تزییف الوجوه التی ذکرت لعدم التداخل
ولیعلم : أنّ المختار فی المسألة وإن کان عدم التداخل ، إلاّ أنّه لیس لشیء من الوجوه المذکورة فی کلمات الأعلام ، فلابدّ أوّلاً من تزییف الوجوه المذکورة ، ثمّ الإشارة إلی ما هو المختار عندنا .
فنقول : أمّا ما قاله المحقّق الخراسانی قدس سره ، فإن قلنا : إنّ القضیة الشرطیة أو أداة الشرط ، وضعت للدلالة علی أنّ الشرط سبب مستقلّ لترتّب الجزاء ؛ سبقه أو قارنه شیء آخر ، أم لا ، وأنّ ظهور الإطلاق معلّق علی عدم البیان مطلقاً ولو کان منفصلاً ، کما ینسب إلی الشیخ الأعظم الأنصاری أعلی الله مقامه یکون لمقاله قدس سره وجه وجیه ؛ ضرورة أنّ الإطلاق فی الجزاء متوقّف علی عدم البیان ولو منفصلاً ، ومعلوم أنّ ظهور الشرطیة فی ترتّب الجزاء علی الشرط غیر معلّق علی شیء ، بل إنّما هو بالوضع ، فیکون الشرط بیاناً للجزاء .
ولکنّ الذی یسهّل الخطب : هو أنّه قدس سره لم یقل بهذه المقالة ، مع أنّها غیر تامّة فی حدّ نفسها أیضاً ؛ وذلک لأنّ ظهور الإطلاق إنّما یکون معلّقاً علی عدم البیان المتصل ، فبعد أن لم یکن ـ حسب الفرض ـ فی الکلام ما یوجب أن یکون بیاناً ، وبعد إحراز کون المولی فی مقام بیان تمام ما له دخل فی الحکم ، ینعقد الإطلاق ، فلو وجد ذلک فی کلام منفصل یقع التعارض بینهما .
نعم قد یقال : إنّه وإن کان کذلک ، إلاّ أنّ ظهور أداة الشرط فی الدلالة علی استقلال الشرط فی سببیته لترتّب الجزاء وضعی ، وهو أقوی من ظهور إطلاق الجزاء ؛ فإنّه بمقدّمات الحکمة .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 259
وفیه أوّلاً : أنّا لا نسلّم دلالة الشرطیة علی الحدوث عند الحدوث بالوضع ، کما لم یسلّمها کثیر منهم أیضاً ؛ لأنّهم یرون أنّ ذلک من ناحیة الإطلاق ، فکما أنّ إطلاق الشرط یقتضی کونه علّة لترتّب الجزاء ، فکذلک إطلاقه یقتضی استقلاله فی السببیة وکونه تمام الموضوع لترتّب الجزاء ؛ قارنه شرط آخر ، أم لا ، وعلیه فالإطلاق کما هو منعقد فی ناحیة الشرط ، فکذلک هو فی ناحیة الجزاء ، ومعلوم أنّه لا تنافی ولا تعارض بین الإطلاق الجاری فی ناحیة شرط کلّ جملة بالنسبة إلی إطلاق جزائها لو خلّیت ونفسها .
وبالجملة : لا یکون بین صدر کلّ جملة وذیلها تنافٍ وتخالف ، بل التنافی والتخالف بلحاظ الإطلاقات الأربعة التی فی الجملتین : اثنان منها فی جانب الشرط ، وآخران فی ناحیة الجزاء ، ضرورة أنّ معنی حفظ الإطلاق من ناحیة فی کلتا الجملتین ، هو سببیة کلّ منهما مستقلاًّ فی حدوث الإرادة والوجوب علی نفس ماهیة الجزاء ، فتکون نفس الماهیة بلا تقیید ، محطّاً لتعلّق إرادتین أو وجوبین مستقلّین ، وذلک باطل ؛ لأنّ تشخّص الإرادة بالمراد ، ولا یکاد یتشخّص الشیء بشخصین ، کبطلان تعلّق إرادة وکراهة بنفس الماهیة بلا قید ؛ فإنّها بلا قید وإن کانت قابلة للتکثّر بتکثّر الأفراد ، ولکنّها غیر قابلة لها فی حدّ نفسها ، فلا معنی لتعلّق إرادتین مستقلّتین بها .
