطلان فی نفسه ؛ لاستحالة توجّه الخطاب للغائب والمعدوم ، لأنّ المعدوم لا یکون شیئاً حتّی یصحّ مخاطبته .
وبالجملة : ظاهر عنوان البحث ـ کظاهر بعض استدلالاتهم ـ یشعر بأنّ النزاع عندهم فی جواز مخاطبة المعدوم والغائب ، ویکون النزاع عقلیاً فی إمکانه وعدمه ، وهوـ مع عدم مناسبته لمبحث العام یکون أحد طرفی المسألة واضح البطلان ؛ لاستحالة مخاطبة المعدوم والغائب ، فلا ینبغی إسناده إلی قائل .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 446
نعم ، لا یبعد ذلک عن مثل بعض الحنفیة ، حیث جعل محطّ البحث ما ذکرناه ، وذهب إلی جوازه مستدلاًّ بقوله تعالی : «إنَّمَا أمْرُهُ إذَا أرَادَ شَیْئَاً أنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ» بتوهّم أنّ أمره وإرادته تعالی ، لا یمکن أن یتعلّقا بالموجود ؛ لأنّه تحصیل للحاصل ، فلابدّ وأن یتعلّقا بالمعدوم بأن یوجد .
فینبغی طرح محطّ البحث بنحو عقلی معقول ؛ بأن یقال : إنّ العنوان الذی یلی تلک الأداة الخطابیة ، هل یعمّ غیر الحاضرین ویمکن استفادة أحکامهم من تلک الخطابات، أم لا؟ لأنّه علی هذا یمکن أن یکون لکلّ من القولین وجه ومستند، فمستند القائل بالمنع هو أنّ تعمیم ألفاظ العموم لغیر الحاضرین یستلزم شمول الخطاب لهم ، وهو باطل ، ومستند القائل بالجواز هو عدم استلزام التعمیم ذلک ، فتری أنّ طرح محطّ النزاع علی ما ذکرنا، لم یکن واضحاً وبیّن الفساد؛ وإن کان القول به غیر صحیح.
وبعبارة اُخری : یکون البحث صغرویاً ؛ وفی استلزام التعمیم للغائبین والمعدومین الأمر المستحیل عقلاً ، لاکبرویاً . ومع ذلک کلّه فلیس هذا المبحث بمهمّ .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 447