المقدمة وتشتمل علی اُمور

فی تصویر الجامع عند المحقّق العراقی

فی تصویر الجامع عند المحقّق العراقی

وقال المحقّق العراقی ‏قدس سره‏‏ فی المقام ما حاصله :‏‏ إنّ الجامع عبارة عن مرتبة‏‎ ‎‏خاصّة من حقیقة الوجود، فإنّ الصلاة وإن ترکّبت من مقولات، والمقولات متباینة‏‎ ‎‏ماهیّةً، لکن مع ذلک بینها اشتراک وجودی سارٍ فی وجود تلک المقولات، فصورة تلک‏‎ ‎‏المرتبة هو مفهوم الصلاة‏‎[1]‎‏ انتهی.‏

وفیه : ‏أنّه لا معنی للوجود الساری بالمعنی الذی ذکره؛ لعدم معقولیّة سریانه‏‎ ‎‏من الصلاة الواقعة فی أوّل الوقت والواقعة فی آخر الوقت.‏

ثمّ قال : ‏لا یقال إذا کان الجامع عبارة عن عدد معلوم من المقولات فی مثل‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 105
‏الصلاة، أمکن تطبیق هذه الصورة علی أی عدد یختاره الفاعل من المقولات العشر‏‎ ‎‏بلا ترجیح لبعضها علی بعض، بل یکون تطبیق صورة تلک المرتبة من الوجود‏‎ ‎‏المحدود بحدود مضبوطة العدد وعلی أی عدّة من المقولات، راجعاً إلی نظر المکلّف‏‎ ‎‏حسب ما یشتهی ویقترح.‏

ولا یخفی فساد هذا الوهم : ‏لأنّا نقول إنّا لم نقصد بالمرتبة الخاصّة من الوجود‏‎ ‎‏الساری فی المقولات خصوصیّة العدد والمقولة فقط، بل المقصود بالمرتبة الخاصّة هی‏‎ ‎‏الحصّة من الوجود الساری فی المقولات التی أمر الشارع بها.. إلی أن قال : ‏

فإن قلت : ‏علی هذا یکون مفهوم الصلاة هی تلک الحصّة من الوجود الساری‏‎ ‎‏فی المقولات المزبورة، ولا ریب فی فساد هذه الدعوی أیضاً.‏

قلت : ‏مفهوم الصلاة ـ کسائر مفاهیم الألفاظ ـ منتزع عن مصادیقه الخارجیّة،‏‎ ‎‏ولکن عند التحلیل نقول : إنّ معنی الصلاة هی الحصّة المقترنة بالمقولات الخاصّة، نحو‏‎ ‎‏مفهوم المشتق مثل «ضارب».. إلی أن قال : ‏

فاتّضح بما ذکرنا : ‏أنّه یمکن تصویر جامع بسیط غیر الجامع العنوانی وغیر‏‎ ‎‏الجامع الماهوی، وهی مرتبة من الوجود الساری فی جملة من المقولات، المحدود من‏‎ ‎‏طرف القلّة بعدد أرکان الصلاة ـ مثلاً ـ ومن طرف الزیادة لوحظ لا بشرط بنحوٍ‏‎ ‎‏یصحّ حمله علی الفاقد لها والواجد.‏

‏وبهذا ظهر صحّة تشبیه الجامع فی الصلاة ـ مثلاً ـ بالجامع فی مثل «الکلمة‏‎ ‎‏والکلام» فکما أنّ الجامع بین أفراد الکلمة عبارة عن المرکّب من جزءین من حروف‏‎ ‎‏المبانی الهجائیّة فما فوق؛ بنحو یکون ذلک المعنی بشرط شیء فی طرف القلّة ولا‏‎ ‎‏بشرط من طرف الزیادة، ولهذا تجد مفهوم «الکلمة» یصدق علی الکلمة المرکّبة من‏‎ ‎‏حرفین وعلی المرکّبة من الثلاثة، وأکثر، کذلک الجامع بین أفراد الصلاة‏‎[2]‎‏ انتهی.‏


کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 106
أقول : ‏إن أراد أنّ لفظ الصلاة موضوع لمفهوم الوجود الساری فیرد علیه : ‏

أوّلاً : ‏أنّه یلزم أن یکون لفظ «الصلاة» قد وضع لمعنیً هو غیر ماهیّتها.‏

وثانیاً : ‏یلزم أن یکون لفظ «الصلاة» مساوقا للوجود ومرادفاً له، وهو‏‎ ‎‏واضح الفساد.‏

‏وإن أراد أنّها موضوعة للوجود بالحمل الشائع فیلزمه القول بأنّ الموضوع‏‎ ‎‏له فیها خاص.‏

‏وإن أراد أنّها موضوعة لعنوانٍ آخر ذاتی مقولی، فهو کرّ علی ما فرّ منه، أو‏‎ ‎‏لعنوان عرضی فکذلک.‏

‏مضافاً إلی ما تقدّم من أنّه لا معنی للوجود الساری.‏

‏وأمّا تنظیر الصلاة بالکلمة والکلام فهو لا یناسب مذهبه؛ إذ «الکلمة» لیست‏‎ ‎‏موضوعة للوجود الساری، بل هی موضوعة للّفظ المفرد، سواء کان حرفاً واحداً،‏‎ ‎‏کهمزة الاستفهام ونحوها، أم حرفین، أم ثلاثة أحرف فصاعداً، فإنّه ـ حینئذٍ ـ ماهیّة‏‎ ‎‏واحدة تصدق علی أفراد کثیرة.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 107

  • )) مقالات الاُصول 1 : 39 ـ 40، بدائع الأفکار (تقریرات العراقی) 1 : 116 ـ 117.
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات العراقی) 1 : 117 ـ 118.