المقام الثالث : إجزاء الظاهری عن الواقع
هل الإتیان بالمأمور به الظاهری مُجزٍ عن الواقعی فیسقط، أو لا کالعمل بالاُصول والقواعد المجعولة للشاکّ؟
وَلْیُعلمْ أنّ محطّ البحث هو ما إذا کان هناک أمرٌ متعلّق بمرکّب ذی أجزاء وشرائط، وأمرٌ أیضاً بتصدیق خبر زرارة، وفُرض أنّ زرارة ـ مثلاً ـ أخبر بأنّ السورة ـ مثلاً ـ لیست واجبة، فصلّی بدونها، فانکشف الخلاف فی الشبهة الحکمیّة، أو أخبرت البیِّنة: بأنّ القبلة هی هذه الجهة، فصلّی إلیها، فانکشف الخلاف فی الشبهة الموضوعیّة.
فنقول: أمّا الأمارات فحجّیّتها: إمّا علی نحو السببیّة والموضوعیّة، أو الطریقیّة، والکشفُ عن الواقع: إمّا لأجل بناء العقلاء علی ذلک وعدم ردع الشارع عنه، وإمّا للتعبّد به من الشارع تأسیساً.
فهنا وجوه ثلاثة:
أمّا الأوّل: ـ أی السببیّة ـ فهو فاسد، کما بُیِّن فی محلّه، ولا ینبغی التعرّض له.
وأمّا الثانی: وهو الطریقیّة لأجل بناء العقلاء مثل حجّیّة الظواهر، فلابدّ من
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 298
تغییر عنوان البحث بأن یقال: إنّ الإتیان بما أمضاه الشارع ـ الذی استقرّ بناء العقلاء علیه ـ هل هو مُجزٍ عن الواقع عند انکشاف الخلاف، فلا یجب إعادته، أو لا؟ فلابدّ من ملاحظة بناء العقلاء فی الإجزاء ـ أیضاً ـ وعدمه، ولا ریب فی أنّه لیس بناء العقلاء علی الإجزاء فیه عند انکشاف الخلاف، بل یستأنفون العمل من رأسه.
وأمّا علی الثالث: فلا إشکال ـ أیضاً ـ فی عدم الإجزاء فیه؛ لأنّ مرجع البحث عن الإجزاء فیه، إلی البحث فی أنّ الأوامر الظاهریة هل هی حاکمة علی الأدلّة الأوّلیّة، أو لا؟ کما لو جعل الشارع الطهارة من الخبث شرطاً فی لباس المصلّی، وکذلک الاستقبال، وقامت الأمارة أو البیّنة علی طهارته من الخبث، وأنّ القبلة هی هذه الجهة، فهو توسعة من الشارع للطهارة والقبلة، وأنّهما أعمّان من الواقعیّة والظاهریّة، لکن القول بالحکومة هنا فاسد؛ لأنّها مبنیّة علی القول بالسببیّة وملازمة لها فی الأمارات، والفرض أنّها من باب الطریقیّة، وبین طریقیّتها إلی الواقع وبین حکومتها علی الأدلّة الأوّلیّة تنافٍ ظاهر، فمع انکشاف الخلاف یجب الإتیان بالتکلیف الواقعی، ولا یُجزی فعل المأمور به بالأمر الظاهری.
وأمّا الاُصول والقواعد الشرعیّة فهی لیس علی وتیرة واحدة حتّی یُبحث عنها إجمالاً، بل لابدّ من التعرّض لکلّ واحد منها علی حِدة، فنقول:
أمّا أصالة الطهارة وأصالة الحلّیّة: فلسانهما واحد، سواء کانتا فی الشبهة الحکمیّة، کما إذا لم یعلم حکم المائع الفلانی، وأنّه نجس أو لا، أو أنّ الحیوان الفلانی ممّا یُؤکل لحمه أو لا، فیحکم بمقتضاهما بالطهارة والحلّیّة، أم فی الشبهة الموضوعیّة، کما لو تردّد مائع بین الماء والبول، أو وُجد لحمٌ، لم یُعلم أنّه ممّا یُؤکل لحمه أو غیره، فإنّ أصالتی الطهارة والحلّیّة جاریتان فیهما.