فإذا لم یمکن الجمع بین الإطلاقات الأربعة ، فیدور الأمر بین حفظ إطلاق الشرط فی الجملتین ، ورفع الید عن إطلاق الجزاء فیهما فتتقید ماهیة الوضوء فی المثال المفروض حتّی یکون متعلّق الإرادتین شیئین مختلفین ، فیقال : «إن نمت فتوضّأ وضوءً من قِبل النوم» و«إن بلت فتوضّأ وضوءً من قِبل البول» وبین حفظ إطلاق الجزاء فیهما ورفع الید عن إطلاق الشرط ؛ بأن یقال : إنّ کلاًّ من الشرطین إنّما یستفاد فی
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 260
التأثیر والدلالة علی الحدوث عند الحدوث إذا لم یقارنه شرط آخر ، وأمّا عند المقارنة فالمؤثّر هو المجموع ، ولا ترجیح لأحد الإطلاقین علی الآخر حتّی علی مذاق من یری أنّ ظهور الإطلاق متوقّف علی عدم البیان الخارجی .
وإیّاک أن تتوهّم : أنّ الإطلاق الجاری فی ناحیة الشرط ، مقدّم علی الإطلاق الجاری فی ناحیة الجزاء ؛ بلحاظ تقدّم ظهور صدر القضیة علی ذیلها ، لأنّ ذلک إنّما هو بالنسبة إلی صدر قضیة وذیلها ، لا بین صدر قضیة وذیل قضیة اُخری ، وما نحن فیه من قبیل الثانی ؛ بداهة أنّه لا تنافی بین صدر قوله : «إن نمت فتوضّأ» وذیله ، بل بینهما کمال الملاءمة ، وإنّما التنافی بعد ضمّ قوله : «إن بلت فتوضّأ» وهی جملة اُخری .
فظهر : أنّه لا ترجیح لأحد الإطلاقین علی الآخر .
وثانیاً : أنّه لو سلّم أنّ دلالة أداة الشرط علی الحدوث عند الحدوث بالوضع ، ولکن مجرّد ذلک لا یکفی لحمل اللفظ علی معناه ، ولا یصحّ الاحتجاج بمعناه ما لم تنضمّ إلیه اُصول عقلائیة اُخری ، ککونه فی مقام التفهیم ، ومستعملاً إیّاه فی معناه الحقیقی ، وأنّه مراد له جدّاً .
وسیوافیک فی مبحث العامّ والخاصّ ، أنّ تقدیم الخاصّ علی العامّ لیس لأظهریته من العامّ ، بل لأجل عدم تطابق الجدّ مع الاستعمال ، وأنّه لا وجه لتقدیم الأقوی ظهوراً فی الظهورین المستقرّین إلاّ إذا کانا بحیث إذا عرضنا علی العقلاء ، یعدّون أحدهما قرینة علی کشف المراد الواقعی من الآخر ، نظیر أدلّة کثیر الشکّ بالنسبة إلی أدلّة الشکوک ، وأدلّة نفی الحرج بالنسبة إلی التکالیف الواقعیة .
وأمّا فی غیر ذلک ، فلا یکاد ترفع الید عن ظاهر استقرّ أمره بأظهریة غیره فی مفاده ، ألا تری أنّه إذا ورد «أکرم العلماء» ثمّ ورد «أهن الفاسق» فمع أنّ الجملة
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 261
الاُولی تدلّ بدلالة لفظیة علی وجوب إکرام کلّ عالم ، فتکون أقوی فی مفادها فی دلالة الجملة الثانیة فی مفادها ؛ حیث إنّها بالإطلاق ، ولکن مع ذلک لا تقدّم الاُولی علی الثانیة فی مورد تصادقهما بلحاظ کونها بدلالة اللفظ ، بل یرون کلاًّ منهما حجّة بنفسها مستقلّة ، فتدبّر .
