المقصد الثالث فی المفهوم

الأمر الأوّل فی شمول محلّ النزاع لما إذا کان الجزاء معنی حرفیاً

الأمر الأوّل فی شمول محلّ النزاع لما إذا کان الجزاء معنی حرفیاً

‏ ‏

‏قالوا : إنّ محطّ النزاع فی المفهوم إنّما هو بعد الفراغ عن کون المجعول فی القضیة‏‎ ‎‏سنخ الحکم‏ ‏، کما إذا وقع المعنی الاسمی محمولاً فی القضیة‏ ‏، کقوله ‏‏علیه السلام‏‏ : «‏الماء إذا بلغ‎ ‎قدر کرّ لم ینجّسه شیء»‎[1]‎ ‏، وأمّا إذا کان المجعول فیها حکماً جزئیاً علی موضوع‏‎ ‎‏جزئی ـ کما إذا وقف مالاً علی أولاده الذکور‏ ‏، أو أولاده العدول‏ ‏، أو إن کانوا عدولاً ـ‏‎ ‎‏فإن کان عقیماً أو کان له أولاد غیر عدول‏ ‏، فالحکم الشخصی وإن کان ینتفی‏ ‏، ولکنّ‏‎ ‎‏ذلک لیس لأجل المفهوم‏ ‏، بل لأجل انتفاء الموضوع أو قیده وشرطه‏ ‏، وانتفاء الحکم‏‎ ‎‏عند ذلک عقلی‏ ‏؛ قیل بالمفهوم أم لا‏ .

‏ولأجل ذلک صار المحمول الذی هو معنی اسمی فی القضیة‏ ‏، محطّاً للنزاع بلا‏‎ ‎‏منازع‏ ‏. وأمّا إذا کان المحمول فیها معنی حرفیاً کهیئة الأمر أو النهی‏ ‏، فقد صار دخوله‏‎ ‎‏فی محطّ النزاع محلاًّ للإشکال‏ ‏؛ لأنّ المعنی الحرفی جزئی‏ ‏، فإذا جعل محمولاً ـ کقوله :‏‎ ‎‏«إن جاءک زید فأکرمه» ـ فیکون من قبیل تعلیق شخص الحکم علی موضوعه‏ ‏، لا‏‎ ‎‏سنخ الحکم‏ .

‏وحاصل الإشکال : هو أنّ هیئة الأمر مثلاً موضوعة لإیقاع البعث‏ ‏، وهو‏‎ ‎‏معنی جزئی بمنزلة إشارة الأخرس‏ ‏، فإذا جعلت محمولاً فی قضیة فلا یکاد یستفاد‏‎ ‎‏منها المفهوم‏ ‏؛ لأنّه إنّما یتطرّق فیما إذا کان المجعول فی القضیة الملفوظة سنخ الحکم‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 226
‏لا شخصه‏ ‏، وانتفاء شخص الحکم أو الإنشاء الخاصّ بانتفاء بعض القیود‏ ‏، عقلی‏ .

‏وقد تخلّص عن الإشکال بوجوه :‏

الوجه الأوّل:‏ ما تخلّص به القائل بکون الوضع والموضوع له فی الحروف‏‎ ‎‏عامّین‏ ‏، کالمحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‎[2]‎‏ ومن وافقه علی ذلک‏ ‏، وحاصل ما أفاده فی ذلک :‏

‏هو أنّه لا فرق بین إفادة المعنی بالاسم وبالحرف‏ ‏، ففی کلیهما یکون الموضوع‏‎ ‎‏له عامّاً وکلّیاً‏ ‏، والفرق بینهما إنّما هو فی خصوصیة الاستعمال‏ ‏، حیث إنّه‏‎ ‎‏لوحظت خصوصیة استعمال المعنی الاسمی بنحو الاستقلال‏ ‏، بخلاف المعنی‏‎ ‎‏الحرفی‏ ‏، فإنّه لوحظت فیه بنحو الآلیة والحالیة لغیره‏ ‏، وعلیه فالمعلّق علی الشرط‏‎ ‎‏إنّما هو نفس الوجوب الذی هو مفاد الصیغة ومعناها‏ ‏، وأمّا الشخص والخصوصیة‏‎ ‎‏الناشئة من قبل استعمالها فیه‏ ‏، فلا یکاد تکون من خصوصیات معناها المستعملة فیه‏ ‏،‏‎ ‎‏کما لا تکون الخصوصیة الحاصلة من قبل الإخبار به من خصوصیات ما اُخذ‏‎ ‎‏واستعمل فیه إخباراً‏ .

