المطلب الرابع العامّ والخاصّ وفیه فصول

المسألة الثانیة فی العامین من وجه

المسألة الثانیة فی العامین من وجه

‏ ‏

‏لو صدر من المتکلّم عامّان من وجه، مثل : «أکرم العلماء» ، و«لا تُکرم‏‎ ‎‏الفُسّاق»، وشکّ فی عالم أنّه فاسق أو لا، أو فی فاسق أنّه عالم أو لا، فإمّا أن یکون‏‎ ‎‏أحدهما حاکماً علی الآخر وناظراً إلیه وشارحاً له، فهو مقدّم علیٰ العامّ الآخر، وحُکمُ‏‎ ‎‏العامّ الحاکم هنا حُکمُ المخصِّص فی الشبهة المصداقیّة له.‏

‏وان لم یکن أحدهما حاکماً علی الآخر :‏

فذهب بعضهم :‏ إلی أنّه یُعامل معهما فی مادّة الاجتماع معاملة المتعارضین،‏‎ ‎‏ولیس من باب اجتماع الأمر والنهی، وحینئذٍ فمع ثبوت المزیّة والمرجِّح لأحدهما،‏‎ ‎‏فحکمُ ذی المرجِّح حکمُ المخصِّص فی العامّ والخاصّ المطلق فی عدم جواز التمسُّک‏‎ ‎‏بعموم الآخر فی الشبهة المصداقیّة له، فمع تقدیم «لا تکرم الفسّاق» لمرجّحٍ لو شُکّ‏‎ ‎‏فی عالم أنّه فاسق أو لا، لا یصحّ التمسُّک بعموم «أکرم العلماء»‏‎[1]‎‏ فی الحکم‏‎ ‎‏بوجوب إکرامه.‏

وذهب بعضهم ‏إلیٰ أنّهما من باب المتزاحمین لا المتعارضین، فلابدّ من ملاحظة‏‎ ‎‏أنّ الملاک فی أیّهما أقویٰ‏‎[2]‎‏، فلو فرض أنّ ملاک أحدهما أقوی من الآخر، فذهب‏‎ ‎‏بعضهم إلیٰ أنّ الحکم فی ذی الملاک الضعیف بالنسبة إلیٰ مادّة الاجتماع شأنیّ لا فعلیّ،‏‎ ‎‏بل الحکم الفعلیّ إنّما هو لذی الملاک القویّ، وحینئذٍ فلا مزاحم فی الفرد العالم الفاسق‏‎ ‎‏ـ أی مادّة الاجتماع ـ لحرمة إکرامه؛ لو فرض أنّ ملاک الحرمة أقویٰ من ملاک‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 354
‏الوجوب، وحینئذٍ ففی الفرد المشکوک عدالته یشکّ فی وجود المزاحم لحرمة إکرامه،‏‎ ‎‏فلو أکرمه معتذراً باحتماله عدالته لم یُقبل عذره.‏

وذهب بعضهم‏ إلی أنّ الحکمین فی المتزاحمین فعلیّان معاً ـ کما هو المختار ـ وإن‏‎ ‎‏کان ملاک أحدهما أقویٰ من الآخر، وحینئذٍ فالکلام فی المشکوک مصداقیّته لذی‏‎ ‎‏الملاک الأقویٰ، هو الکلام فی الشبهة المصداقیّة للمخصِّص .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 355

  • )) اُنظر فوائد الاُصول 4 : 708 .
  • )) کفایة الاُصول : 211 ، نهایة الأفکار 2 : 412 .