توجیه آخر لعدم مجازیة العامّ المخصّص وتزییفه
ثمّ إنّ المحقّق النائینی قدس سره حیث أنکر وجود الإرادتین الاستعمالیة والجدّیة ، سلک طریقاً آخر لعدم لزوم المجازیة من التخصیص والتقیید ، ولکنّه لا یخلو من النظر ، فقال أوّلاً ما حاصله : أنّ حقیقة الاستعمال لیست إلاّ إلقاء المعنی بلفظه ؛ بحیث لا یکون الشخص حال الاستعمال ملتفتاً إلی اللفظ ، بل هو مغفول عنه ، وإنّما یکون اللفظ مرآة إلی المعنی ، ولیس للاستعمال إرادة مغایرة لإرادة المعنی الواقعی ، فالمستعمِل إن کان قد أراد المعنی الواقع تحت اللفظ فهو ، وإلاّ کان هازلاً .
ودعوی : أنّ العامّ قد سیق لضرب القاعدة ، ممّا لا محصّل له ؛ فإنّ أداة العموم والمدخول إنّما سیقت لبیان الحکم النفس الأمری ، ولیست القاعدة جزء مدلول الأداة ، ولا جزء مدلول المدخول .
نعم قد یعبّر عن العامّ بالقاعدة ، إلاّ أنّ المراد منها القاعدة العقلائیة من حجّیة الظهور وأصالة العموم ؛ وأین هذا من العامّ المسوق لبیان الحکم الواقعی؟!
والحاصل : أنّ تفکیک الإرادة الاستعمالیة عن الإرادة الواقعیة ممّا لا محصّل له ، بل العامّ قبل ورود التخصیص علیه وبعده ، علی حدّ سواء فی تعلّق الإرادة به .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 356
ثمّ قال قدس سره : التحقیق أن یقال : إنّ کلاًّ من أداة العموم ومدخولها ، لم یستعمل إلاّ فی معناه ؛ من غیر فرق فی ذلک بین کون المخصّص متصلاً ، أو منفصلاً ، أو کان التخصیص أنواعیاً ، أو أفرادیاً ، أو کانت القضیة حقیقیة ، أو خارجیة :
أمّا الأداة ، فلأنّها لم توضع إلاّ للدلالة علی استیعاب ما ینطبق علیه المدخول ، ومعلوم أنّه لا یتفاوت الحال فیها بین سعة دائرة المدخول أو ضیقه .
وأمّا فی المدخول ، فلأنّه لم یوضع إلاّ للطبیعة المهملة المعرّاة عن کلّ خصوصیة ؛ لأنّ «العالم» مثلاً لا یکون معناه إلاّ من انکشف لدیه الشیء ؛ من دون دخالة للعدالة والفسق وغیرهما فیه أصلاً ، فلو قیّد «العالم» بـ «العادل» مثلاً لم یستلزم ذلک مجازاً فی لفظ «العالم» لأنّه لم یرد من «العالم» إلاّ معناه ، ولم یستعمل فی غیر من انکشف لدیه الشیء ، والخصوصیة إنّما استفیدت من دالّ آخر .
فعلی هذا ، لا یفرّق الحال بین أن یکون القید متّصلاً بالکلام ، أو منفصلاً ، أو لم یذکر القید أصلاً ، ولکن کان المراد المقیّد ؛ فإنّه فی جمیع ذلک لم یستعمل «العالم» إلاّ فی معناه ، فمن أین تأتی المجازیة؟!
وربما یتوهّم المجازیة فی التخصیص الأفرادی ؛ سواء کان ذلک فی القضیة الحقیقیة ، أو الخارجیة ؛ لأنّ التخصیص الأفرادی لا یوجب تضییق دائرة المصبّ ومدخول الأداة ، کما فی التخصیص الأنواعی ؛ لأنّ المدخول ـ کما تقدّم ـ لم یوضع إلاّ للطبیعة ، فالتخصیص الأفرادی إنّما یصادم نفس الأداة ؛ من حیث إنّ الأداة موضوعة لاستیعاب أفراد المدخول ، والتخصیص الأفرادی یوجب عدم استیعاب الأفراد ، فیلزم استعمال الأداة فی غیرما وضعت له .
