المقدّمة الثالثة : فی القضایا المفتقرة إلی وجود الموضوع
هذه المقدّمة من أهمّ المقدّمات ، بل أساس المطلب لجریان الأصل ؛ وهی أنّ القضایا تنقسم إلی الموجبة ، والسالبة ، وهما إلی البسیطة ، والمرکّبة ، والجمیع إلی المحصّلة ، والمعدولة . . . إلی غیر ذلک .
والقضیة الموجبة المحصّلة منها نحو «زید قائم» والموجبة المعدولة منها نحو «زید لا قائم» والموجبة السالبة للمحمول نحو «زید هو الذی لیس بقائم» کلّها تحتاج إلی وجود الموضوع فی ظرف ثبوت الحکم ؛ لقاعدة الفرعیة غیر القابلة للتخصیص ، ضرورة أنّ ثبوت شیء لشیء ، فرع ثبوت المثبت له فی ظرف ثبوت الحکم ؛ سواء کان الثابت وجودیاً ، أو لا وکذا اتحاد شیء مع شیء فی ظرفٍ فرع تحقّقهما فیه ، وهذا واضح فی القضیة الموجبة المحصّلة .
وهکذا الأمر فی القضیة الموجبة المعدولة المحمول ، أو الموجبة السالبة المحمول ؛
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 408
لأنّه یراد منهما إثبات معنی عدولی أو عدمی للموضوع ، فلابدّ وأن یکون له تحقّق ووجود حتّی یحمل علیه ذلک المعنی العدولی أو العدمی .
وأمّا فی السوالب المحصّلة ، فبما أنّها لسلب النسبة والهوهویة وقطع الربط ، فلا یحتاج إلی وجود الموضوع ، ولذا قلنا : إنّ «شریک الباری لیس بموجود» قضیة صادقة ؛ لعدم وجود مصداق لها فی الخارج ، بخلاف «شریک الباری لا موجود» فإنّها قضیة کاذبة ؛ لدلالتها علی إثبات اللاموجود لشریک الباری .
إذا تمهّد لک ما ذکرنـا ، فلا بـدّ مـن ملاحظـة الدلیل المثبت للحکم عـلی الموضوع ؛ وأنّه من أیّ قسم من هذه القضایا ، وأنّه هل تعلّق علی نحو السالبة المحصّلة ، أو الموجبة المعدولة المحمول ، أو السالبة المحمول . . .؟ إلی غیر ذلک ؛ لاختلاف الحکم بحسبها .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 409