ثمّ إنّه لیس مفادهما جعل الطهارة والحلّیّة الواقعیّتین؛ لاستلزامه التصویب، ولیس حجّیّتهما جعل الطریقیة إلی الواقع؛ فإنّ الشکّ غیر قابل للطریقیّة إلی الواقع،
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 299
بل مفادهما جعل حکم ظاهری وظیفةً للشاکّ فیهما.
إذا عرفت ذلک فنقول: ذهب البعض إلی أنّه لو أمر المولی بالصلاة ـ مثلاً ـ وقال: إنّه یُشترط فیها الطهارة من الخبث، أو یُشترط فی لباس المصلّی أن لا یکون من أجزاء ما لا یُؤکل لحمه، وشُکّ فی طهارة ثوب ونجاسته، أو أنّه ممّا یُؤکل لحمه أو لا، شُبهةً حکمیّةً أو موضوعیّةً، فبنی المکلّف علی طهارته، وأنّه ممّا یُؤکل لحمه بمقتضی القاعدتین، فصلّی به، ثمّ بانَ أنّه کان نجساً، أو ممّا لا یُؤکل، فلسانهما فی نظر العرف لسان الحکومة، وأنّ القاعدتین ناظرتان إلی دلیل شرطیّة الطهارة ـ مثلاً ـ وأنّ قوله: (کلّ شیء طاهر) ـ مثلاً ـ توسعة للشرط، وأنّه أعمّ من الطهارة الواقعیّة والظاهریّة، وحینئذٍ فلا یجب الإعادة ولا القضاء عند انکشاف الخلاف، ولا إشکال فیه.
لکن أورد علیه بوجوه:
أحدها: أنّ ما ذکر إنّما یصحّ ما دام کونه شاکّاً، وأمّا إذا ارتفع الشکّ، وقطع بأنّه کان نجساً ـ مثلاً ـ فلا.
وفیه: أنّه لیس المراد أنّ الشکَّ عذرٌ والشاکَّ معذورٌ مادام الشکّ موجوداً؛ کی یقال: بأنّه إذا ارتفع العذر ارتفع المبنی علیه، بل المراد أنّ الشارع حَکَمَ بترتیب آثار الطهارة والحلّیّة علی المشکوک، ومن آثارها جواز الشروع فی الصلاة معه وصحّتها، فلیس هنا کشفٌ وتبیّنُ خلاف.
وثانیها: أنّه لا معنی للحکومة هنا؛ لعدم إمکان الحکم بالطهارة الظاهریّة والحکومة معاً دفعةً واحدة بقوله علیه السلام: (کلّ شیء طاهر حتّی تعلم أنّه قذر).
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 300
وفیه: أنّ الحکومة لیست من المجعولات الشرعیّة، بل هی منوطة بنظر العرف، فإن لم یکن بین دلیلین تنافٍ عرفاً فی نظر العقلاء، وأنّ أحدَهما ـ فی نظرهم ـ ناظر إلی موضوع الآخر بتصرفٍ فیه توسعةً أو تضییقاً لدائرته، فهو معنی الحکومة، سواء کانا عامّین من وجه، أو أعمّ وأخصّ مطلقاً، أو ظاهراً وأظهر.
وثالثها: وهو العمدة ـ کما عن النائینی قدس سره ـ وهو أنّه لابدّ فی الحکومة أن یکون الدلیلان ـ الحاکم والمحکوم ـ فی عرض واحد، لا ما إذا کان أحدهما فی طول الآخر، کما فیما نحن فیه، فإنّ الحکم الظاهری فی طول الحکم الواقعی؛ لأنّه اُخذ فی موضوعه الشکّ فی الحکم الواقعی، فحینئذٍ لا یمکن حکومة دلیله علی دلیل الحکم الواقعی.
