المقصد الثانی فی النواهی

المطلب‏ الرابع: ‏فی ‏عدم ‏اختصاص ‏الفساد ‏بالفساد ‏الناشئ ‏عن ‏قصور ‏المقتضی

المطلب الرابع: فی عدم اختصاص الفساد بالفساد الناشئ عن قصور المقتضی

‎ ‎‏الظاهر تعمیم «الفساد» المبحوث عنه فی المسألة إلی الفساد الواقعی الناشئ عن‏‎ ‎‏قصور فی المصلحة‏ ‏، والفساد الناشئ عن قصور فی التقرّب به مع عدم قصور فی‏‎ ‎‏المصلحة المقتضیة للأمر به واقعاً‏ .

ولکن یظهر من المحقّق العراقی ‏قدس سره‏‏ : أنّ «الفساد» المبحوث عنه فی هذه‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 141
‏المسألة‏ ‏، هو الفساد الواقعی الناشئ عن قصور فی المصلحة‏ ‏، لا الفساد الناشئ عن‏‎ ‎‏قصور فی التقرّب به مع عدم قصوره فی المصلحة المقتضیة للأمر به واقعاً‏ ‏، نظیر النهی‏‎ ‎‏المتعلّق بشیء من الأمر بضدّه‏ .

‏وقد تمسّک ‏‏قدس سره‏‏ لذلک بالظهور‏ ‏؛ بدعوی ظهور العنوان فی اقتضاء النهی بوجوده‏‎ ‎‏الواقعی للفساد‏ ‏، لا المعنی الثانی‏ ‏، إلاّ أن تقوم علیه قرینة‏ ‏، وعلی هذا یکون هذا‏‎ ‎‏البحث راجعاً إلی باب التعارض والتکاذب بین الأدلّة‏ ‏، لا باب التزاحم‏ ‏، فیکون‏‎ ‎‏الفرق بین هذه المسألة ومسألة الاجتماع فی غایة الوضوح‏ ‏؛ لکون النزاع هناک‏‎ ‎‏فی المتزاحمین‏ .

‏نعم‏ ‏، لو جعلنا «الفساد» فی العنوان أعمّ من الفساد التقرّبی‏ ‏، فلا محیص من‏‎ ‎‏جعل مسألة الاجتماع ـ بناءً علی الامتناع ـ من صغریات هذه المسألة‏ . . ‏. إلی أن قال :‏‎ ‎‏إذا توجّه نهی إلی موضوع الأمر فلا نزاع لأحد فی منعه عن التقرّب بمثله‏ ‏، بل لا أمر‏‎ ‎‏له حینئذٍ ویکون مبعّداً محضاً بنهیه‏ ‏، فکیف یتقرّب به؟! وحینئذٍ لا یبقی مجال للبحث‏‎ ‎‏عن هذا الفساد‏ ‏، وهذا شاهد آخر لعدم شمول «الفساد» فی العنوان للفساد التقرّبی‏ ‏،‏‎ ‎‏فینحصر الفساد فیه بالفساد الواقعی الناشئ عن قصور فی المقتضی‏‎[1]‎ ‏، انتهی محرّراً‏ .

وفیه أوّلاً :‏ أنّه لا وجه لتخصیص النزاع بالفساد الناشئ عن قصور فی المقتضی‏‎ ‎‏بعد عموم البحث بالنسبة إلی النهی التحریمی والتنزیهی‏ ‏؛ لوضوح أنّ تعلّق النهی‏‎ ‎‏التنزیهی بشیء‏ ‏، لا یوجب حزازة ومنقصة فی جانب المقتضی‏ ‏، کما لا یخفی‏ .

وثانیاً :‏ أنّ قوله «لا نزاع لأحد فی منعه عن التقرّب بمثله» غیر سدید‏ ‏؛ لأنّ‏‎ ‎‏أبا حنیفة والشیبانی ـ کما سیجیء قولهما وردّهما ـ صرّحا بأنّ النهی إذا تعلّق بشیء‏‎ ‎‏یدلّ علی صحّته‏ .

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 142

  • )) مقالات الاُصول 1 : 383 ـ 384 .