الفصل الأوّل فی بیان الموضوع له لمادّة الأمر
یعنی «أ م ر» مجرّدة عن جمیع الهیئات التی یمکن عروضها علیها؛ إذ کما أنّ المشتقّ مرکّب من المادّة والهیئة ـ کلّ منهما موضوعة لمعنیً ـ کذلک الأمر وسائر مشتقّاته.
واختلفوا فی ذلک علی أقوال :
منها : أنّها موضوعة للطّلب الحقیقی؛ أی الإرادة الحقیقیّة النفسانیة بما أنّها مُظهَرة بصیغة «إفعل» أو الإشارة ونحوهما.
ومنها: أنّها موضوعة للطلب الإنشائی؛ أی الإرادة الإنشائیّة المظهَرة بما ذکر.
ومنها : أنّها موضوعة للقول المخصوص، وهو صیغة «إفعل».
والحقّ : أنّها موضوعة للجامع بین هیئات صیغ الأمر بما له من المعنی.
توضیح ذلک : أنّک قد عرفت أنّ معانی الهیئات من المعانی الحرفیة، فکلّ
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 195
واحدة من الهیئات موضوعة لمعنیً حرفی، ولیس بینها ـ بما أنّها أحرف ـ جامعٌ ذاتی حرفی، لکن یمکن لحاظها والنظر إلیها بعین الاستقلال والمعنی الاسمی، فیلاحظ بهذا الاعتبار لها جامع اسمی هو بما له من المعنی موضوع له لمادّة الأمر وحینئذٍ فمعنی «أمر زید عمراً بکذا» هو أنّه قال له : «اضرب» مثلاً.
والحاصل : أنّ مادّة الأمر موضوعة للجامع بین هیئات صیغ الأمر، بل للجامع بینها وبین سائر أدوات البعث؛ من الإشارة والکتابة وغیرهما بما له من المعانی، علی إشکال فی الکتابة، وحینئذٍ فیصدق الأمر علی الأوامر الصوریة الامتحانیة أیضاً بنحو الحقیقة، وهو المراد من القول المخصوص، الذی حکی الإجماع عن أهل اللغة علی أنّه الموضوع له للأمر ویدلّ علیه أیضاً التبادر والاعتبار العرفی.
فإن قلت : فعلی هذا فمادّة الأمر موضوعة لمعنیً جامد غیر متصرّف، فلا یصح الاشتقاق منه؛ بداهة أنّ الهیئات من الجوامد، وهو واضح الفساد.
قلت : إنّ الهیئات مع قطع النظر عن صدورها من الآمر وفی أنفسها من الجوامد، لکنّها بما أنّها صادرة منه من الأحداث الاشتقاقیّة، فالاشتقاق منها إنّما هو بهذا اللحاظ، نظیر التکلّم، فإنّه فی نفسه ـ ومع قطع النظر عن صدوره من المتکلّم ـ من الجوامد، لکنّه بما أنّه صادر منه من الأحداث الاشتقاقیّة.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 196