الرابع: وهو العمدة أیضاً کما عن المحقّق العراقی قدس سره: أنّه یلزم من حکومة قاعدة الطهارة والحلّیّة علی الأدلّة والأوّلیّة الواقعیّة فقه، جدید، فإنّه لو فرض ملاقاة شیء آخر لهذا المشکوک الذی هو نجس واقعاً، فمقتضی القاعدة ترتیب آثار الطهارة علیه ـ أیضاً ـ علی الحکومة ولو مع تبیّن الخلاف، وهکذا یلزم المحذور المذکور.
والجواب عن هذین الوجهین: هو أنّ المراد بالحکومة هنا حکومة الدلیل الظاهری علی أدلّة شرطیّة الطهارة من الخبث فی الصلاة ـ مثلاً ـ وهما فی عرض واحد، لا علی أدلّة أحکام النجاسات الواقعیّة، والإشکالان ناشئان عن الغفلة عن هذا؛ بتوهّم أنّ المراد هو الثانی، وحینئذٍ فهما فی غیر محلّهما.
ویمکن عدم الالتزام بالإجزاء فی بعض الموارد فی الفقه، کما إذا توضّأ بماء مشکوک الطهارة بمقتضی القاعدة، فبان کونه نجساً، فلابدّ من إعادة الوضوء والصلاة، ولکنّه بدلیل خاصّ فلا یضرّ بما ذکرنا.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 301
وأمّا حدیث الرفع: ـ أی البراءة ـ فهی أیضاً کقاعدة الطهارة فی الإجزاء.
توضیحه: أنّه لو فرض أنّ الشارع أمر بالصلاة التی لها أجزاء وشرائط، وشکّ فی جزئیّة شیء أو شرطیّته لها، فحکَمَ بعدمهما بحدیث الرفع فی الشبهة الحکمیّة والموضوعیّة؛ بناءً علی شمول حدیث الرفع لهما، فإن کان المراد من حدیث الرفع، نفی جزئیّته أو شرطیّته واقعاً، فهو تصویب محال، أو مجمع علی بطلانه.
أو أنّه طریق إلی الواقع فهو أیضاً خلاف سیاق الحدیث، فهو فی مقام بیان وظیفة الشاکّ، فمفهومه: أنّ الشاکّ فی جزئیّة السورة ـ مثلاً ـ یجوز له الصلاة بلا سورة، فهو حاکم علی الأدلّة المتکفّلة لبیان الأجزاء والشرائط، فإذا انکشف وجوبها بعد الصلاة لا یجب إعادتها لا أداءً ولا قضاءً.
وأمّا الاستصحاب: فحجّیّته إمّا لبناء العقلاء علیه، وأنّ ما ثبت یدوم، وإمّا لجعل الشارع إیّاه طریقاً إلی الواقع، وحکمه بإدامة الیقین السابق فی ظرف الشکّ، وإمّا لحکمه بترتیب آثار الیقین السابق فی ظرف الشکّ تعبُّداً.
فعلی الأوّلین: فمقتضی القاعدة عدم الإجزاء نظیر الأمارات والطرق.
وعلی الثالث: فهو نظیر قاعدة الطهارة فی حکومته علی الأدلّة.
والظاهر هو الأخیر؛ لأنّه لم یُحرز بناء العقلاء علیه، وأنّ ما یتوهّم فی بعض الموارد من بنائهم علیه، فهو لأجل وثوقهم ببقاء ما کان سابقاً عادةً ودوامه ـ لولا المانع ـ إلی ظرف الشکّ، ویدلّ علی ذلک صحیحة زرارة، فإنّه قد حکم الإمام علیه السلام فی فرض الخفقة والخفقتین بالاستصحاب مع أنّهم لا یحکمون بالبقاء فیه وفی الموارد التی قامت الأمارة علی عدم البقاء، وکذا مع الظنّ بالخلاف فی قوله:
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 302
(فإنّی ظننتٌ أنّه أصابه)، وکذا حکمه بوجوب التطهیر وعدم وجوب الإعادة، ولذا قال زرارة: (ولِمَ ذلک)؟ یعنی سأله عن علّته؛ حیث إنّه کان علی خلاف بنائهم.
