الأمر الثانی : فی أقسام المفاهیم وأحکامها
المفاهیم المنتزعة عن الحقائق علی أقسام :
منها : ما ینتزع عن مرتبة الذات بدون واسطة أمر آخر، کمفهوم الجسمیّة المنتزعة عن ذات الجسم. ولعلّ المراد من خارج المحمول هو هذا القسم.
ومنها : ما ینتزع عنها بواسطة انضمام خصوصیّة حقیقیّة وجودیّة إلیها، کانتزاع مفهوم الأبیض والأسود من الذات المتّصفة بالبیاض والسواد فی الخارج، وهما أمران وجودیّان حقیقیّان. ولعلّ المراد من المحمول بالضمیمة هو هذا القسم والقسم الآتی التالی.
ومنها : ما ینتزع عنها بواسطة انضمام خصوصیّة اعتباریّة کالملکیة ونحوها، فإنّ انتزاع عنوان الملکیّة إنّما هو بواسطة انضمام إضافة اعتباریّة بین الملک والمالک.
ومنها : ما ینتزع من الذات بواسطة خصوصیّة عدمیّة، کانتزاع مفهوم الأعمی من الذات، فإنّه بواسطة انضمام خصوصیّة عدم البصر.
وهنا أقسام اُخر سیأتی الإشارة إلیها إن شاء الله .
وعلی التقادیر المذکورة : قد تکون الذات التی لها الخصوصیّة ممّا یمکن تحقّقها بدون تلک الخصوصیّة کالأبیض والأسود؛ لأنّ السواد والبیاض من الأعراض المفارقة، وقد لا یمکن تحقّقها بدونها کالممکن والواجب، فإنّ وصفی الوجوب والإمکان من لوازم ذات الممکن والواجب لا ینفکّان عنهما.
إذا عرفت هذا فنقول : لا شبهة فی خروج القسم الأوّل عن حریم النزاع، لا لما ذکره المیرزا النائینی قدس سره؛ بل للإجماع علی خروجه، ووضوح عدم وضع الواضع لفظ الحجر والإنسان لأعمّ من المتلبّس بالحجریّة والإنسانیّة وممّا انقضی عنه
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 152
صورتهما النوعیّة، وصارا تراباً مثلاً.
وأمّا الأقسام الاُخر : فالمفاهیم المنتزعة عن الذات : إمّا مشتقّة، وإمّا غیر مشتقّة. والأوّل أیضاً : إمّا منتزع عن الذات بدون انضمام خصوصیّة إلیها، کعنوان الموجود والعالم المنتزعین عن ذات البارئ تعالی، وإمّا مع انضمامها، کانتزاعها عن ذات الموجودات الممکنة، من غیر فرقٍ بین ما أمکن وجود المعروض بدون الخصوصیّة العارضة کالعالِم فی الممکنات، وبین غیره کعنوان الموجود والممکن فیها؛ لأنّ الإمکان والوجود من لوازم وجود الممکن، لا ینفکّان عنه فی الوجود الخارجی.
والحقّ : دخول جمیع هذه الأقسام فی حریم النزاع وعدم اختصاصه بمادّة دون مادّة وبهیئة دون هیئة، بل البحث إنّما هو فی هیئة فاعل ومفعول ونحوهما، وأنّ زنة فاعل ومفعول هل هما موضوعتان لخصوص المتلبّس أو الأعمّ؟
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 153