ولکنّه مدفوع ؛ لأنّ الأقوی أنّ التخصیص الأفرادی أیضاً لا یوجب المجازیة :
أمّا فی القضیة الحقیقیة ؛ فلأنّ الأفراد لیست مشمولة للّفظ ابتداءً ؛ بحیث تکون
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 357
دلالة «أکرم کلّ عالم» علی إکرام زید وعمرو وبکر وغیرهم ، دلالة لفظیة ، وإلاّ لما احتجنا فی الحقیقیة إلی تألیف القیاس واستنتاج حکم الأفراد من ضمّ الکبری إلی الصغری ؛ بل یستفاد حکم کلّ فرد من تألیف القیاس وتطبیق الکبری الکلّیة علیه ، التخصیص الأفرادی أیضاً یوجب تضییق دائرة المصبّ ومدخول الأداة .
وأمّا فی القضیة الخارجیة ، فالتوهّم وإن کان فیها اَمَسّ ؛ من جهة أنّ القضیة الخارجیة ابتداءً ، متکفّلة لحکم الأفراد بلا حاجة إلی تألیف القیاس ثبوتاً وإن احتاجت إلیه أحیاناً إثباتاً ، إلاّ أنّه مع ذلک التخصیص الأفرادی فی الخارجیة لا یوجب المجازیة أیضاً ؛ للعلم بأنّ استعمال أداة العموم ومدخولها فی الحقیقیة والخارجیة ، إنّما یکون علی نهج واحد ، ولیس للأداة فی الخارجیة وضع واستعمال علی حدة ، وانقسام القضیة إلیهما لیس باعتبار اختلاف الوضع والاستعمال ، بل باعتبار اللحاظ ؛ من حیث لحاظ الأفراد الموجودة فعلاً فی الخارجیة ، وعدم لحاظها کذلک فی الحقیقیة ، واختلاف اللحاظ إنّما یکون باختلاف الملاک فی القضیتین ، فالتخصیص الأفرادی فی القضیة الخارجیة ، أیضاً یرد علی المصبّ والمدخول ، ویوجب تضییق دائرته ، انتهی محرّراً .
أقول : فی کلامه قدس سره مواقع للنظر ، ولو أغمضنا وسلّمنا جمیع مقدّماته ؛ وأنّ مرجع القیود هو المدخول ، وأنّ المتعلّق للأفراد ثانوی لا أوّلی ، وأنّ التخصیص أنواعی لا أفرادی ، وأنّ الفرق بین الحقیقیة والخارجیة هو ما ذکره ، وغیر ذلک ، فمع ذلک یتوجّه علیه ـ علی الإجمال ـ إشکال ذو شعب .
وحاصله : أنّ العامّ الذی یتعقّبه المخصّص إذا لم تخالف إرادته الاستعمالیة إرادته
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 358
الجدّیة ، فإمّا أن یکون مریداً جدّاً ترتّب الحکم علی جمیع أفراد الموضوع ، فیکون التخصیص نسخاً وبداءً مستحیلاً علی الواجب تعالی إذا کان من القسم المحال ، أو نسخاً مطلقاً ، والنسخ وإن لم یکن محالاً ، ولکنّه خارج عن محطّ البحث الذی هو فی التخصیص لا النسخ .
وإمّا أن یرید ترتّب الحکم علی قسم خاصّ من الموضوع ، فیلزم أن یکون الاستعمال عنده قدس سره مجازیاً ؛ لأنّ المجاز عندهم ـ خلافاًلما هو المختار فی باب المجاز ، وقد أشرنا إلیه آنفاً ـ هو استعمال اللفظ فی غیر معناه الموضوع له ، ومن مصادیقه الشائعة عندهم إرادة المقیّد من المطلق .
