المقصد الثانی فی النواهی

حول دعوی أبی حنیفة والشیبانی دلالة النهی علی الصحّة

حول دعوی أبی حنیفة والشیبانی دلالة النهی علی الصحّة

‏حکی عن أبی حنیفة وتلمیذه محمّد بن الحسن الشیبانی‏‎[1]‎‏ : أنّ النهی عن شیء‏‎ ‎‏ـ معاملة کان أو عبادة ـ یدلّ علی الصحّة‏‎[2]‎ ‏؛ لأنّ النهی عبارة عن المنع والزجر عن‏‎ ‎‏إیجاد شیء فی الخارج‏ ‏، فلابدّ وأن یکون متعلّقه مقدوراً للمکلّف‏ ‏، وإلاّ إذا لم یکن‏‎ ‎‏تحت اختیاره فلا یکاد یتعلّق به النهی‏ ‏، لأنّه متروک قهراً‏ ‏، کما لا یصحّ تعلّق الأمر إلاّ‏‎ ‎‏بما یکون مقدوراً له‏ .

‏وبالجملة : الأمر والنهی یردان علی أحد طرفی المقدور‏ ‏؛ من الفعل أو الترک‏ ‏،‏‎ ‎‏فلو اقتضی النهی فساد متعلّقه‏ ‏، لاقتضی سلب قدرة المکلّف‏ ‏، وعند ذلک یکون‏‎ ‎‏متروکاً قهراً لا یحتاج إلی النهی‏ ‏، فالنهی عن شیء یلازم عقلاً صحّة تحقّق متعلّقه‏ ‏؛‏‎ ‎‏وأنّه ممّا یمکن تحقّقه‏ ‏، وإلاّ لما کان لتعلّق النهی به وجه‏ .

‏وبعبارة اُخری : کلّ حکم تکلیفی لا یتعلّق إلاّ بما هو مقدور للمکلّف‏ ‏؛ بحیث‏‎ ‎‏یکون کلّ من طرفی الفعل والترک تحت قدرته‏ ‏، وعلی هذا فمتعلّق النهی ـ کمتعلّق‏‎ ‎‏الأمر ـ لابدّ وأن یکون مقدوراً‏ ‏، ولذا لا یمکن النهی عن الطیران فی الهواء‏ ‏؛ لعدم قدرة‏‎ ‎‏المکلّف علیه‏ ‏، ولا یکون متعلّق النهی مقدوراً إلاّ إذا کان بجمیع أجزائه وشروطه‏‎ ‎‏مقدوراً له‏ ‏، کما هو الشأن فی متعلّق الأمر‏ ‏، فلو خالف المکلّف وأتی بالمنهی عنه بجمیع‏‎ ‎‏أجزائه وشروطه‏ ‏، لترتّب علیه الأثر بالضرورة‏ .


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 183
‏ثمّ إنّ ظاهر استدلالهما‏ ‏، یدلّ علی أنّ مرادهما إثبات الملازمة العقلیة بین النهی‏‎ ‎‏والصحّة‏ ‏، لا الدلالة العرفیة اللفظیة‏ ‏. کما أنّ الظاهر أنّ مرادهما من «النهی» النهی‏‎ ‎‏التحریمی المولوی‏ ‏، لا النهی الإرشادی‏ ‏؛ بقرینة أخذ القدرة فی المتعلّق‏ ‏. ولا ینافی هذا‏‎ ‎‏ما ذکرناه من ظهور النهی ـ إذا لم یحرز کونه من أیّ قسم من النواهی ـ فی الإرشاد‏‎ ‎‏إلی متعلّقه‏ ‏؛ عبادة کان أو معاملة‏ .

‏وبالجملة : ظاهر مقالهما هو أنّه فی النهی المحرز کونه تحریمیاً إذا تعلّق بعبادة أو‏‎ ‎‏معاملـة فلازم ذلک عقـلاً صحّـة متعلّقـه‏ ‏، ولا ینافـی هـذا ما ذکرناه مـن ظهور‏‎ ‎‏النهی ـ إذا لم یحرز کونه من أیّ قسم من النواهی ـ فی الإرشاد إلی متعلّقه ؛ عبادة‏‎ ‎‏کانت أو معاملة .‏

‏فحاصل مقالهما : هو أنّه إذا تعلّق نهی تحریمی مولوی بعبادة أو معاملة‏ ‏، فلازمه‏‎ ‎‏العقلی صحّة متعلّقه وکونه مقدوراً للمکلّف‏ .

