المطلب الثانی فی النواهی وفیه فصول

الأمر السادس : هل النزاع مبنیّ علی القول بتعلّق الأوامر والنواهی بالطبائع أم لا ؟

الأمر السادس : هل النزاع مبنیّ علی القول بتعلّق الأوامر والنواهی بالطبائع أم لا ؟

‏هل النزاع فی جواز الاجتماع وعدمه مبنیّ علیٰ القول بتعلّق الأوامر والنواهی‏‎ ‎‏بالطبائع؛ لأنّه علیٰ القول بتعلُّقها بالأفراد یتعیّن القول بالامتناع، أو لا، بل یجری علیٰ‏‎ ‎‏کلا القولین؟‏

‏ثمّ إنّه من قال بتعلُّقها بالأفراد هل یتعیّن أن یختار القول بالامتناع أو لا،‏‎ ‎‏ویتعیّن اختیار القول بالجواز علیٰ من یذهب إلیٰ تعلُّقها بالطبائع أو لا؟‏

فنقول :‏ تحقیق الکلام یحتاج إلیٰ بیان المراد من تعلُّق الأوامر والنواهی‏‎ ‎‏بالأفراد: لا إشکال فی أنّه لیس المراد منه هو الأفراد الشخصیّة الموجودة فی الخارج،‏‎ ‎‏فإنّه غیر معقول وتحصیل للحاصل، وعلیٰ فرض إرادتهم ذلک فلا معنیٰ لهذا النزاع‏‎ ‎‏فیه، بل المراد من تعلُّقها بالأفراد أحد وجوه :‏

الأوّل :‏ أنّ المراد هو تعلُّق الأمر بالفرد المعنون بعنوان الصلاة، والنهی بالفرد‏‎ ‎‏المعنون بعنوان الغصب ـ مثلاً ـ فی قبال القول بتعلُّقها بنفس الطبائع المجرّدة.‏

الثانی :‏ أنّ المُراد أنّ الأمر متعلّق بإیجاد فردٍ من الصلاة، والنهی بالزجر عن‏‎ ‎‏إیجاد الفرد من الغصب فی الخارج.‏

الثالث :‏ أنّ المراد بالأفراد هو عنوان الصلاة مع جمیع ملازماتها من الزمان‏‎ ‎‏والمکان ـ بعرضها العریض ـ ومشخِّصاتها الفردیّة، والغصب أیضاً کذلک فی قبال‏‎ ‎‏القول بتعلُّقها بالطبائع المجرّدة.‏

الرابع :‏ أنّ المراد بتعلُّقها بالأفراد تعلُّقها بالوجود السِّعیّ من کلّ طبیعة مجرّداً‏‎ ‎‏عن العوارض؛ بمعنیٰ الجامع بین الأفراد، لا بالمعنیٰ المصطلح علیه فی کتب الفلسفة، فی‏‎ ‎‏قبال القول بتعلُّقها بالفرد الموجود.‏


کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 209
‏لا إشکال فی أنّ البحث یجری علیٰ کلّ واحد من الاحتمالات المذکورة، إلاّ‏‎ ‎‏الثالث؛ لأنّه بناءً علیٰ تعلُّق الأوامر والنواهی بعنوانی الصلاة والغصب ـ مثلاً ـ مع‏‎ ‎‏جمیع عوارضهما الخارجیّة ومشخصاتهما الفردیّة، لا مناص من القول بالامتناع،‏‎ ‎‏لأنّه فی قوّة أن یقال: «صلّ فی الدار المغصوبة» وبالعکس، وأمّا غیره من الاحتمالات‏‎ ‎‏فیقع البحث فیها وفی اختیار الجواز وعدمه؛ لأنّ متعلّقیهما کلّیّ فی جمیعها، والذی‏‎ ‎‏دعاهم إلیٰ القول بتعلُّقها بالأفراد بأحد معانیها الثلاث، مع أنّها کلّیّات، هو أنّهم‏‎ ‎‏زعموا أنّ نفس الطبیعة المجرّدة غیر قابلة لأن توجد فی الخارج، فلا یمکن تعلُّق الأمر‏‎ ‎‏والنهی بها.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 210