والحاصل : أنّه یلزم فی العامّ المخصّص أحد هذه الاُمور علی سبیل منع الخلوّ :
إمّا أن یکون اللفظ مستعملاً فی معنی لم یرده جدّاً ، کما نقول به .
أو الالتزام بکون التخصیص نسخاً .
أو کون استعمال العامّ فی الباقی مجازیاً .
فالإشکال ذو شعب ، والمحقّق النائینی قدس سره حیث ینکر الإرادتین فیتوجّه علیه أحد الأمرین الأخیرین .
فظهر : أنّ الجواب الذی أجاب به المحقّق النائینی قدس سره عن شبهة إجمال العامّ المخصّص فی الباقی بعد التخصیص ، لم یکن مقنعاً ، مع ما فیه .
إشکالان ودفعان :
قد عرفت التقریب الذی ذکرناه لحجّیة العامّ فی الباقی بعد التخصیص ؛ وأنّه بعد التخصیص یستکشف أنّ الإرادة الجدّیة ، لم تکن متعلّقة من أوّل الأمر بما خرج عن العامّ . ومقتضی کثرة التخصیصات فی الشریعة ، هو عدم جواز التمسّک بالعامّ قبل
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 359
الفحص عن المخصّص ، کما هو الشأن فی إجراء الاُصول العقلیة والشرعیة ، کقاعدة قبح العقاب بلا بیان ، وقاعدة «رفع . . . ما لا یعلمون» .
ولکن یظهر من المحقّق الأصفهانی قدس سره توجّه إشکالین علی ما ذکرنا ، فإنّه قدس سره وجّه مقال اُستاذه المحقّق الخراسانی قدس سره ـ وهو أنّ العموم الملقی من باب ضرب القاعدة وإتمام الحجّة ـ بأنّ الحجّة متقوّمة بالکشف النوعی عن الإرادة الجدّیة ، فله أن یجعل الإنشاء بالإضافة إلی تمام أفراد العامّ بداعی إعطاء الحجّة ، ویکون له من الأثر ما للإنشاء بداعی البعث الحقیقی . . . إلی أن قال : «إنّ الحجّة بلحاظ کاشفیة الإنشاء عن کونه بداعی البعث الحقیقی ، فیکون منشأً لانتزاع البعث حقیقة بالإضافة إلی کلّ واحد . . . » .
إلی أن قال ما حاصله : أنّه بعد التخصیص حیث لم یکن بعثاً حقیقیاً بالنسبة إلی الأفراد التی خرجت عن دائرة العامّ ـ مع کونها متعلّقاً بها فی مرحلة الإنشاء ـ فلازمه صدور الواحد عن داعیین بلاجهة جامعة تکون هی الداعی :
الأوّل : إنشاؤه بداعی البعث والتحریک الواقعی ؛ وهو بالنسبة إلی الباقی .
والثانی : إنشاؤه بداعی ضرب القاعدة والقانون ؛ وهو بالنسبة إلی ما خرج .
فهناک داعیان لجعل قانون واحد ، وقد برهن علی امتناع صدور الواحد عن اثنین . هذا بالنسبة إلی إشکاله الأوّل .
وأمّا إشکاله الثانی فحاصله : أنّ الظاهر من البعث والإنشاء کونه بداعی الانبعاث ، لا لجعل القاعدة والحجّة ، والظاهر من استعمال الألفاظ کونها مستعملة فی معانیها ، فإذا ورد التخصیص ، فیدور الأمر بین رفع الید إمّا عن ظهور استعمال الألفاظ فی معانیها ، مع حفظ ظهورها فی کونه بداعی البعث الجدّی بالإضافة إلی ما استعمل فیه ؛ وهو الخصوص ، أو عن مطابقة الجدّ للاستعمال وعدم کون الجدِّ
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 360
مطابقاً للاستعمال ، ولا ترجیح لأحدهما علی الآخر .