واُجیب‏ عن مقالهما بوجوه کلّها خارجة عن موضوع بحثهما :‏

فمنها :‏ ما ذکره المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ وحاصله : أنّ التحقیق أنّ دلالة النهی‏‎ ‎‏علی الفساد إنّما تکون‏ ‏، إذا کان النهی عن المعاملة بمعنی النهی عن المسبّب أو‏‎ ‎‏التسبیب‏ ‏، وأمّا إذا کان النهی عن السبب فلا‏ ‏، وعلّل ‏‏قدس سره‏‏ ذلک بأنّه إذا تعلّق النهی‏‎ ‎‏بالمسبّب ـ کالنهی عن بیع المصحف من الکافر مثلاً ـ ولم یکن قادراً علی التکلیف‏ ‏،‏‎ ‎‏لما صحّ النهی عنه‏ .

‏وبالجملة : أمر المسبّب دائر بین الوجود والعدم‏ ‏، فإن لم یکن قادراً علیه لم یکد‏‎ ‎‏یتعلّق به النهی‏ .

‏وکذا لو تعلّق النهی بالتسبیب بالسبب‏ ‏، کالظهار‏ ‏، فإنّ التسبّب به إلی التفریق‏‎ ‎‏بین الزوجین مبغوض‏ ‏، بخلاف التسبّب بالطلاق‏ ‏، فإذا لم یترتّب الفراق علی الظهار‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 184
‏کان النهی عن الظهار لغواً‏ ‏، فلا محیص من دلالة النهی عن المعاملة فی الموردین علی‏‎ ‎‏کونها صحیحة‏ .

‏وأمّا إذا تعلّق النهی بالسبب لا بما هو سبب فعلی‏ ‏، بل بذات السبب بما أنّه‏‎ ‎‏ألفاظ خاصّة‏ ‏، فلا یدلّ النهی علی الصحّة‏ ‏؛ لأنّ ألفاظ المعاملة قد تقع صحیحة‏ ‏،‏‎ ‎‏وقد تقع باطلة‏ .

‏وبالجملة : المنهی عنه علی هذا‏ ‏، إیجاد ذات السبب مع قطع النظر عن سببیته‏‎ ‎‏وتأثیره فی المسبّب‏ ‏، وهو مقدور له وإن لم یترتّب علیه الأثر‏‎[3]‎ .

وأنت خبیر :‏ بأنّ مورد نظر أبی حنیفة والشیبانی‏ ‏، المعاملة العقلائیة الدارجة‏‎ ‎‏التی یتوقّع ترتّب المسبّب علیها لو لا نهی الشارع عنها‏ ‏، لا نفس السبب بما هو فعل‏‎ ‎‏مباشری‏ ‏؛ لعدم کون ألفاظ «بعت» و«قبلت» مثلاً ـ من حیث هی ـ معاملةً حتّی‏‎ ‎‏تکون متعلّقة للنهی‏ ‏، فلیس المحقّق الخراسانی مفصّلاً بین تعلّق النهی بسبب المعاملة‏ ‏،‏‎ ‎‏فلا یقتضی الصحّة‏ ‏، وبین تعلّقه بالمسبّب أو التسبّب بالسبب‏ ‏، فیقتضی الصحّة‏ ‏،‏‎ ‎‏فهو ‏‏قدس سره‏‏ فی الحقیقة ـ مصدّق بمقالهما فی تعلّق النهی بالمعاملة‏ ‏، فتدبّر‏ .

ومنها :‏ ما أفاده المحقّق الأصفهانی ‏‏قدس سره‏‏ وحاصل ما ذکره : أنّه إذا تعلّق النهی‏‎ ‎‏بذات العقد الإنشائی‏‎[4]‎ ‏، وإن کان مقتضاه مقدوریته للمکلّف بذاته‏ ‏، إلاّ أنّه لا ربط له‏‎ ‎‏بمقدوریته من حیث هو مؤثّر فعلی‏ ‏، فتعلّق النهی بذات العقد الإنشائی‏ ‏، لا یلازم‏‎ ‎‏صحّته ونفوذه‏ .

