الأمر الثانی : فی شمول النزاع للوصف الأخصّ المطلق والأعمّ من وجه
إنّ وزان استفادة المفهوم من الوصف ، وزان استفادة المفهوم من الجملة الشرطیة ، فلابدّ من حفظ جمیع ما یذکر فی الکلام من القیود عدا الوصف الذی یدور علیه المفهوم . وبالجملة : لابدّ من حفظ الموضوع فی استفادة مفهوم الوصف کما هو الشأن فی استفادة مفهوم الشرط وعلیه فالوصف المساوی لموصوفه خارج عن محطّ البحث ؛ لارتفاع الموضوع بارتفاع الوصف ، فلا یبقی للحکم مرکز حتّی یحمل علیه أو یسلب عنه .
بل لو کانت النسبة بین الوصف وموصوفه العموم من وجه وکان الافتراق من جانب الموصوف ، لکان أیضاً خارجاً عن محطّ البحث ؛ لما أشرنا من لزوم حفظ الموضوع فی المفهوم والمنطوق ، وإنّما الاختلاف بینهما فی تحقّق الوصف فی أحدهما دون الآخر .
فمحطّ البحث فیما إذا کان الوصف أخصّ من موصوفه ؛ لبقاء الموضوع بعد انتفاء الوصف .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 288
إن قلت : إنّ هذا یتمّ فی الوصف المعتمد علی الموضوع ، وأمّا الوصف الاشتقاقی بناءً علی القول ببساطة المشتقّ ، فلا موضوع له .
قلت : لا ینبغی الإشکال فی أنّه إذا سمع العرف والعقلاء «أکرم العادل» لفهموا منه الرجل العادل ، ولا یلزم أن یکون ذلک مدلولاً علیه باللفظ ؛ حتّی یقال : إنّه بناءً علی القول ببساطة المشتقّ لا یکون مدلولاً علیه . ولعلّ ذلک عندهم من قبیل «وحذف ما یعلم منه جائز» .
وبالجملة : لا ینبغی الإشکال فی أنّه یستفاد من تلک الجملة ، أنّ موضوع الإکرام الإنسان الموصوف بوصف العدالة ، وهو یکفی فی استفادة المفهوم .
والحاصل : أنّه لا ریب فی دخول الوصف الأخصّ فی محطّ البحث ؛ لبقاء الموضوع بعد انتفائه فی الوصف الذی لم یعتمد علی موصوفه ، إذ لابدّ علی القول بالمفهوم من تقدیر موصوف عند التحلیل . کما یدخل فی موضوع البحث الوصف الذی تکون النسبة بینه وبین موصوفه ، عموماً من وجه فی مورد افتراق الصفة عن الموصوف ، کما فی الغنم غیر السائمة بالنسبة إلی الغنم السائمة .
إذا تمهّد لک ما ذکرنا یظهر لک ضعف ما فی کلام المحقّق الخراسانی قدس سره مـن تعـمیم محـطّ البحث للمتسـاویین أیضـاً وکذلک ضعـف مـا عـن بعـض
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 289
الشافعیة من أنّ قوله صلی الله علیه و آله وسلم «فی الغنم السائمة زکاة» یدلّ علی عدم الزکاة فی الإبل المعلوفة ، لما أشرنا من أنّ حفظ الموضوع فی المنطوق والمفهوم ، ممّا لابدّ منه ، وإنّما الاختلاف بینهما فی تحقّق الوصف فی أحدهما دون الآخر بعد حفظه ، فلا معنی لنفی حکم عن موضوع أجنبی وعدّه مفهوماً .
فظهر لک ممّا ذکرنا فی الأمرین : أنّ محطّ البحث أعمّ من الوصف المعتمد علی الموصوف والوصف الاشتقاقی ، ولا وجه لاختصاصه بالأوّل ، وأنّ الموضوع فی المفهوم لابدّ وأن یکون محفوظاً ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 290