حول مقال أبی هاشم وصاحب الفصول
قد عرفت عدم وجوب شیء من عناوین «ردّ المغصوب» و«التخلّص من الغصب» و«ترک التصرّف فی مال الغیر» ـ إلی غیر ذلک من العناوین ـ شرعاً ، وإنّما تعتبر تلک العناوین عند حرمة التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه ، فالثابت فی الشریعة إنّما هی حرمة التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه ، فتعتبر عند ذلک تلک العناوین ، کما أنّ الثابت فی الشریعة وجوب الصلاة ، فیعتبر عند ذلک حرمة ترک الصلاة ، کما أنّ الثابت فی الشریعة حرمة شرب الخمر ، فیعتبر عند ذلک وجوب ترک شرب الخمر . . . وهکذا .
ولکن لو بنینا علی وجوب أحد تلک العناوین شرعاً ، کما لو قلنا بأنّ ترک التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه واجب ، وقلنا بأنّ الحرکة الخروجیة من مقدّمات ترک التصرّف فیه ، لا للکون خارج البیت ، وقلنا بأنّ مقدّمة الواجب واجبة ، فهل الحقّ مع أبی هاشم والمحقّق القمّی قدس سره القائلین بأنّ الخروج من الدار الغصبیة
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 129
مأمور به ومنهی عنه ، أو مع ما نسب إلی صاحب «الفصول» قدس سره من أنّه مأمور به ومنهی عنه بالنهی السابق؟
قال المحقّق الخراسانی قدس سره : «لا یمکن القول بکون الخروج مأموراً به ومنهیاً عنه ؛ لما عرفت من امتناع الاجتماع فیما إذا کان بعنوانین ، فضلاً عمّا إذا کان بعنوان واحد ، کما فی المقام ؛ لأنّ الخروج بعنوانه سبب للتخلّص من الغصب ، وهو بنفسه بغیر إذن المالک ، فیلزم کون الشیء الواحد واجباً ومحرّماً» .
وفیه : ـ مضافاً إلی أنّه مبنی علی تمامیة تلک الاُمور ولم یثبت شیء منها ؛ لما عرفت من عدم وجوب «ترک التصرّف فی مال الغیر» بعنوانه ، وعدم کون الحرکة الخروجیة مقدّمة له ، بل هی مقدّمة للکون خارج البیت ، وعدم وجوب مقدّمة الواجب ـ أنّ القائل بجواز الاجتماع لا یری فرقاً بین المقام وبین سائر موارد الاجتماع ؛ وذلک لأنّه یری أنّ «الخروج من الدار المغصوبة» بعنوانه ، لیس بواجب ، ولا حرام ، فلا یکون موضوعاً لحکم أصلاً ، فما یکون موضوعاً للحکم الوجوبی هو مقدّمة الواجب ، وقد أشرنا فی محلّه إلی أنّه علی فرض وجوب المقدّمة ، لا یکون الواجب المقدّمة بالحمل الشائع ، بل غایته وجوب عنوان «ما یتوصّل به إلی الواجب» أو عنوان «ما یتوقّف علیه الواجب» علی إشکال فی ذلک ، ومن الواضح أنّ عنوان «ما یتوصّل به إلی ذی المقدّمة» أو عنوان «ما یتوقّف علیه ذو المقدّمة» غیر عنوان «الخروج» فعنوان «الخروج» لم یجب من جهة وجوب عنوان «المقدّمة» .
ومن المعلوم أیضاً : أنّ عنوان «ردّ الغصب» أو «التخلّص من الغصب» . . . إلی
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 130
غیر ذلک ، غیر عنوان «الخروج» وعلیه فلا یکون عنوان «الخروج» موضوعاً للحکم الوجوبی .
وأمّا عدم کونه موضوعاً لحکم الحرمة ؛ فلأنّ الحرام هو عنوان «التصرّف فی مال الغیر بغیر إذنه» فیکون الواجب هو عنوان «ما یتوصّل به إلی الواجب» أو «ما یتوقّف علیه الواجب» والحرام هو عنوان «التصرّف فی مال الغیر بغیر إذنه» فعنوان «الخروج» لیس بواجب ، ولا حرام .
فظهر : أنّ الحرکة الخروجیة ـ علی فرض تسلیم هذه الاُمور السقیمة ـ ذات وجهین ، نظیر سائر موارد الاجتماع ، فیترجّح قول أبی هاشم والمحقّق القمّی إن لم نعتبر وجود المندوحة فی باب الاجتماع .
نعم ، إن اعتبرنا وجود المندوحة فی باب اجتماع الأمر والنهی ـ کی لا یلزم طلب المحال ـ یخرج المفروض عن مسألة الاجتماع ، ولابدّ من القول بمقال صاحب «الفصول» قدس سره کما أشار إلیه المحقّق الخراسانی قدس سره أیضاً ؛ لعدم وجود المندوحة هنا ، فیلزم طلب المحال ؛ ضرورة عدم صحّة تعلّق الطلب والبعث حقیقة بفعل واجب أو ترک کذلک ولو کان بسوء الاختیار .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 131