‏وإذا تعلّق النهی بالإیجاد السببی للملکیة الذی هو عین وجود الملکیة‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 185
‏بالذات وغیره بالاعتبار‏ ‏، فالنهی وإن دلّ علی مقدوریته من حیث هو مؤثّر فعلی‏ ‏،‏‎ ‎‏ولکن أمر الملکیة دائر بین الوجود والعدم‏ ‏، فلا یتصف بالصحّة‏ ‏؛ لأنّ وجود الملکیة‏‎ ‎‏لیس أثراً حتّی یتصف بلحاظه بالصحّة‏ ‏؛ لما عرفت من حدیث العینیة‏ ‏، والشیء‏‎ ‎‏لا یکون أثراً لنفسه‏ .

‏وأمّا الأحکام المترتّبة علی الملکیة فنسبتها إلیها نسبة الحکم إلی الموضوع‏ ‏،‏‎ ‎‏لا نسبة المسبّب إلی السبب لیتصف بلحاظه بالصحّة‏ .

‏فتحصّل : أنّ ما یکون تحت الاختیار ـ وهو إیجاد الملکیة ـ أمره دائر بین‏‎ ‎‏الوجود والعدم‏ ‏، لا یتصف بالصحّة والفساد‏ ‏؛ لأنّ وجودها لیس إثراً له‏ ‏، بل هو‏‎ ‎‏نفسه‏ ‏، وما لا یکون تحت الاختیار ـ وهو الأحکام والآثار المترتّبة علی الملکیة ـ‏‎ ‎‏یتصف بالصحّة‏ ‏، إلاّ أنّ نسبتها إلیها نسبة الحکم إلی الموضوع‏ ‏، لا نسبة المسبّب إلی‏‎ ‎‏سببه لیتصف بلحاظه بالنفوذ والصحّة‏ ‏، فقول أبی حنیفة والشیبانی ساقط علی‏‎ ‎‏جمیع التقادیر‏‎[5]‎ .

وفیه :‏ أنّه یتوجّه علی ما ذکره أوّلاً‏ ‏، ما توجّه علی اُستاذه المحقّق‏‎ ‎‏الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ وهو أنّ مورد نظرهما المعاملة العقلائیة‏ ‏؛ أی العقد المتوقّع ترتّب الأثر‏‎ ‎‏والمسبّب علیه لولا نهی الشارع عنه‏ ‏، لا نفس السبب بما أنّه فعل مباشری‏ ‏، فما أورده‏‎ ‎‏أوّلاً خارج عن محطّ نظرهما‏ .

‏ثمّ إنّ نظرهما لیس إلی اتصاف إیجاد الملکیة بالصحّة حتّی یورد علیهما ما‏‎ ‎‏ذکره‏ ‏، بل المراد أنّ النهی حیث یدلّ علی مقدوریة متعلّقه‏ ‏، فالنهی یتعلّق بما تکون له‏‎ ‎‏سببیة فعلیة‏ ‏؛ وهی إیجاد المعاملة السببیة بما هی سبب‏ ‏، ومن المعلوم أنّها تتصف‏‎ ‎‏بالصحّة والفساد‏ ‏، فتدبّر‏ .


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 186
‏ولو سلّم تعلّق النهی بإیجاد الملکیة‏ ‏، فلا محالة یکون إیجادها مقدوراً له‏ ‏، کما‏‎ ‎‏اعترف ‏‏قدس سره‏‏ به أیضاً‏ ‏، وهو کاشف عن صحّة المعاملة‏ ‏، لا عن صحّة الإیجاد حتّی یقال :‏‎ ‎‏إنّه لا یتّصف بها‏ .