‏وبالجملة : کما لا یکون المخبر به المعلّق علی الشرط‏ ‏، خاصّاً بالخصوصیات‏‎ ‎‏الناشئة من قبل الإخبار به‏ ‏، کقولک : «إن جاءک زید فیجب إکرامه» أو «یکون إکرامه‏‎ ‎‏واجباً» فکذلک المنشأ بالطبیعة المعلّق علیه‏ .

ثمّ إنّه ‏قدس سره‏‏ حکی عن الشیخ الأعظم الأنصاری أعلی الله مقامه أنّه لم یقم دلیل‏‎ ‎‏علی کون الموضوع له فی الإنشاء عامّاً‏ ‏؛ لو لم نقل بقیام الدلیل علی خلافه‏ ‏؛ لکون‏‎ ‎‏الخصوصیات بأنفسها مستفادة من الألفاظ، فتعجّب ‏‏قدس سره‏‏ من کلامه أعلی الله مقامه حیث‏‎ ‎‏قال: «لعمری لا یکاد ینقضی تعجّبی کیف تجعل خصوصیات الإنشاء من خصوصیات‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 227
‏المستعمل فیه‏ ‏، مع أنّها ـ کخصوصیات الإخبار ـ تکون ناشئة من الاستعمال»‏‎[3]‎ .

وفیه :‏ أنّ تعجّبه ‏‏قدس سره‏‏ فی غیر محلّه‏ ‏، بل إنّما التعجّب من تعجّبه‏ ‏؛ بداهة أنّ المعنی‏‎ ‎‏المستفاد من هیئة الأمر‏ ‏، هو المعنی المستفاد من الإشارة‏ ‏، فکما أنّ الإشارة لا تفید‏‎ ‎‏مفهوم البعث‏ ‏، بل تفید ما یکون بعثاً بالحمل الشائع‏ ‏، فکذلک هیئة الأمر‏ .

‏وبعبارة اُخری : إذا أشار الرجل بیده مثلاً‏ ‏، لا یفهم منه مفهوم کلّی البعث‏ ‏، بل‏‎ ‎‏غایة ما هناک إیقاع البعث‏ ‏، وهو معنی جزئی‏ ‏، کما هو واضح‏ ‏، فکذلک هیئة الأمر‏‎ ‎‏لا یفهم منها أزید ممّا یفهم من الإشارة‏ ‏، والفرق بینهما إنّما هو من جهة أنّ استفادة ذلک‏‎ ‎‏من الهیئة بالوضع‏ ‏، دون الإشارة‏ .

‏وبالجملة : المنشأ بالألفاظ ـ ولو کان المنشأ أمراً اعتباریاً ـ عبارة عن إیجاد‏‎ ‎‏معنی اعتباری‏ ‏، نظیر إشارة الأخرس‏ ‏، فکما أنّه بالإشارة یوقع البعث أو الزجر‏‎ ‎‏الجزئیین‏ ‏، فکذلک بهیئة الأمر أو النهی یُنشئ ویوجد البعث أو الزجر الاعتباریین‏ ‏،‏‎ ‎‏لا المفهوم الکلّی منهما‏ ‏، ولعلّه واضح بأدنی تأمّل‏ ‏، فعلی هذا یکون الموضوع له فی‏‎ ‎‏الهیئات والمعانی الحرفیة خاصّاً‏ ‏، کما أفاده الشیخ الأعظم أعلی الله مقامه‏‎[4]‎ ‏، فلیت‏‎ ‎‏شعری لأیّ شیء تعجّب المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ من الشیخ الأعظم أعلی الله مقامه؟!‏

‏فظهر : أنّ ما تخلّص به المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ من الإشکال غیر وجیه‏ .

