الأمر الأوّل : فی تعریف المفهوم
قبل الشروع فی تعریف المفهوم ، ینبغی الإشارة إلی طرق استفادته حتّی یلاحظ إمکان أن یعرّف بتعریف واحد یجمع شتات المسالک فی استفادة المفهوم ، وعدمه بل لابدّ وأن یعرّف بأزید من تعریف واحد .
فنقول : ربما یظهر من بعض من تمسّک لإثبات المفهوم بالتبادر ونحوه ، أنّه بصدد إثبات المفهوم من طریق الدلالة اللفظیة الالتزامیة ، کما أنّه یظهر من بعض آخر أنّه من دلالة الفعل ، نظیر ما ذکرناه فی مصبّ الإطلاق ، وحاصله : أنّک عرفت الفرق بین العامّ والمطلق ؛ فإنّ دلالة العامّ علی السریان والشمول بدالّ لفظی ، وأمّا المطلق فلیس کذلک ، بل متی جعلت الطبیعة اللابشرط موضوعاً للحکم ، یحتجّ العقلاء بعضهم علی بعض ، فیقال هنا : إنّ مقتضی إطلاق الشرط مثلاً وعدم تقییده بکلمة الواو أو کلمة «أو» ـ مع کون المولی فی مقام البیان ـ أنّ الشرط علّة تامّة
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 199
منحصرة لترتّب الجزاء ، وإلاّ فلو کان له شریک أو بدیل ، لوجب أن یقرنه بکلمة الواو ، أو کلمة «أو» فالمشارب فی استفادة المفهوم مختلفة .
ولا یبعد أن یُفصّل ویقال : إنّ استفادة المفهوم من بعض الجمل ، إنّما یکون بالدلالة الالتزامیة ، کما فی الجملة المتضمّنة للفظة «لا» و«ما» و«إلاّ» الاستثنائیة ، نحو «لا صلاة إلاّ بطهور» ، وفی بعضها الآخر من دلالة الفعل ومقدّمات الحکمة ، کدلالة الجملة الشرطیة ، فلا یصحّ تعریف المفهوم بنحو ینطبق علی خصوص الدلالة اللفظیة ، أو علی نحو ینطبق علی خصوص ما یستفاد من مقدّمات الحکمة ، بل لابدّ من تعریفه بنحو ینطبق علی کلا القسمین .
ولعلّه یمکن تعریفه بنحو ینطبق علی القسمین ؛ بأن یقال : إنّ المفهوم عبارة عن قضیة غیر مذکورة مستفادة من القضیة المذکورة عند فرض انتفاء بعض قیود الکلام ، وبینهما تقابل السلب والإیجاب بحسب الحکم .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 200