وأمّا الثانی: ـ وهو جعله طریقاً إلی الواقع ـ فلأنّ الیقین طریق تامّ إلی متعلّقه، ولا معنی لطریقیّة الاستصحاب إلی متعلّقه، کما هو مقتضی الوجه الثانی.
فثبت أنّ الحقّ هو الوجه الثالث، وأنّ الأخبار الواردة فی هذا الباب فی مقام بیان جعل وظیفة الشاکّ المسبوق شکّه بالیقین، وقضیّته الإجزاء؛ لحکومة الاستصحاب علی دلیل الشرطیّة، فإذا قال الشارع: «یشترط فی الصلاة الطهارة من الحدث أو الخبث»، فشکّ المکلّف فیها مع الیقین بها سابقاً، فصلّی باستصحاب الطهارة، ثمّ انکشف بعد الصلاة عدم طهارته، فمقتضی القاعدة الإجزاء وعدم وجوب التدارک؛ لا إعادةً ولا قضاءً.
وأمّا قاعدتا التجاوز والفراغ: فهما فی الحقیقة قاعدة واحدة، فحجّیّتهما: إمّا لبناء العقلاء علیهما، وإمّا لجعل الشارع لهما تعبّداً وتأسیساً:
وعلی الأوّل: فإمّا هی أمارة وطریق إلی الواقع عندهم، أو أنّها أصل عملی استقرّ بناؤهم علیه، مع عدم الطریقیّة لها إلی الواقع.
وعلی الثانی: فإمّا هی حکم تأسیسی من الشارع، وجعل الطریقیّة لها إلی الواقع من الشارع، والأماریّة لها علی الواقع تعبّداً، أو أنّها أصل تعبّدی عملی، لا أماریّة لها أصلاً.
وعلی الأخیر: إمّا هیأصل مُحرز مطلقاً، حتّی بالنسبة إلی الفعل الذی یأتی به بعد ذلک، أو حکم حیثی بالنسبة إلی الفعل المأتی به، أو أنّها لیس أصلاً محرِزاً أصلاً.
فلابدّ من بیان مقتضی القاعدة بناءً علی کلّ واحدة من هذه الصور، ثمّ بیان المختار منها، فنقول:
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 303
مقتضی حجیّتها لبناء العقلاء ـ سواء کان طریقاً أو أصلاً عملیّاً منهم ـ هو عدم الإجزاء، کالأمارات والاستصحاب ـ فی وجهٍ ـ وکذا لو کانت تأسیساً من الشارع طریقاً؛ لأنّ الواقع فی الجمیع محفوظ لا یتغیّر عمّا هو علیه، فیجب موافقته.
وأمّا لو قلنا بأنّها أصل عملی من الشارع تعبّداً، لا أماریّة فیها أصلاً، فقضیّته الإجزاء مثل الاستصحاب علی المختار.
وأمّا المختار من هذه الوجوه: فنقول أمّا بناءُ العقلاء علیها لطریقیّتها وأماریّتها إلی الواقع؛ لأجل أنّ المکلّف إذا کان بصدد امتثال فعل مرکّب من أجزاء وشرائط، فیظنّ أنّه أتی به جامعاً لجمیع الأجزاء والشرائط غالباً، والظنّ یلحق الشیء بالأعمّ الأغلب، فلو شکّ بعد التجاوز عن محلّ جزء أو شرط فیه، أو بعد الفراغ من العمل، فالظنّ النوعی حاصل بأنّه قد أتی بجمیع الأجزاء والشرائط، فهو فاسد؛ لأنّ وجودَ هذا البناء لهم واستقرار دأبهم علیه؛ بحیث یحتاج إلی الردع عنه، غیرُ ثابت، بل معلوم العدم، ولیس مثل بنائهم علی العمل بخبر الواحد؛ حیث إنّه طریق إلی الواقع عندهم، فلو فُرض عدم صدور الأخبار ـ فی تلک القاعدة ـ عنهم علیهم السلام أتری فی نفسک عدم الاعتناء بالشکّ لوصلّیت وشککتَ بعد الصلاة فی أنّک کنت متطهّراً أو لا؟ حاشا وکلاّ.
