المبحث السادس فی بیان أوضاع أسماء الإشارات والضمائر والموصولات
أمّا أسماء الإشارات : فذهب بعضهم إلی أنّها موضوعة لیشار بها إلی شیءٍ، وآخرون إلی أنّها موضوعة للمشار إلیه قالَ ابنُ مالک : بذا لمفردٍ مُذکّرٍ أشِرْ.
والتحقیق : أنّها موضوعة لإیجاد الإشارة الجزئیّة الخارجیّة، التی یُحمل علیها مفهوم الإشارة بالحمل الشائع، القائمة بالمشیر والمشار إلیه، الغیر المستقلّة بالذات، کسائر المعانی الحرفیّة، فهی ـ أیضاً ـ حروف لا أسماء؛ لعدم استقلال معانیها، لا فی الذهن والتعقّل، ولا فی الخارج، وقد یوقع الإشارة بغیر ألفاظها، کالإشارة بالإصبع إلی شیءٍ، فیُتوهّم خروج خطٍّ من رأس الإصبع ممتدٍّ إلی المُشار إلیه، وحینئذٍ فلا تقع أسماء الإشارة مبتدأً، کما توهّم النحویّون فی مثل «هذا زید»؛ لامتناع الإسناد إلی معنیً حرفی، بل المسند إلیه فیه هو المشار إلیه الخارجی، لا لفظ هذا، بل الأمر فی سائر القضایا ـ أیضاً ـ کذلک؛ لیس المسند إلیه إلاّ المعنی لا اللّفظ، وکذلک المسند؛ إذ الألفاظ بنفسها غیر مرتبطة بعضها مع الآخر ذاتاً، بل تبعاً لارتباط المعانی.
فانقدح بذلک : فساد ما هو المشهور من أنّ «هذا» ونحوه أسماءٌ وُضعت للمُشار إلیه المحسوس، وأنّ الحقَّ أنّ لفظة «هذا» ونحوها آلة یستحضر باستعمالها المُشار إلیه فی ذهن المخاطب؛ لیحکم علیه بحکم، وهکذا الکلام فی المثنّی والجمع.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 59
وأمّا الضمائر ـ مثل «هو وهما وهم» ونحوها ـ فالحقّ أنّها ـ أیضاً ـ حروف لا أسماء، وأنّها موضوعة لإیجاد الإشارة، والفرق بینها وبین أسماء الإشارة المعروفة : هو أنّها للإشارة إلی الغائب، وتلک للإشارة إلی الحاضر المحسوس وما فی حکمه، وأمّا مثل «أنت وأنتما وأنتنّ ونحن» فالظاهر أنّها لیست بضمائر، بل لفظ «أنا» موضوع للمتکلِّم، و «أنت» للمخاطب الواحد، و «أنتما» لاثنین، و «أنتم» لثلاثة، وهکذا کما أنّ «زیداً وعمراً» موضوعان للشخص، والفرق هو أنّ الأعلام الشخصیّة موضوعة لشخص خاصّ مُعیَّن، بخلاف هذه.
وأمّا الموصولات : فالغالب فیها أنّها حروف موضوعة لإیجاد الإشارة ـ أیضاً ـ إلاّ أنّها لإیجاد نحوٍ خاصّ من الإشارة؛ أی فیما إذا أراد المتکلِّم توصیف المشار إلیه بوصفٍ مثل «الذی والتی» وفروعهما، التی هی مرادفة لـ «آنکه» فی الفارسیّة، وأمّا نحو «مَنْ» و «ما» فالظاهر أنّها لیست من الموصولات.
فتلخّص : أنّ الضمائر والموصولات وأدوات الإشارة کلّها حروف وضعت لإیجاد الإشارة فی الخارج، والدلیل علی ذلک هو التبادر وسبق الإشارة الخارجیّة من الألفاظ المذکورة إلی الذهن، فالوضع فیها عامّ والموضوع له خاصّ، وإنّ الواضع لها لاحظ المعنی الاسمی للإشارة، ووضع ألفاظها للأفراد الجزئیّة الخارجیّة للإشارة لما لها نحو حکایة عنها.
وإنّما الفرق بین الضمائر والموصولات وبین مثل «هذا» ونحوه، إنّما هو فی الخصوصیّات، وإلاّ فالجمیع لإیجاد الإشارة.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 60