المقصد الرابع فی العامّ والخاصّ

المبحث الثالث حول جواز التمسّک بالعامّ أو المطلق أو الظاهر أو

المبحث الثالث حول جواز التمسّک بالعامّ أو المطلق أو الظاهر أو

‏ ‏

‏ ‏

‏إجراء الأصل قبل الفحص عن المخصّص أو المقیّد أو المعارض أو الأدلّة ‏

‏ ‏

‏اختلفوا فی جواز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص‏ ‏؛ وإن حکی نفی‏‎ ‎‏الخلاف ـ بل الإجماع ـ علی عدم الجواز‏ ‏. وربما یذکر بعنوان المقدّمة وتحریر محطّ‏‎ ‎‏البحث‏ ‏، اُمور لا بأس بالإشارة إلیها :‏

منها :‏ ما أفاده المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ : من أنّ محطّ البحث فی حجّیة أصالة‏‎ ‎‏العموم مطلقاً أو بعد الفحص عن المخصّص والیأس عن الظفر به‏ ‏؛ فیما إذا کان اعتبار‏‎ ‎‏أصالة العموم من باب الظنّ النوعی‏ ‏، لا الشخصی‏‎[1]‎ .

‏وهو کذلک‏ ‏؛ ضرورة أنّ الشخصی منه تابع لحصوله‏ ‏، ولادخل للفحص وعدمه‏‎ ‎‏فیه‏ ‏، فکلّ مورد حصل فیه الظنّ الشخصی یکون حجّة‏ ‏؛ سواء کان قبل الفحص أم‏‎ ‎‏بعده‏ ‏، وأمّا النوعی منه فلا‏ ‏، کما لا یخفی‏ .

ومنها :‏ ما أفاده ‏‏قدس سره‏‏ أیضاً : من أنّ محطّ البحث فیما إذا کان اعتبار أصالة العموم‏‎ ‎‏والظواهر‏ ‏؛ للمشافهین وغیرهم‏‎[2]‎ .


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 432
‏وهو أیضاً متین‏ ‏؛ لأنّه لو کانت حجّیتها مختصّة بالمشافهین‏ ‏، لما کان الفحص‏‎ ‎‏نافعاً لغیر المشافهین وإن حصل الظنّ الشخصی بعد الفحص‏ .

ومنها :‏ ـ ما أفاده أیضاً ـ أنّه اعتبر عدم وجود العلم الإجمالی بالتخصیص فی‏‎ ‎‏البین‏ ‏؛ ضرورة أنّه لو علم بورود مخصّصات فی البین‏ ‏، لما کان وجه لإنکار لزوم‏‎ ‎‏الفحص قبل الانحلال‏‎[3]‎ .

‏وهذا أیضاً متین‏ ‏، کما سیمرّ بک‏ ‏. ولکنّ الظاهر منهم ـ بلحاظ استدلالهم‏‎ ‎‏للزوم الفحص بالعلم الإجمالی ـ أعمّیة البحث بالنسبة إلی فرضی العلم الإجمالی‏‎ ‎‏وعدمه‏‎[4]‎ .

ومنها :‏ قوله ‏‏قدس سره‏‏ : إنّ محطّ البحث فی لزوم الفحص عن المخصّص إنّما هو عن‏‎ ‎‏المخصّص المنفصل‏ ‏، وأمّا عن المتّصل فخارج عن محطّ البحث‏ ‏، ولا یلزم الفحص عنه‏‎ ‎‏بلاخلاف‏ ‏؛ لأنّ احتمال وجود المخصّص المتّصل وعدم وصوله إلینا‏ ‏، إمّا لاحتمال إسقاط‏‎ ‎‏الراوی ذلک عمداً‏ ‏، وهو منافٍ لوثاقته وأمانته‏ ‏، أو لسقوطه عنه خطأً أو نسیاناً‏ ‏، وهو‏‎ ‎‏خلاف الأصل العقلائی‏ .

‏وبالجملة : محطّ البحث فی المخصّصات المنفصلة دون المتصلة‏ ‏؛ لأنّ احتمال عدم‏‎ ‎‏وصول القید المتصل‏ ‏، إمّا لاسقاط الراوی عمداً‏ ‏، أو خطأً‏ ‏، أو نسیاناً‏ ‏، وکلّ منها غیر‏‎ ‎‏معتنی به عند العقلاء‏ ‏؛ لأنّ الأوّل مخالف لفرض وثاقته وأمانته‏ ‏، والأخیران مخالفان‏‎ ‎‏للأصل العقلائی‏‎[5]‎ .


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 433
ومنها‏ : ما یظهر منه وصدّقه علیه المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ و‏ ‏هو أنّه فرق بین الفحص‏‎ ‎‏المبحوث عنه هنا‏ ‏، وبین الفحص المبحوث عنه فی الاُصول العملیة‏ ‏، فإنّه فی المقام عمّا‏‎ ‎‏یزاحم الحجّیة‏ ‏، بخلافه هناک‏ ‏، فإنّه من متمّمات الحجّة‏ ‏؛ ضرورة أنّ حکم العقل‏‎ ‎‏بالبراءة العقلیة مثلاً‏ ‏، تعلّق علی موضوع عدم البیان من الشارع علی النحو المتعارف‏ ‏،‏‎ ‎‏وقبل الفحص عن البیان فی الکتب والجوامع التی بأیدینا‏ ‏، لا یتحقّق موضوع قاعدة‏‎ ‎‏القبح بلابیان‏ ‏، فلابدّ فیه من الفحص حتّی یتحقّق موضوع القاعدة‏‎[6]‎ .

ولکن الحقّ‏ : ـ کما سیظهر لک عند ذکر لزوم الفحص ـ أنّ الفحص فی کلا‏‎ ‎‏المقامین من متمّمات الحجّة‏ ‏، لاعن مزاحماتها‏ ‏، فارتقب حتّی حین‏ .

ومنها :‏ أنّ لزوم الفحص لا یختصّ بجواز العمل بالعامّ‏ ‏، بل یجری فی المطلق‏‎ ‎‏أیضاً‏ ‏؛ فإنّه لا یجوز العمل به قبل الفحص عن المقیّد‏ ‏، بل وفی الظاهر قبل الفحص عن‏‎ ‎‏معارضه‏ ‏، وفی الاُصول العقلیة ـ بل غیر العقلیة ـ قبل الفحص عن الأدلّة الاجتهادیة‏‎ ‎ ‏؛ لأنّ ملاک الفحص فی الجمیع واحد‏ ‏، کما سیظهر لک إن شاء الله ‏ .

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 434

  • )) کفایة الاُصول : 264 .
  • )) نفس المصدر .
  • )) کفایة الاُصول : 264 .
  • )) قلت : لم یرد قدس سره تعیین محطّ النزاع عند القوم ، بل هو بصدد بیان ما ینبغی أن یکون محلّ الکلام ، وقد صرّح بذلک ، فراجع . [ المقرّر حفظه الله ]
  • )) کفایة الاُصول : 265 .
  • )) کفایة الاُصول : 265 ـ 266 ، فوائد الاُصول 1 : 539 ـ 540 .