ثمّ ورد فی أصل المطلب فقال : «إنّ المخصّص المنفصل إمّا یرد قبل وقت الحاجة ، أو بعدها ، فإن ورد قبلها فالإنشاء وإن کان بداعی البعث جدّاً ، إلاّ أنّه بالنسبة إلی موضوعه الذی یحدّده ویعیّنه بکلامین منفصلین ، فإنّه لو علم أنّ عادة هذا المتکلّم إفادة مرامه الخصوصی بکلامین منفصلین ، لم یکن ظهور کلامه فی العموم دلیلاً علی مرامه ؛ وإن ورد بعد الحاجة فالإنشاء بداعی البعث الجدّی بالإضافة إلی الجمیع ، غایة الأمر یکون البعث المزبور بالنسبة إلی بعض أفراد العامّ ، منبعثاً عن المصالح الواقعیة الأوّلیة ، وفی بعضها الآخر عن المصالح الثانویة ؛ بحیث ینتهی أمدها بقیام المخصّص» .
وفیه أنّه یتوجّه علی إشکاله الأوّل اُمور :
فأوّلاً : أنّ مقتضی کلامه قدس سره أنّه لو کان بین الداعیین جهة جامعة لأمکن ذلک ، وهو منه عجیب ؛ لأنّ الجامع بما هو جامع بنعت الوحدة ، لم یکن موجوداً حتّی یکون مؤثّراً فی شیء أو متأثّراً عنه .
وثانیاً : أنّ الدواعی المختلفة ربما تدعو الإنسان إلی شیء واحد ، کما لا یخفی .
وثالثاً : أنّ حدیث امتناع صدور الواحد عن اثنین وبالعکس ، أجنبی عن أمثال المقام ؛ لأنّ مجراه ـ کما قرّر فی محلّه وأشرنا إلیه غیر مرّة ـ مختصّ بالواحد البسیط الحقیقی الذی لا یکون فیه شائبة الترکیب أصلاً .
ورابعاً : لو عمّم مورد القاعدة ، فغایة ما یمکن أن یقال هو تعمیمها لمطلق العلّة الفاعلیة ، ومعلوم أنّ الدواعی لیست من علل فاعلیة الشیء ، بل من غایات صدور
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 361
الأفعال ، ومعنی کون الغایة علّة فاعلیة للفاعل ؛ هو أنّه لا یصیر الفاعل مبدأ الأمر إلاّ لأجلها ، لا أنّ الغایة مصدر فاعلیته ، فالغایة ما لأجلها الحرکة ، لا فاعل التحریک ، فتدبّر .
ویتوجّه علی إشکاله الثانی أمران :
فأوّلاً : أنّ احتمال المجازیة بمجرّد استعمال العامّ فی الخاصّ ، غیر صحیح ؛ لما مرّ مستوفیاً وأشرنا إلیه آنفاً من أنّه لیست المجازیة باستعمال اللفظ فی غیر معناه الموضوع له .
و ثانیاً : أنّه لو سلّمت المجازیة لا تکون هناک علاقة مصحّحة .
وبالجملة یشترک الاستعمال المجازی مع الاستعمال الحقیقی فی أنّهما یستعملان فیما وضعا له بلا تفاوت بینهما أصلاً ، وإنّما التفاوت فی تطبیق المعنی المستعمل فیه علی المصداق الحقیقی والادعائی ، ومن المعلوم أنّه لا مصحّح للادّعاء فی أمثال المقام ، فمعه لا یدور الأمر بین رفع الید عن الظهور الاستعمالی وبین رفعها عن الظهور الإنشائی فی کونه بداعی البعث الحقیقی ، فتدبّر .
