المطلب الأوّل فی الأوامر وفیه فصول

الفصل الأوّل فی بیان الموضوع له لمادّة الأمر

الفصل الأوّل فی بیان الموضوع له لمادّة الأمر

‏یعنی «أ م ر» مجرّدة عن جمیع الهیئات التی یمکن عروضها علیها؛ إذ کما‏‎ ‎‏أنّ المشتقّ مرکّب من المادّة والهیئة ـ کلّ منهما موضوعة لمعنیً ـ کذلک الأمر‏‎ ‎‏وسائر مشتقّاته.‏

‏واختلفوا فی ذلک علی أقوال :‏

منها : ‏أنّها موضوعة للطّلب الحقیقی؛ أی الإرادة الحقیقیّة النفسانیة بما أنّها‏‎ ‎‏مُظهَرة بصیغة «إفعل» أو الإشارة ونحوهما‏‎[1]‎‏.‏

ومنها: ‏أنّها موضوعة للطلب الإنشائی؛ أی الإرادة الإنشائیّة المظهَرة بما ذکر‏‎[2]‎‏.‏

ومنها : ‏أنّها موضوعة للقول المخصوص، وهو صیغة «إفعل»‏‎[3]‎‏.‏

والحقّ : ‏أنّها موضوعة للجامع بین هیئات صیغ الأمر بما له من المعنی.‏

توضیح ذلک : ‏أنّک قد عرفت أنّ معانی الهیئات من المعانی الحرفیة، فکلّ‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 195
‏واحدة من الهیئات موضوعة لمعنیً حرفی، ولیس بینها ـ بما أنّها أحرف ـ جامعٌ ذاتی‏‎ ‎‏حرفی، لکن یمکن لحاظها والنظر إلیها بعین الاستقلال والمعنی الاسمی، فیلاحظ بهذا‏‎ ‎‏الاعتبار لها جامع اسمی هو بما له من المعنی موضوع له لمادّة الأمر وحینئذٍ فمعنی «أمر‏‎ ‎‏زید عمراً بکذا» هو أنّه قال له : «اضرب» مثلاً.‏

والحاصل : ‏أنّ مادّة الأمر موضوعة للجامع بین هیئات صیغ الأمر، بل للجامع‏‎ ‎‏بینها وبین سائر أدوات البعث؛ من الإشارة والکتابة وغیرهما بما له من المعانی، علی‏‎ ‎‏إشکال فی الکتابة، وحینئذٍ فیصدق الأمر علی الأوامر الصوریة الامتحانیة أیضاً بنحو‏‎ ‎‏الحقیقة، وهو المراد من القول المخصوص، الذی حکی الإجماع عن أهل اللغة علی أنّه‏‎ ‎‏الموضوع له للأمر‏‎[4]‎‏ ویدلّ علیه أیضاً التبادر والاعتبار العرفی.‏

فإن قلت : ‏فعلی هذا فمادّة الأمر موضوعة لمعنیً جامد غیر متصرّف، فلا یصح‏‎ ‎‏الاشتقاق منه؛ بداهة أنّ الهیئات من الجوامد، وهو واضح الفساد.‏

قلت : ‏إنّ الهیئات مع قطع النظر عن صدورها من الآمر وفی أنفسها من‏‎ ‎‏الجوامد، لکنّها بما أنّها صادرة منه من الأحداث الاشتقاقیّة، فالاشتقاق منها إنّما هو‏‎ ‎‏بهذا اللحاظ، نظیر التکلّم، فإنّه فی نفسه ـ ومع قطع النظر عن صدوره من المتکلّم ـ‏‎ ‎‏من الجوامد، لکنّه بما أنّه صادر منه من الأحداث الاشتقاقیّة.‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 196

  • )) بدائع الأفکار (تقریرات العراقی) 1 : 194.
  • )) اُنظر نهایة الدرایة 1 : 105.
  • )) عدّة الاُصول : 63 سطر 19.
  • )) حکاه فی النهایة والتهذیب والمنیة والمختصر وشرح العضدی کما فیمفاتیح الاُصول : 108.