فظهر : أنّه لا وجه لتقدیم ما یکون مستفاداً من اللفظ علی ما یکون مستفاداً من الإطلاق ؛ معلّلاً بالأقوائیة ، ولم یثبت بناء العقلاء علی ذلک إلاّ فی مورد یکون أحدهما قرینة علی الآخر ، ومعلوم أنّ ذلک غیر رهین بکون أحدهما بالوضع ، والآخر بالإطلاق ، کما لا یخفی .
وفیما نحن فیـه لو سلّم أنّ أداة الشرط موضوعـة للدلالـة علی الحدوث عنـد الحـدوث ، فحیث إنّ مقتضی إطـلاق الجزاء هـو أنّ نفس الطبیعـة بلا قیـد متعلّق للوجوب ، فکلٌّ حجّـة فی مفاده ، فبعـد ورود جملـة اُخری یکون لها ما یکون لسابقتها ، ولا وجـه لرفع الیـد عن ظهـور إطلاق الجزاء معتـذراً بأقوائیـة ظهور الأداة .
وبالجملة : الجمع بین الأدلّة بعضها مع بعض ـ سواء کان بین الخاصّ والعامّ ، أو بین المطلق والمقیّد ـ لیس عبارة عن رفع الید عن الظهور ؛ بحیث یکون الخاصّ مثلاً موجباً لرفع الید عن ظهور العامّ فی العموم ، ولذا یقال : «إنّ العامّ مستعمل فی معناه الحقیقی» والتخصیص لا یوجب المجازیة ، بل غایة ما یوجبه التخصیص کشفه عن أنّ الإرادة الجدّیة ، لم تتعلّق بالعموم ، ولم تتطابق الإرادة الجدّیة مع الإرادة الاستعمالیة .
وکذا الحال فی باب المطلق والمقیّد ، فإنّه بعد طروّ التقیید یستکشف أنّ نفس الطبیعة بما هی ، لم تکن تمام الموضوع بالإرادة الجدّیة ، فطروّ القید لا یوجب عدم کون
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 262
المولی فی مقام البیان ؛ أو عدم جعل نفس الطبیعة تمام الموضوع ، بل غایته الکشف عن أنّها غیر مرادة جدّاً .
فتحصّل ممّا ذکرنا بطوله : أنّ المسألة لیست من باب تقدیم أقوی الظهورین علی الآخر ، فتدبّر واغتنم .
فظهر وتحقّق : أنّ التقریب الذی ذکره المحقّق الخراسانی قدس سره لعدم التداخل ، غیر تامّ ، وقد عدل قدس سره إلی ما فی التعلیقة ، وهو تامّ ، کما سنذکره قریباً ، فارتقب .
وأمّا ما ذکره العلمان النائینی والأصفهانی ففیه خلط ؛ لأنّ البحث فی التنافی بین جعل نفس الماهیة متعلّقة للحکم فی الجزاء فی إحدی الجملتین ، وجعل نفس تلک الماهیة أیضاً متعلّقة للحکم فی الجزاء فی الجملة الاُخری ، لا فی الهیئة والبعث فیهما ، وواضح أنّ أصالة الإطلاق فی ناحیة الشرط ، کما تقتضی کونه مؤثّراً مستقلاً ؛ قارنه شیء ، أم لا ، فکذلک أصالة الإطلاق فی ناحیة الجزاء ، تقتضی کون نفس الطبیعة بلا قید تمام المتعلّق ، فیقع التعارض بینهما ، ولا ترجیح لإحداهما علی الاُخری بعد کون استفادة الظهور فی کلّ من الشرط والجزاء من ناحیة الإطلاق ؛ لأنّ إطلاق الجزاء کما یکون معلّقاً علی عدم ورود البیان علی خلافه ، فکذلک إطلاق الشرط معلّق علی عدم البیان علی خلافه ، فیقال : إنّ الشیء الواحد لا تتعلّق به إرادتان وبعثان حقیقة ، ومن وحدة المتعلّق تستکشف وحدة المؤثّر والتأثیر .
