المقصد الثانی فی النواهی

حول مقال أبی هاشم وصاحب الفصول

حول مقال أبی هاشم وصاحب الفصول

‏قد عرفت عدم وجوب شیء من عناوین «ردّ المغصوب» و«التخلّص من‏‎ ‎‏الغصب» و«ترک التصرّف فی مال الغیر» ـ إلی غیر ذلک من العناوین ـ شرعاً‏ ‏، وإنّما‏‎ ‎‏تعتبر تلک العناوین عند حرمة التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه‏ ‏، فالثابت فی الشریعة‏‎ ‎‏إنّما هی حرمة التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه‏ ‏، فتعتبر عند ذلک تلک العناوین‏ ‏، کما‏‎ ‎‏أنّ الثابت فی الشریعة وجوب الصلاة‏ ‏، فیعتبر عند ذلک حرمة ترک الصلاة‏ ‏، کما أنّ‏‎ ‎‏الثابت فی الشریعة حرمة شرب الخمر‏ ‏، فیعتبر عند ذلک وجوب ترک شرب‏‎ ‎‏الخمر‏ . . ‏. وهکذا‏ .

‏ولکن لو بنینا علی وجوب أحد تلک العناوین شرعاً‏ ‏، کما لو قلنا بأنّ ترک‏‎ ‎‏التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه واجب‏ ‏، وقلنا بأنّ الحرکة الخروجیة من مقدّمات‏‎ ‎‏ترک التصرّف فیه‏ ‏، لا للکون خارج البیت‏ ‏، وقلنا بأنّ مقدّمة الواجب واجبة‏ ‏، فهل‏‎ ‎‏الحقّ مع أبی هاشم والمحقّق القمّی ‏‏قدس سره‏‎[1]‎‏ القائلین بأنّ الخروج من الدار الغصبیة‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 129
‏مأمور به ومنهی عنه‏ ‏، أو مع ما نسب إلی صاحب «الفصول» ‏‏قدس سره‏‎[2]‎‏ من أنّه مأمور به‏‎ ‎‏ومنهی عنه بالنهی السابق؟‏

‏قال المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ : «لا یمکن القول بکون الخروج مأموراً به ومنهیاً‏‎ ‎‏عنه‏ ‏؛ لما عرفت من امتناع الاجتماع فیما إذا کان بعنوانین‏ ‏، فضلاً عمّا إذا کان بعنوان‏‎ ‎‏واحد‏ ‏، کما فی المقام‏ ‏؛ لأنّ الخروج بعنوانه سبب للتخلّص من الغصب‏ ‏، وهو بنفسه‏‎ ‎‏بغیر إذن المالک‏ ‏، فیلزم کون الشیء الواحد واجباً ومحرّماً»‏‎[3]‎ .

وفیه :‏ ـ مضافاً إلی أنّه مبنی علی تمامیة تلک الاُمور ولم یثبت شیء منها‏ ‏؛ لما‏‎ ‎‏عرفت من عدم وجوب «ترک التصرّف فی مال الغیر» بعنوانه‏ ‏، وعدم کون الحرکة‏‎ ‎‏الخروجیة مقدّمة له‏ ‏، بل هی مقدّمة للکون خارج البیت‏ ‏، وعدم وجوب مقدّمة‏‎ ‎‏الواجب ـ أنّ القائل بجواز الاجتماع لا یری فرقاً بین المقام وبین سائر موارد الاجتماع‏ ‏؛‏‎ ‎‏وذلک لأنّه یری أنّ «الخروج من الدار المغصوبة» بعنوانه‏ ‏، لیس بواجب‏ ‏، ولا حرام‏ ‏،‏‎ ‎‏فلا یکون موضوعاً لحکم أصلاً‏ ‏، فما یکون موضوعاً للحکم الوجوبی هو مقدّمة‏‎ ‎‏الواجب‏ ‏، وقد أشرنا فی محلّه إلی أنّه علی فرض وجوب المقدّمة‏ ‏، لا یکون الواجب‏‎ ‎‏المقدّمة بالحمل الشائع‏‎[4]‎ ‏، بل غایته وجوب عنوان «ما یتوصّل به إلی الواجب» أو‏‎ ‎‏عنوان «ما یتوقّف علیه الواجب» علی إشکال فی ذلک‏ ‏، ومن الواضح أنّ عنوان «ما‏‎ ‎‏یتوصّل به إلی ذی المقدّمة» أو عنوان «ما یتوقّف علیه ذو المقدّمة» غیر عنوان‏‎ ‎‏«الخروج» فعنوان «الخروج» لم یجب من جهة وجوب عنوان «المقدّمة»‏ .

‏ومن المعلوم أیضاً : أنّ عنوان «ردّ الغصب» أو «التخلّص من الغصب»‏ . . ‏. إلی‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 130
‏غیر ذلک‏ ‏، غیر عنوان «الخروج» وعلیه فلا یکون عنوان «الخروج» موضوعاً‏‎ ‎‏للحکم الوجوبی‏ .

وأمّا‏ عدم کونه موضوعاً لحکم الحرمة‏ ‏؛ فلأنّ الحرام هو عنوان «التصرّف فی‏‎ ‎‏مال الغیر بغیر إذنه» فیکون الواجب هو عنوان «ما یتوصّل به إلی الواجب» أو‏‎ ‎‏«ما یتوقّف علیه الواجب» والحرام هو عنوان «التصرّف فی مال الغیر بغیر إذنه»‏‎ ‎‏فعنوان «الخروج» لیس بواجب‏ ‏، ولا حرام‏ .

‏فظهر : أنّ الحرکة الخروجیة ـ علی فرض تسلیم هذه الاُمور السقیمة ـ ذات‏‎ ‎‏وجهین‏ ‏، نظیر سائر موارد الاجتماع‏ ‏، فیترجّح قول أبی هاشم والمحقّق القمّی إن‏‎ ‎‏لم نعتبر وجود المندوحة فی باب الاجتماع‏ .

‏نعم‏ ‏، إن اعتبرنا وجود المندوحة فی باب اجتماع الأمر والنهی ـ کی لا یلزم‏‎ ‎‏طلب المحال ـ یخرج المفروض عن مسألة الاجتماع‏ ‏، ولابدّ من القول بمقال صاحب‏‎ ‎‏«الفصول» ‏‏قدس سره‏‏ کما أشار إلیه المحقّق الخراسانی ‏‏قدس سره‏‏ أیضاً‏ ‏؛ لعدم وجود المندوحة هنا‏ ‏،‏‎ ‎‏فیلزم طلب المحال‏ ‏؛ ضرورة عدم صحّة تعلّق الطلب والبعث حقیقة بفعل واجب أو‏‎ ‎‏ترک کذلک ولو کان بسوء الاختیار‏ .

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 131

  • )) قوانین الاُصول 1 : 153 / السطر 21 .
  • )) الفصول الغرویة : 138 / السطر 25 .
  • )) کفایة الاُصول : 209 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث : 237 .