الوجه الثانی:‏ ما تخلّص به المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ وقد صرّح ‏‏قدس سره‏‏ : بأنّ التوهّم‏‎ ‎‏أو الإشکال لا یبتنی علی کون الوضع فی الحروف خاصّاً‏ ‏، ولا الجواب مبنی علی‏‎ ‎‏کون الوضع فیها عامّاً‏ ‏، بل لو قلنا بأنّ الوضع فیها عامّ فیتوجّه الإشکال أیضاً‏ ‏؛ لأنّ‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 228
‏الإشکال من جهة اُخری : وهی أنّه یعتبر فی التقیید والتعلیق أن یلاحظ الشیء‏‎ ‎‏معنی اسمیاً‏ ‏، والمعنی الحرفی غیر قابل للتقیید والتعلیق‏ ‏، فالجواب لابدّ وأن یکون‏‎ ‎‏من جهة اُخریٰ‏ .

‏وحاصله : أنّ التقیید یرجع إلی المحمول المنتسب‏ ‏؛ أی للمحمول فی رتبة‏‎ ‎‏الانتساب‏ ‏، فالمعلّق مطلقاً ـ سواء کان الجزاء بصورة الإخبار‏ ‏، کقولک : «إن جاءک‏‎ ‎‏زید یجب إکرامه» أو بصورة الإنشاء‏ ‏، کقولک : «إن جاءک زید فأکرمه» ـ لم یکن فی‏‎ ‎‏المعنی الحرفی‏ ‏، بل فی المعنی الاسمی‏ ‏؛ وهو وجوب الإکرام‏ ‏، وهو الذی ینتفی بانتفاء‏‎ ‎‏الشرط‏ ‏. هذا ما فی «فوائد الاُصول»‏‎[5]‎ .

‏وقد قرّر الجواب فی «أجود التقریرات» بتقریب یتحد مع التقریب الأوّل لُبّاً‏ ‏،‏‎ ‎‏ویختلف عنه تأدیة، ولعلّ ما فیه أحسن ممّا فی سابقه‏ ‏، وحاصله : أنّ المعلّق فی‏‎ ‎‏القضیة لیس هو مفاد الهیئة‏ ‏؛ لأنّه معنی حرفی وملحوظ آلی‏ ‏، بل المعلّق فی القضیة‏‎ ‎‏هی نتیجة القضیة المذکورة فی الجزاء‏ ‏؛ أی المادّة المنتسبة‏ ‏، فالمعلّق فی الحقیقة‏‎ ‎‏الحکم العارض للمادّة‏ ‏، کوجوب الصلاة فی قولنا : «إذا دخل الوقت فصلّ» فینتفی هو‏‎ ‎‏بانتفاء شرطه‏‎[6]‎ .

ویرد علیه‏ ما ذکرناه مفصّلاً فی المعانی الحرفیة‏‎[7]‎ ‏، وإجماله أنّ المعانی الحرفیة‏‎ ‎‏قابلة للتقیید‏ ‏، وملتفت إلیها‏ ‏، بل أکثر القیود التی تقع فی الکلام والجمل ـ خبریة کانت‏‎ ‎‏أم إنشائیة ـ فإنّما هی فی المعانی الحرفیة‏ ‏، مثلاً القیود التی فی قولنا : «ضرب زید‏‎ ‎‏عمراً‏ ‏، أمام الأمیر‏ ‏، یوم الجمعة‏ ‏، ضرباً شدیداً» ترجع إلی المعنی الحرفی‏ .


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 229
‏نعم‏ ‏، المعنی الحرفی لا یقع موضوعاً فی القضیة‏ ‏، ولا محمولاً لها‏ ‏؛ وذلک بلحاظ‏‎ ‎‏أنّ المعنی الحرفی سنخ معنی ربطی غیر مستقلّ فی التحقّق والوجود‏ ‏، لذا یأبی عن‏‎ ‎‏جعله موضوعاً أو محمولاً‏ ‏، ومقتضی ذلک عدم تعلّق اللحاظ الاستقلالی بالمعنی‏‎ ‎‏الحرفی‏ ‏، ولکنّ ذلک لا یوجب عدم إمکان تقییده‏ ‏؛ بداهة أنّ التقیید کما یمکن أن یکون‏‎ ‎‏فی المعنی الملحوظ مستقلاًّ‏ ‏، فکذلک یمکن أن یکون فی المعنی الملحوظ تبعاً وآلة لغیره‏ .