فعلی هذا تکون أصالة الإطلاق فی کلّ من الشرط والجزاء موجودة ، فلکلّ منهما اقتضاء فی مدلوله بالنسبة إلی الآخر ، فیقع التعارض بین المقتضیین ، لا بین
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 263
المقتضی واللا اقتضاء کما ذکره العلمان . وحدیث تقدّم ظهور صدر القضیة علی ظهور ذیلها ، قد أشرنا إلی ضعفه آنفاً ، فلاحظ .
وأمّا ما أفاده المحقّق الهمدانی قدس سره ، ففیه : أنّ المراد بالقاعدة اللفظیة فی المقام لیس أصالة الحقیقة ؛ لأنّه قدس سره ممّن لا یری استفادة السببیة المستقلّة من الوضع ، بل من الإطلاق ، فالمراد بالقاعدة أصالة الإطلاق ، ومعلوم أنّها موجودة فی کلّ من الشرط والجزاء ، ولا وجه لحفظ الإطلاق من ناحیة الشرط ، وتقییده من ناحیة الجزاء ، أو بالعکس ؛ إلاّ لمرجّح خارجی ، فنقول : سببیة کلّ شرط للجزاء مستقلاًّ ، تقتضی تعدّد المشتغل به والاشتغال ، ولا یکاد یمکن مع کون الجزاء فی الجملتین نفس الماهیة ؛ لبطلان تعلّق إرادتین وبعثین بماهیة واحدة بلا تقیید ، فلابدّ وأن یکون ذلک بعد التقیید فی ناحیة الجزاء .
کما أنّ الإطلاق فی ناحیة الجزاء ، یقتضی کون نفس الماهیة بلا قید تمام المتعلّق ، فیکون المشتغل بـه واحـداً ، ومع وحـدة المشتغـل بـه لا یکون اشتغال الذمّـة متعدّداً .
فظهر : أنّ عدم الاشتغال ثانیاً فی المقام ، إنّما هو لوجود المانع ، فتدبّر .
وأمّا ما ذکره فی خلال کلامه ـ دفعاً لما ذکرناه من وجود الإطلاق فی ناحیة الجزاء ـ من أنّه لابدّ وأن یقیّد الجزاء ، والتقیید إنّما نشأ من حکم العقل بعد استفادة السببیة المستقلّة من الدلیل ، فإطلاق السبب منضماً إلی حکم العقل بأنّ تعدّد المؤثّر یستلزم تعدّد الأثر ، بیان للجزاء ، ومعه لا مجال للتمسّک بإطلاقه .
ففیه : أنّه قدس سره أراد الجمع بین الأدلّة بالقاعدة العقلیة ، مع أنّه لا مجری لتلک
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 264
القاعدة العقلیة فی هذه المباحث . ولو سلّمنا وجوّزنا جریانها فی مثل هذه المباحث ، فیمکن أن نقول بعکس ذلک فی ناحیة الجزاء ؛ وأنّ إطلاق الجزاء یقتضی کون المسبّب واحداً ، وقد تقرّر أنّ الواحد لا یصدر من الکثیر بما هو کثیر ؛ أی لا یعقل أن یؤثّر الکثیر بما هو کثیر فی أمر واحد ، فیکون المؤثّر مجموع الشرطین ، لا کلّ واحد، فتدبّر .
وأمّا ما ذکره قدس سره فی التقریب الأخیر من مقایسة الأسباب الشرعیة بالأسباب العقلیة .
ففیه أوّلاً : أنّه لا یکون الأمر فی العلل التکوینیة کما زعمه قدس سره لأنّه عند توارد علل متعدّدة علی معلول واحد ، یکون المجموع أو الجامع ـ کما زعموا ـ مؤثّراً ، لا کلّ واحد منها ، فإذا کان الأمر فی المقیس علیه کذلک ، فما ظنّک فی المقیس!! فتدبّر .
وثانیاً : أنّه لو سلّم ذلک فی التکوینیات فالقیاس مع الفارق ؛ ضرورة وجود الفرق الواضح بینهما ، لأنّ المعلول التکوینی یتأثّر من ناحیة علّته ، ویکون مفتقر الذات إلی علّته ، ووجوداً مرتبطاً بها ، وأمّا العلّة التشریعیة فعبارة عن جعل الشیء موضوعاً ومتعلّقاً للحکم ، فکما یمکن أن یجعل النوم والبول سبباً لإیجاب الوضوء فی حال الانفراد ، فکذلک یمکن جعل السببیة لهما معاً حال الاجتماع .
