مقال الشیخ فی کون الخروج من الدار المغصوبة واجباً والمناقشة فیه
حکی عن الشیخ الأعظم قدس سره : «أنّ الخروج من الدار المغصوبة واجب لیس إلاّ» ، وحاصل ما أفاده فی ذلک : هو أنّه لیس جمیع أقسام التصرّف فی مال الغیر بغیر إذنه حراماً ، وإنّما یحرم منه ـ بلا إشکال ـ ما إذا کان التصرّف بعنوان «الدخول فی ملک الغیر بغیر إذنه» أو «البقاء فیه» . وأمّا التصرّف بالخروج الذی یتوقّف علیه رفع الظلم ، فحیث إنّه مصداق للتخلّص من الغصب أو سبب له ، فلم یکن حراماً من أوّل الأمر قبل الدخول وإن توقّف وجود الخروج فی الخارج علی الدخول بواسطة ترتّب طبیعی بین الدخول والخروج ، بل الخروج محبوب علی کلّ حال ؛ قبل الدخول أو بعده ، کما أنّ الغصب مبغوض دائماً .
وتوهّم : أنّه قبل الدخول فیها له قدرة علی عدم التصرّف ، فالدخول والبقاء والخروج المسبّب عن الدخول ، منهی عنه .
مدفوع : بأنّ الحرام هو الدخول والبقاء فی ملک الغیر بغیر إذنه ، وأمّا
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 127
الخروج منه الذی یکون مصداقاً للتخلّص من الغصب أو مسبّباً له ، فلیس بمنهی عنه ، بل مأمور به . وهذا مثل شرب الخمر ، فإنّه لم یحرّم علینا شرب الخمر بجمیع أقسامه ، لأنّه إذا توقّف حفظ النفس علی شرب الخمر ، یکون شرب الخمر واجباً لا حراماً .
فظهر : أنّ الخروج من الدار الغصبیة حیث إنّه مصداق للتخلّص من الغصب أو سبب له ، لا یکون إلاّ مطلوباً ، ویستحیل أن یتصف بغیر المحبوبیة ویحکم علیه بغیر المطلوبیة ، انتهی محصل کلامه .
ویرد علیه أوّلاً : ما أجاب به المحقّق الخراسانی قدس سره مجملاً ، ونقول : إنّه لیس شیء من الدخول فی ملک الغیر بغیر إذنه أو البقاء فیه أو الخروج منه بعناوینها ، حراماً ، وإنّما الحرام هو التصرّف فی ملک الغیر بغیر إذنه ، وواضح أنّ شموله بالنسبة إلی الدخول فیه والبقاء فیه والخروج عنه ، علی وزان واحد ، فکما یحرم التصرّف الدخولی والبقائی فیه ، فکذلک یحرم التصرّف الخروجی منه ، وقد عرفت أنّ عنوان «التخلّص من الغصب» لم یکن واجباً شرعاً ، وإنّما یعتبر ذلک عند حرمة التصرّف فی مال الغیر بغیر إذنه .
وثانیاً : أنّه یلزم علی ما ذکره أن یکون الاضطرار ونحوه ، من قیود التکلیف ، ویکون المضطرّ خارجاً من دائرة التکلیف ، مع أنّه لیس کذلک ، وغایة ما یکون عند
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 128
الاضطرار ونحوه ، هو أنّه إذا لم یکن الاضطرار بسوء اختیاره یکون معذوراً عقلاً .
وثالثاً : أنّه یلزم علی ما ذکره أن یجوز لکلّ أحد أن یوقع نفسه فی الاضطرار بسوء اختیاره فی شرب الخمر ، بل یلزم أن یثاب علی شربها الواجب لو قصد التقرّب به إلی الله تعالی!! حاشا الفقیه من التفوّه بذلک .
نعم ، من أوقع نفسه فی الاضطرار إلی شرب الخمر بسوء اختیاره وانحصر حفظ نفسه بشربها ، فهو ملزم به من ناحیة عقله ؛ لکونه أقلّ محذوراً من هلاک النفس ، ولکنّه مع ذلک یکون قد ارتکب حراماً فعلیاً بلا عذر ، فیعاقب علیه ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 129