‏وبعبارة أوضح : صیغة «أکرمه» مثلاً لها مادّة وهیئة‏ ‏، وکلّ منهما موضوع لمعنی‏‎ ‎‏غیر ما للآخر‏ ‏؛ لأنّ المادّة تدلّ علی طبیعة الإکرام‏ ‏، والهیئة تدلّ علی البعث إلیها‏ ‏،‏‎ ‎‏فهناک دالاّن ومدلولان‏ ‏، وکلّ منهما یدلّ علی معناه مستقلاًّ غیر مربوط بالآخر‏ .

‏نعم‏ ‏، دلالة کلّ منهما فی ضمن الآخر‏ ‏؛ لأنّه لا یمکن التنطق بکلّ واحد منهما‏‎ ‎‏مستقلاًّ‏ ‏، فکما أنّ الهیئة فی ضمن المادّة تدلّ علی المعنی‏ ‏، فکذلک المادّة فی ضمن الهیئة‏‎ ‎‏تدلّ علی المعنی‏ ‏، فعند استعمال صیغة الأمر یلاحظ ویستعمل کلّ من الهیئة والمادّة فی‏‎ ‎‏معناهما‏ ‏، وإلاّ فلو لم یستعملا یلزم کون التنطّق بهیئة الأمر لقلقة اللسان‏ ‏، وهو کما‏‎ ‎‏تری واضح البطلان‏ ‏، فما أفاده ‏‏قدس سره‏‏ من عدم إمکان تقیید المعنی الحرفی‏ ‏، فی غیر محلّه‏ .

‏بل المتبادر عند العرف والعقلاء من القضیة الشرطیة ـ کقولنا: «إن جاءک‏‎ ‎‏فأکرمه» ـ علّیة الشرط للجزاء‏ ‏، فلم یکن هنا مقام التقیید حتّی یحتاج فی تصحیحه‏‎ ‎‏إلی إرجاع التقیید إلی المحمول المنتسب وغیره‏ ‏، ولا وجه لصرف الکلام عن ظاهره‏‎ ‎‏العرفی وارتکاب ما یکون خلاف الظاهر‏ ‏، فتدبّر‏ .

‏ثمّ إنّ قوله : «المعلّق هو نتیجة القضیة المذکورة» إن أراد به أنّها قبل صیرورتها‏‎ ‎‏نتیجة معلّقة‏ ‏، فلازمه أن یکون التقیید فی المعنی الحرفی‏ ‏، وإن کان بعد ذلک فلا مجال‏‎ ‎‏للتقیید‏ ‏، فتأمّل‏ .

الوجه الثالث:‏ ما تخلّصنا به عن الإشکال‏ ‏، وهو جارٍ فی مطلق القضایا‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 230
‏إخباریة کانت أم إنشائیة‏ ‏، وحاصله : أنّه لا إشکال فی أنّه إذا اُلقیت جملة خبریة،‏‎ ‎‏کقولنا : «إذا طلعت الشمس وجد النهار» یستفاد منها أنّ بین طلوع الشمس ووجود‏‎ ‎‏النهار‏ ‏، مناسبةً ورابطة واقعیة أخبر عنها المخبر‏ ‏، ولم یقل أحد بأنّ هنا إخبارین :‏‎ ‎‏الأوّل : الإخبار بالتلازم بین الشرط والجزاء‏ ‏، والثانی : الإخبار بأنّ النهار موجود‏ ‏، بل‏‎ ‎‏غایة ما یفهم العرف منها ـ وهم ببابک فاختبرهم ـ علّیة طلوع الشمس لوجود‏‎ ‎‏النهار‏ ‏، وحیث إنّه متوقّف علیه ثبوتاً فأراد المخبر الإخبار عمّا هو الثابت‏ ‏، فإذن الجملة‏‎ ‎‏الخبریة إخبار عمّا هو الثابت واقعاً‏ .

