الجهة الثانیة : فیما هو مقتضی القاعدة فی مقام الإثبات
وبعد ما تمهّد لک ما ذکرناه فی الجهة الاُولی من إمکان التداخل فی المسبّبات ، یظهر لک أنّه إذا لم یدلّ دلیل علی التداخل ، فلا مجال للقول به ، فلابدّ فی مقام العمل من الإتیان بفردین حتّی یحصل الیقین بالبراءة ؛ للعلم بالاشتغال بعد استقلال الشرطین فی التأثیر وکون أثر کلّ منهما غیر الآخر ، کما هو المفروض .
وبالجملة : إن لم یرد دلیل علی تداخل المسبّبات ، فمقتضی قاعدة الاشتغال عدم التداخل ولزوم إتیان الجزاء متعدّداً حسب تعدّد الشرط ؛ بداهة أنّه بعد القطع باشتغال الذمّة بتکلیفین : أحدهما : بالوضوء من حدث النوم ، والآخر : بالوضوء من حدث البول ، فلابدّ من القطع بفراغ الذمّة ؛ وذلک یحصل إذا أتی بالوضوء متعدّداً ، بخلاف ما إذا أتی بوضوء واحد ، فإنّه لا یقطع حینئذٍ بفراغ الذمّة .
وأمّا دعوی فهم العرف تکرار الوضوء من الشرطین ، فعهدتها علی مدّعیها ؛ لأنّها ترجع إلی دعوی استظهار کون کلّ عنوان مبایناً للآخر ، وهی بمکان من البعد.
فظهر : أنّ مقتضی القاعدة عدم تداخل المسبّبات ؛ والحکم بالاشتغال ، ولزوم الإتیان بالجزاء مرّتین أو أزید حسب تعدّد الشرط .
نعم ، إن دلّ دلیل علی کفایة الإتیان بالجزاء مرّة واحدة ـ کما یقال ذلک فی الأغسال ـ فمع عدم التداخل فی أسبابها تتداخل مسبّباتها ، ویکتفی بجزاء واحد
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 278
وغسل فارد عند تحقّق الحیض والجنابة .
هذا تمام الکلام فی المقام الأوّل ؛ وهو ما إذا کان کلّ من الشرطین مختلفین ماهیة ، کالنوم والبول بالنسبة إلی الوضوء .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 279