ومنها :‏ ما أورده المحقّق النائینی ‏‏قدس سره‏‏ علی مقالهما فی المعاملة‏ ‏، فقال ما‏‎ ‎‏حاصله : أنّ متعلّق النهی فی المعاملة‏ ‏، المبادلة التی یتعاطاها العرف وما هی بیدهم‏ ‏،‏‎ ‎‏لا المبادلة الصحیحة والواقعیة‏ ‏، ومن المعلوم أنّ المبادلة العرفیة مقدورة للمکلّف‏‎ ‎‏ولو بعد النهی الشرعی‏ ‏، کما هو المشاهد‏ ‏، فإنّ بائع الخمر مع علمه بالفساد والنهی‏‎ ‎‏الشرعی‏ ‏، یبیع الخمر حقیقة وبقصد المبادلة‏ ‏، کما یقصد ذلک عند عدم علمه بالفساد‏ ‏،‏‎ ‎‏بل مع علمه بالصحّة‏ ‏، وکذا سائر المبادلات العرفیة المنهی عنها‏ ‏، فإنّ جمیعها‏‎ ‎‏مقدورة وممّا یتعلّق بها القصد حقیقة‏ ‏، والنهی الشرعی یوجب فسادها‏ ‏؛ أی عدم‏‎ ‎‏تحقّقها خارجاً شرعاً وإن تحقّقت عرفاً‏ ‏، فدعوی أنّ النهی عن المعاملة یقتضی‏‎ ‎‏الصحّة‏ ‏، ضعیفة جدّاً‏‎[6]‎ .

وفیه :‏ أنّ ما أفاده ‏‏قدس سره‏‏ صحیح لو کان نظرهما فی متعلّق النهی عن المعاملة‏ ‏،‏‎ ‎‏المبادلة بالمعنی الأعمّ‏ ‏، وأمّا إن أرادا أنّ متعلّق النهی المعاملة الواقعیة الشرعیة‏ ‏؛ وأنّ‏‎ ‎‏ألفاظ المعاملات لها نحو سببیة للمبادلات الصحیحة ـ بدعوی أنّ النهی عمّا لم تکن له‏‎ ‎‏سببیة فعلیة للمعاملة‏ ‏، لا معنی له ـ فالنهی عنها یقتضی صحّتها‏ ‏، والظاهر أنّ محطّ‏‎ ‎‏نظرهما هو الثانی‏ ‏، فما أفاده ‏‏قدس سره‏‏ تأویل لمقالهما‏ .

‏فتحصّل ممّا ذکرنا : أنّ ما ذکروه فی ردّ مقال أبی حنیفة والشیبانی‏ ‏، کأنّه خارج‏‎ ‎‏عمّا هما بصدده‏ .


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 187
ولا یبعد أن یقال‏ بصحّة مقالهما فی المعاملة‏ ‏؛ وأنّ النهی عن المعاملة یدلّ علی‏‎ ‎‏الصحّة بعد إحراز کون النهی نهیاً تکلیفیاً عن المعاملة الواقعیة الاعتباریة‏ ‏،‏‎ ‎‏لا إرشادیاً‏ ‏، وإلاّ فظهوره فی الفساد لا ینبغی أن ینکر‏‎[7]‎ .

هذا کلّه بالنسبة إلی مقال أبی حنیفة والشیبانی فی النهی المتعلّق بالمعاملة .

‏وأمّا النهی المتعلّق بالعبادة‏ ‏، فلا محصّل لمقالهما‏ ‏؛ وذلک لأنّه یعتبر فی العبادة أن‏‎ ‎‏لا یکون المأتی به منهیاً عنه ومبغوضاً‏ ‏، وواضح أنّه بمجرّد النهی عن عبادة یستکشف‏‎ ‎‏مبغوضیتها‏ ‏، وعدم الأمر بها‏ ‏، وعدم الملاک فیها‏ ‏؛ لعدم صحّة تعلّق الأمر والنهی بشیء‏‎ ‎‏واحد‏ ‏، ولا یکاد یمکن أن یکون شیء واحد حاملاً لملاک الصحّة والفساد‏ ‏، فنفس‏‎ ‎‏تعلّق النهی بعبادة یسلب القدرة عن العبد‏ .

لا یقال :‏ فلیکن متعلّق العبادة العبادَة الفعلیة‏ ‏، کما استظهر ذلک فی تعلّق النهی‏‎ ‎‏بالمعاملة‏ ‏، وحینئذٍ فالنهی عنها یقتضی صحّتها‏ ‏؛ للملازمة العقلیة المدّعاة فی تعلّق‏‎ ‎‏النهی بالمعاملة‏ .

