المقصد الثانی فی النواهی

إشکال اتحاد المقرّب والمبعّد

إشکال اتحاد المقرّب والمبعّد

‏وأمّا حدیث کون المبعّد مقرّباً والمقرّب مبعّداً‏ ‏، فلعلّ الإشکال من جهته أقوی‏‎ ‎‏من الإشکال فی الجهات السابقة‏ ‏، ولذا تری بعضهم‏‎[1]‎‏ مع قوله بالجواز‏ ‏، أشکل فی‏‎ ‎‏صحّة الصلاة فی الدار المغصوبة من هذه الجهة‏ .

‏ولکنّ الذی یقتضیه النظر‏ ‏، هو عدم تمایز هذه الجهة مع أخواتها إشکالاً‏‎ ‎‏وجواباً‏ ‏، فجمیعها ترتضع من ثدی واحد‏ ‏؛ وذلک لأنّ معنی کون شیء مقرّباً‏ ‏، هو‏‎ ‎‏وجود جهة حسن وصلاح فیه‏ ‏، ومعنی کونه مبعّداً هو وجود جهة قبح وفساد فیه‏ ‏،‏‎ ‎‏فالمقرّبیة والمبعّدیة ـ کالمحبوبیة والمبغوضیة ـ من الوجوه والاعتبارات العقلائیة‏‎ ‎‏والاُمور الانتزاعیة الدائرة مدار الجهات والاعتبارات التی یمکن اجتماعها فی شیء‏‎ ‎‏واحد بجهات مختلفة‏ ‏، ولیست من قبیل الأعراض الحقیقیة الخارجیة الموجبة لامتناع‏‎ ‎‏اتصاف الموضوع إلاّ بواحد منها‏‎[2]‎ .


کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 92
‏وبالجملة : المقرّبیة والمبعّدیة من الوجوه والاعتبارات التی یمکن اجتماعها‏‎ ‎‏فی شیء واحد بجهات مختلفة‏ ‏؛ ضرورة أنّ العقل یدرک الفرق بین من ضرب ابن‏‎ ‎‏المولی فی الدار المغصوبة‏ ‏، وبین من أکرمه فیها‏ ‏، فحرکة الید لإکرام ابن المولی من‏‎ ‎‏جهة أنّها إکرام له‏ ‏، محبوبة وصالحة للتقرّب إلی المولی‏ ‏، وهی من جهة أنّها تصرّف‏‎ ‎‏فی مال الغیر‏ ‏، مبغوضة ومبعّدة عن المولی‏ ‏. وکذا مسّ رأس الیتیم فی الدار المغصوبة‏‎ ‎‏من جهة أنّه رحمة بالیتیم‏ ‏، حسن وذو مصلحة‏ ‏، ومن جهة أنّه تصرّف فی مال الغیر‏‎ ‎‏قبیح وذو مفسدة‏ .

‏فالحرکة الصلاتیة فی الدار المغصوبة من جهة أنّها مصداق للصلاة‏ ‏، محبوبة‏‎ ‎‏ومقرّبة منه تعالی‏ ‏، ومن جهة أنّها مصداق للتصرّف العدوانی فی مال الغیر‏ ‏، مبغوضة‏‎ ‎‏ومبعّدة عنه‏ .

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 93

  • )) قلت : ومنهم اُستاذنا الأعظم البروجردی ـ دام ظلّه ـ فإنّه مع ذهابه إلی جواز اجتماع الأمر والنهی فی شیء واحد ، أشکل فی صحّة الصلاة فی الدار المغصوبة من جهة اجتماع المقرّبیة والمبعّدیة فی شیء واحد(أ) . [ المقرّر حفظه الله ]     أ ـ لمحات الاُصول : 226 .
  • )) قلت : یظهر ممّا فی تهذیب الاُصول(أ) أنّه لو کان المراد القرب والبعد المکانیین لما أمکن اجتماعهما . ولکن فیه : أنّه لو قیل بالقرب والبعد المکانیین لأمکن اجتماعهما فی شیء واحد ؛ لعدم کونهما حقیقیین أیضاً ؛ لأنّ القریب من المحراب بعید عن الباب ، والقریب من الباب بعید عن المحراب ، نعم القریب مکاناً إلی أمر لا یمکن اجتماعه مع البعید عنه کذلک ، فتدبّر . [ المقرّر حفظه الله ]     أ ـ تهذیب الاُصول 2 : 49.