‏فبعد ما عرفت الأمر فی الجمل الخبریة‏ ‏، فیمکن دعوی ذلک فی القضایا‏‎ ‎‏الإنشائیة غیر التعلیقیة أیضاً‏ ‏؛ وذلک لما تقرّر فی محلّه من أنّ الواجبات الشرعیة‏‎ ‎‏ألطاف فی الواجبات العقلیة‏‎[8]‎ ‏، فللواجب الشرعی ـ کالصلاة مثلاً ـ فی الواقع‏‎ ‎‏ونفس الأمر‏ ‏، اقتضاء للوجوب ومصلحة ملزمة‏ ‏؛ بحیث لو اطلعنا علیها لحکمت‏‎ ‎‏عقولنا بلزوم إتیانها‏ ‏، فإذن ایجاب الشارع الأقدس الصلاة وأمره بإتیانها بقوله :‏‎ ‎‏«‏ أَقِمِ الصَّلاَةَ ‏»‏‏ لتحصیل المصلحة التی تکون فیها‏ ‏، وهکذا الحال فی القضایا‏‎ ‎‏الإنشائیة التعلیقیة‏ ‏؛ لأنّ المعلّق فیها فی ظاهر القضیة وإن کان تعلیق الإنشاء والبعث‏‎ ‎‏إلی الشرط‏ ‏، وهو یوهم علّیة الشرط لإنشاء البعث‏ ‏، ولکنّ المتبادر عند العرف‏‎ ‎‏والعقلاء من ذلک‏ ‏، هو أنّ المناسبة والارتباط الواقعی بین حیثیة مادّة الجزاء‏‎ ‎‏والشرط‏ ‏، أوجب إخبار المتکلّم عنها‏ ‏، مثلاً إذا قال المولی لعبده : «إن جاءک زید‏‎ ‎‏فأکرمه» یفهم العرف والعقلاء من ذلک‏ ‏، أنّ التناسب الواقعی بین المجیء والإکرام‏ ‏،‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 231
‏دعا المولی لإیجاب الإکرام عند تحقّق المجیء‏ ‏، فالإیجاب متفرّع علی الثابت الواقعی‏ ‏،‏‎ ‎‏وإلاّ کان التفریع لغواً وجزافاً‏ .

‏وبالجملة :کلّ مورد تعلّق حکم بشرط ، یفهم منه العرف والعقلاء أنّ بین‏‎ ‎‏طبیعی ذاک الحکم وذلک الشرط‏ ‏، ملازمةً وارتباطاً واقعیاً ألجأ المولی للتوصّل‏‎ ‎‏إلیها بذلک‏ .

‏ولا فرق فی تلک الاستفادة بین جعل ذلک والتعبیر عنها بالمعنی الاسمی‏ ‏، وبین‏‎ ‎‏إنشائها بالهیئة والمعنی الحرفی‏ ‏؛ فإنّه وإن کان ظاهر القضیة ترتّب البعث علی الشرط‏ ‏،‏‎ ‎‏إلاّ أنّ المرتکز عند العرف والعقلاء من ذلک وجود المناسبة بین الشرط ومادّة الجزاء‏ ‏،‏‎ ‎‏فیکون بعینها عنواناً مشیراً وآلة للتوصّل بها إلی ذلک‏ .

‏فعلی هذا لو تمّ فی مورد استفادة العلّیة المنحصرة من الشرط‏ ‏، لتـمّت استفادة‏‎ ‎‏المفهوم من القضیة الشرطیة وإن کان الجزاء بصیغة الأمر أو النهی‏ .

‏ولک أن تقول : إنّ الهیئة وإن کانت دالّة علی البعث الحرفی‏ ‏، ولکن تناسب‏‎ ‎‏الحکم والموضوع یوجب إلغاء الخصوصیة عرفاً‏ ‏، ویجعل الشرط علّة منحصرة لنفس‏‎ ‎‏الوجوب وطبیعیه‏ ‏، فبانتفائه ینتفی طبیعی الوجوب وسنخه‏ ‏، فتدبّر‏ .

‏ ‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 232

  • )) راجع وسائل الشیعة 1 : 158 ، کتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 9 ، الحدیث 1 ، 2 ، 5 ، 6 .
  • )) کفایة الاُصول : 25 .
  • )) کفایة الاُصول : 238 .
  • )) مطارح الأنظار : 173 .
  • )) فوائد الاُصول 1 : 484 .
  • )) أجود التقریرات 1 : 420 .
  • )) تقدّم فی الجزء الأوّل : 168 .
  • )) کشف المراد : 348 ، المغنی فی أبواب التوحید والعدل 15 : 19 ـ 23 ، شرح المقاصد 4 : 301 ـ 306 .