ذکر وتعقیب
قد أجاب المحقّق العراقی قدس سره عن الشبهة بما حاصله : أنّ العامّ وإن کان له ظهور واحد ودلالة فاردة ، ولکن حیث إنّ شأن الحکایة والمرآتیة جذب لون محکیّها ؛ لکونها فانیة فی معناها ، ولذا یجذب الحاکی لون المحکی والمفنی فیه ، ویکون قبیحاً بقبح المعنی ، وحسناً بحسنه ، فإذا کان المحکی متعدّداً کانت الحکایة متعدّدة ، فالعامّ حیث إنّه یحکی عن مصادیق متعدّدة تحته ، لذا یکون بمنزلة حکایات متعدّدة ، ومجرّد رفع الید عن بعض تلک الحاکیات عن الحجّیة بالتخصیص ، لا یوجب رفع الید عن
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 362
حکایته عن البقیة ، فغایة ما تقتضیه القرینة المنفصلة ، رفع الید عن حجّیة الأعلی . هذا فی المخصّص المنفصل .
ویؤیّد ما ذکرنا ملاحظة القرائن المتصلة والمخصّص المتصل ؛ لأنّه من الممکن أن لا یکون ظهور العامّ فی الباقی ، من جهة القرینة ، بل یستند إلی وضعه الأوّلی ، غایة الأمر تمنع القرینة عن إفادة الوضع الأعلی الثابت من الظهور ، فیبقی اقتضاؤه للمرتبة الاُخری دونها بحاله . فعلی أیّ تقدیر لا یضرّ تخصیص العامّ بحجّیته فی الباقی ، انتهی موضحاً .
وفیه أوّلاً : أنّ فناء اللفظ فی معناه وجذب اللفظ لون محکیّه ، کلام غیر وجیه أشبه بالخطابة ، وقد مضی الکلام فیه فی مبحث استعمال اللفظ فی أکثر من معنی واحد ، ومنشأ ذلک توهّم تنفّر الطبع عند سماع بعض الألفاظ ، واستقباح ذکر بعضها الآخر ، مع أنّ ذلک إنّما هو لأجل الانتقال إلی معناه القبیح المنتقل إلیه من اللفظ ، لا بمجرّد سماع اللفظ ، وإلاّ یلزم أن یتنفّر الجاهل باللغة من سماعه أیضاً ، وهو کما تری .
فتعدّد المحکی لا یوجب تعدّد الحکایة بعد کون الحکایة عنواناً بسیطاً ، فلفظ العامّ بعنوان واحد وحکایة فاردة ، یحکی عن الکثیر ، فإذا علم أنّ اللفظ لم یستعمل فی معناه بدلیل منفصل ـ کما هو المفروض ـ لم تبقَ حکایة بالنسبة إلی غیره .
وثانیاً : أنّه لو سلّم حدیث سرایة لون المحکی إلی اللفظ الحاکی ، فإنّما هو فیما إذا کان للمحکی کثرة ، وهنا لم یکن کذلک ؛ لأنّ معنی «کلّ عالم» مثلاً واحد لا کثیر ، نعم ینطبق هذا المعنی الواحد علی الکثیر ، فتدبّر .
وثالثاً : أنّ ما ذکره من مراتب الظهور فی المخصّص المتّصل ممنوع ؛ بداهة أنّ
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 363
کلّ لفظ فی المخصّص المتصل ، مستعمل فی معناه ، والمحدودیة إنّما اُفیدت لأجل القیود والإخراج بالاستثناء ، فلفظ «کلّ» موضوع لاستغراق مدخوله ، فإذا کان مدخوله «العالم إلاّ الفاسق» مثلاً ، یستغرق المدخول المرکّب من المستثنی منه والمستثنی ؛ من غیر أن یکون الاستثناء مانعاً عن ظهوره ، لعدم ظهوره إلاّ فی استغراق المدخول أیّ شیء کان ، ولو فرض أنّ القید أو الاستثناء یمنعان عن ظهوره ، صار الکلام مجملاً ؛ لعدم مراتب الظهور ، وهو واضح ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 364