لأنّا نقول :‏ إنّ تعلّق النهی بالمعاملة أو العبادة‏ ‏، کان ظاهراً فی کون متعلّقه‏‎ ‎‏المعاملة الفعلیة والعبادة الفعلیة‏ ‏، ولا یصار إلی خلاف ذلک مهما أمکن إلاّ إذا کان دلیل‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 188
‏علی عدم إمکان إرادة الفعلیة منهما‏ ‏، فعند ذلک ترفع الید عن هذا الظهور‏ ‏، ومن‏‎ ‎‏الواضح أنّه لا دلیل ولا موجب لارتکاب خلاف الظاهر فی تعلّق النهی بالمعاملة بعد‏‎ ‎‏إمکان إرادة المعاملة الفعلیة‏ ‏، کما أشرنا إلیه‏ ‏، وأمّا فی العبادة فیمتنع تعلّق النهی بما‏‎ ‎‏یکون عبادة فعلیة‏ ‏؛ ضرورة امتناع کون شیء واحد ـ بحیثیة واحدة ـ محبوباً‏‎ ‎‏ومبغوضاً‏ ‏، ذا صلاح وفساد‏ ‏، کما لا یخفی‏ ‏، وحیث إنّه لا یمکن إنکار الملازمة الفعلیة‏‎ ‎‏بین النهی وصحّة تحقّق متعلّقه‏ ‏، فلابدّ من تأویل العبادة الواقعة فی متعلّق النهی‏ ‏؛ بأن‏‎ ‎‏یراد بها ما تکون عبادة لولا النهی‏ .

‏فتحصّل : أنّ ما ذکراه ـ من اقتضاء النهی صحّة متعلّقه ـ إنّما یتمّ فی النهی‏‎ ‎‏المتعلّق بالمعاملة‏ ‏، وأمّا النهی المتعلّق بالعبادة فلا‏ ‏، بل یقتضی الفساد‏ .

‏هذا کلّه فی المقام الأوّل‏ ‏؛ أی مقتضی تعلّق النهی بأقسامه بذات المعاملة‏ ‏، أو‏‎ ‎‏العبادة‏ ‏، أو بجزئهما‏ ‏، أو بشرطهما‏ ‏، أو بوصفهما‏ .

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 189

  • )) اُنظر المحصول فی علم اُصول الفقه 2 : 456 ، شرح العضدی علی مختصر ابن الحاجب : 211 ـ 212 .
  • )) قلت : وحکی عن فخر المحقّقین موافقتهما فی ذلک(أ) . [ المقرّر حفظه الله ]     أ ـ اُنظر مطارح الأنظار : 166 / السطر 16 .
  • )) کفایة الاُصول : 228 .
  • )) مراده بالعقد الإنشائی ألفاظ المعاملة ، کما صرّح به فی بعض الموارد . [ المقرّر حفظه الله ]
  • )) نهایة الدرایة 2 : 407 ـ 408 .
  • )) فوائد الاُصول 1 : 474 ـ 475 .
  • )) قلت : ولا یخفی أنّ ما ذکر هنا ، لا ینافی ما سبق عند بیان أنّ النهی التحریمی إذا تعلّق بمعاملة ، لا یلازم الفساد عقلاً ؛ لأنّ غایة ما استفید هناک عدم الملازمة بین النهی والفساد ، وأمّا اقتضاء النهی صحّة متعلّقه ، فلم یکن مقصوداً بالبحث هناک ، وما نحن بصدد إثباته هنا ، هو اقتضاء النهی صحّة متعلّقه عقلاً إذا کان معاملة . وکذا لا تنافی بین ما ذکر هنا ، وبین ما قلنا من أنّ النهی التحریمی لو تعلّق بترتّب الآثار لاقتضی الفساد ؛ لأنّ محطّ البحث هنا فیما لو تعلّق النهی بنفس المعاملة ، لا بما هو خارج عنها مترتّب علیها ، فتدبّر واغتنم . [ المقرّر حفظه الله ]