المقدمة وتشتمل علی اُمور

الأمر الخامس : فی اختلاف مبادئ المشتقّات

الأمر الخامس : فی اختلاف مبادئ المشتقّات

‏مبادئ المشتقّات مختلفة، فبعضها حرفة وصناعة کالتجارة والنجارة، وفی‏‎ ‎‏بعضها قوّة وملکة کالاجتهاد، وبعضها من الأفعال کالأکل والشرب، واختلافها‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 166
‏لا یوجب الاختلاف فی الجهة المبحوث عنها، غایة الأمر أنّه توجب الاختلاف فی‏‎ ‎‏أنحاء التلبّس والانقضاء، کما أفاده فی «الکفایة»‏‎[1]‎‏.‏

‏إلاّ أنّ البحث فیما کان مبدؤه حرفة وصناعة أو قوّة وملکة لیس فی أنّه موضوع‏‎ ‎‏لکذا أو کذا؛ لوضوح عدم وضع لفظ «المجتهد» بالوضع التعیینی للواجد لذلک وإن‏‎ ‎‏لم یتلبّس بذلک بالفعل قطعاً، مع أنّا نری صحّة إطلاق ذلک قبل الاشتغال والتلبّس‏‎ ‎‏بالفعل، نظیر إطلاق المسجد والمفتاح علی ما هو مُعَدّ لذلک وإن لم یقع فیه السجدة‏‎ ‎‏بالفعل قطعاً، فلابدّ أن یکون البحث فی مثل ذلک : فی أنّ استعمالها مجازاً وعنایةً فی‏‎ ‎‏ذلک کثیراً إلی أن استُغنی عن القرینة، هل هو فی کذا ـ أی فی خصوص المُعَدّ لذلک ـ أو‏‎ ‎‏الأعمّ منه وممّا انقضی عنه الاستعدادُ.‏

‏وأمّا مثل «المسجد» و «المحراب» ونحوهما من أسماء المکان و «المفتاح» ونحوه‏‎ ‎‏من أسماء الآلة، فالظاهر انقلابها من الوصفیّة إلی الاسمیّة، وأنّها صارت أسماء لجنس‏‎ ‎‏المعبد وآلة الذبح، ولیست موضوعة لمکانٍ وقع فیه السجدة أو آلة یقع بها الذبح‏‎ ‎‏ونحوه بالفعل، فلا مجال للنزاع فی أنّها موضوعة لخصوص المتلبّس أو الأعمّ،‏‎ ‎‏وعلی فرض أنّها من الأوصاف، فالظاهر أنّ مثل ذلک موضوع لما هو مُعَدّ لذلک وإن‏‎ ‎‏لم یتلبّس بذلک بعدُ للتبادر، بخلاف سائر المشتقّات.‏

‏ثمّ أنّ الهیئات أیضاً مختلفة من حیث المعنی المتبادر منها، فإنّ المتبادِر من مثل‏‎ ‎‏«ضرب» و «اتّجر» و «جری الماء» ونحوها هو المتلبّس بالمبدأ بالفعل؛ بحیث لا یصحّ‏‎ ‎‏الإطلاق مع عدم التلبّس کذلک، وکذلک الفعل المضارع منها، فإنّ المتبادر من‏‎ ‎‏«یضرب زید» و «یتّجر» أو «یجری الماء» أنّ الذات ستتلبّس بعد ذلک، ولا یصحّ مع‏‎ ‎‏عدم التلبّس فی المستقبل، بخلاف مثل «الضارب» و «التاجر» و «الجاری»‏‎ ‎‏و «القاتل»، فإنّ «الضارب» و «القاتل» یطلقان علی ما إذا تلبّس الذات بالضرب‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 167
‏والقتل فی زمانٍ ما وإن لم یکن مشتغلاً بذلک بالفعل، و «الماء الجاری» لا یطلق إلاّ‏‎ ‎‏علی ما فیه نبع واستمرار وکذلک لفظ «الطلبة» و «المجتهد» فقد یقال إنّ منشأ ذلک هو‏‎ ‎‏الاختلاف فی الوضع والالتزام بتعدّد الأوضاع‏‎[2]‎‏ ولکنّ الظاهر أنّه أیضاً ناش عن‏‎ ‎‏کثرة الاستعمال حتّی صار حقیقة فی ذلک.‏

‏ثمّ إنّ قیام المبدأ بالذات إمّا بنحو الحلول کما فی «مات زید» و «حسُن عمرو»‏‎ ‎‏ونحوهما من الأفعال اللاّزمة، وإمّا بنحو الصدور، کما فی «ضرب زید»، ولا مجال‏‎ ‎‏للقول بأنّها موضوعة لمعنی عامّ شامل لهما کمفهوم الربط؛ لمنافاته لما اخترناه من أنّ‏‎ ‎‏الموضوع له فیها خاصّ، ولا للقول بتعدّد الأوضاع، فلابدّ أن یقال : إنّ الموضوع له‏‎ ‎‏فیها هو الروابط الجزئیة علی ما هی علیه فی نفس الأمر.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 168

  • )) اُنظر کفایة الاُصول : 62.
  • )) اُنظر حاشیة المشکینی 1 : 65.