وکذلک احتمال بناء العقلاء علیها لا لأجل الطریقیّة، بل لأجل أنّها أصل عملی عندهم استقرّ بناؤهم علیها، فهذه الاحتمالات کلّها مردودة.
وحینئذٍ: فلابدّ من ملاحظة الأخبار الواردة فی هذه القاعدة فنقول: التعبیرات فی أخبارها مختلفة:
ففی بعضها: عبّر بقوله علیه السلام: (فأمضه) بعد فرض الشکّ فی الإتیان بجزء أو شرط بعد التجاوز عن محلّه.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 304
وفی بعضها الآخر: (فشکُّک لیس بشیء وإنّما الشکُّ فی شیء لم تُجْزهُ).
وعُبِّر فی بعضها بکلتا العبارتین، وفی بعضها قوله: (قد رکعت) أو (قد رکع) بعد فرض الشکّ فی الرکوع بعد التجاوز عن محلّه، وفی بعضهـا قوله: (هو حین یتوضّأ أذکر منه حین یشکّ)، وفی بعضها: (هو حین الانصراف أقرب إلی الحقّ حین یشک)، کما فی صحیحة حمّاد عند فرض الشکّ فی الرکعات بعد الانصراف عن الصلاة.
هذه هی عمدة التعبیرات فی أخبارها، فنقول: أمّا التعبیر بقوله: (فشکّک لیس بشیء)، وکذلک قوله علیه السلام: (قد رکعت) أو (قد رکع)، فهو ظاهر فی التعبّدیّة، لا الطریقیة؛ لمنافاة هذا التعبیر للطریقیّة، ومعناه عدم الشک تعبّداً لا واقعاً، وکذلک قوله علیه السلام: (فأمضه)، فإنّ معناه البناء علی الوجود والإتیان به تعبّداً، وکذلک قوله علیه السلام: (قد رکعت) أو (قد رکع) فیفهم منه أن القاعدة أصل محرز وأمّا قوله علیه السلام فی الموثّقة: (هو حین یتوضأ أذکر)، فقد یقال: إنّه ظاهر فی الطریقیّة.
وفیه: ـ مضافاً إلی أنّه لابدّ حینئذٍ من حمل هذا التعبیر علی الکنایة عن الجواب؛ لعدم ذکر الجواب فیها، وأنّه من باب إقامة العلّة مقام المعلول ـ أنّ غایة ما یمکن أن یقال: إنّ فیها إشعاراً إلی الطریقیّة، ولیس أخبار القاعدة منحصرة فیها؛ لما عرفت من التعبیرات المختلفة فیها، الظاهرة فی أنّ القاعدة أصل عملی مُحرِز حیثی، کما هو مفاد قوله علیه السلام: (فأمضه) وغیره، فإنّ المراد منه هو البناء علی الوجود تعبّداً لا
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 305
واقعاً، والتفصیل موکول إلی محلّه، فلا یمکن رفع الید عن هذه التعبیرات والأخذ بظاهر الموثّقة بل إشعارها فقط.
فتحصّل: أنّ مُقتضی القاعدة الإجزاء لو صلّی وشکّ بعد الفراغ أو بعد التجاوز عن محلّ جزء أو شرط فیها، وبنی علی الإتیان بهما بمقتضی القاعدة ثمّ انکشف الإخلال بهما فی الوقت أو خارجه فلا یجب الإعادة أو القضاء.
تم الجزء الأوّل من هذا الکتاب
وصلّی اللّٰه علی محمّد وآله
الطیبین الطاهرین
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 306