إذا أحطت خبراً بما ذکرنا فی حدیث المقایسة ، یظهر لک ضعف ما ربما یقال ؛ من أنّ تعدّد المحرّک فی الأسباب التکوینیة ، إن اقتضی کون المتحرّک متعدّداً ، فکذلک الأمر فی الأسباب الشرعیة ، فإذا کانت متعدّدة یلزم تعدّد المسبّبات .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 265
وقد ذکر المحقّق العراقی قدس سره فی «المقالات» وجهاً آخر لعدم التداخل ، وحاصله : أنّه إذا تعدّد الشرط وکان الجزاء شخصاً غیر قابل للتکثّر ، فلا شبهة فی أنّه لا محیص من رفع الید عن ظهور الشرط فی المؤثّریة بنحو الاستقلال ، فیحمل علی مؤثّریة المجموع فی وجود الجزاء عند تقارنهما ، خصوصاً أنّ اقتضاء مؤثّریة أحدهما دون الآخر ترجیح بلا مرجّح . وفی صورة تعاقبهما کان الأثر لأوّل الوجودین قهراً ، کما لا یخفی .
وأما إذا کان الجزاء وجوداً سنخیاً قابلاً للتکثّر ، فیدور الأمر بین الأخذ بإطلاق الجزاء الکاشف عن صِرف الوجود غیر القابل للتکثّر أیضاً ، ولازمه أیضاً رفع الید عن ظهور الشرط فی الاستقلال تأثیراً ، فیجری فیه حکم الصورة السابقة ، وبین الأخذ بظهور کلّ شرط فی المؤثّریة المستقلّة المستلزم لرفع الید عن وحدة الجزاء بحمله علی وجود دون وجود .
ولکنّ الظاهر کون الجزاء تبعاً للشرط ثبوتاً وإثباتاً ، وأنّ ظهور الشرط فی المؤثّریة المستقلّة صالح للبیانیة المانعة عن الأخذ بإطلاق الوحدة فی ظرف الجزاء ، ولازمه کون الأصل فی أمثال الباب عدم التداخل .
وفیه أوّلاً : أنّ إطلاق الجزاء لا یقتضی کون صرف الوجود من الماهیة غیر القابل للتکرار ، تمام المتعلّق له ، بل غایة ما یقتضیه هی کون نفس الماهیة القابلة للتکرار تمام المتعلّق له ، فیقع الکلام بعد ذلک فی أنّه فی صورة تعدّد الشرط ، هل یتعدّد الجزاء تحکیماً لأصالة الإطلاق فی ناحیة الشرط علی أصالة الإطلاق فی ناحیة الجزاء ، أم لا؟
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 266
وثانیاً : أنّ تبعیة الجزاء للشرط ثبوتاً وإثباتاً وإن کانت غیر بعیدة ، ولکنّها إنّما تکون فیما إذا کانا فی قضیة واحدة ، وواضح أنّه لم یکن محطّ البحث فی المقام ؛ لعدم التعارض بین صدر القضیة وذیلها ، کما أشرنا إلیه آنفاً ، بل التعارض بالذات فیه بین إطلاق الشرط فی کلّ قضیة ، وإطلاق الجزاء فی القضیة الاُخری ، وبتبع ذلک یقع التعارض بین شرط کلّ قضیة وجزائه .
وبالجملة : لم یکن البحث والکلام فی قضیة واحدة بلحاظ صدرها وذیلها حتّی یجری فیها ما ذکره قدس سره بل الکلام فیما إذا وردت قضیتان اقتضی کلّ شرط منهما جزاء ، ولم یمکننا حفظ الإطلاقات الجاریة فی ناحیتی الشرط والجزاء فی کلّ منهما ؛ لوقوع التعارض بین شرط کلّ منهما مع جزاء الاُخری ، ولا یکاد یجری ما ذکره فی ذلک کما لا یخفی ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 267