المطلب الثانی فی النواهی وفیه فصول

الأمرالأوّل : بیان الفرق بین هذه المسألة ومسألة النهی فی العبادات

الأمرالأوّل : بیان الفرق بین هذه المسألة ومسألة النهی فی العبادات

قال فی «الکفایة» ما حاصله :‏ إنّ الفرق بینهما هو أنّ الجهة المبحوث عنها فیهما‏‎ ‎‏مختلفة، کما هو المناط فی تغایر المسألتین، فإنّ البحث فیما نحن فیه إنّما هو: فی أنّ تعدُّد‏‎ ‎‏الجهة والعنوان فی واحد هل یوجب تعدّد متعلّقی الأمر والنهی؛ بحیث ترتفع غائلة‏‎ ‎‏استحالة الاجتماع فی الواحد بوجه واحد، أو لا یوجبه؟ فالنزاع فی سرایة کلّ واحد‏‎ ‎‏من الأمر والنهی إلیٰ متعلَّق الآخر وعدمها، فالأوّل لأجل اتّحاد مُتعلّقیهما وجوداً،‏‎ ‎‏وعدم سرایته لتعدّدهما وجهاً، بخلاف الجهة المبحوث عنها فی تلک المسألة، فإنّ‏‎ ‎‏البحث فیها هو: أنّ النهی فی العبادات هل یوجب فسادها بعد الفراغ عن توجّهه‏‎ ‎‏إلیها أو لا؟‏

‏وأمّا ما ذکره صاحب «الفصول» ـ من أنّ الفرق بینهما وامتیازهما إنّما هو لتغایر‏‎ ‎‏موضوعیهما‏‎[1]‎‏ـ فاسد؛ لما ذکرنا من أنّه إذا کانت الجهة المبحوث عنها واحدة فی‏‎ ‎‏المسألتین فهما واحدة وإن اختلف موضوعاهما أو محمولاهما، وإن کانت متعدّدة فهی‏‎ ‎‏مُتعدّدة متغایرة وإن اتّحد موضوعاهما أو محمولاهما‏‎[2]‎‏. انتهیٰ.‏

أقول :‏ فی مراده من الجهة المبحوث عنها التی ذکرها احتمالات بحسب‏‎ ‎‏مقام التصوّر :‏

الأوّل :‏ أن یُرید منها الحیثیّة التی وقع البحث فیها، کالبحث فی حیثیّة جواز‏‎ ‎‏الاجتماع وعدمه، بخلافه فی المسألة الاُخریٰ، فإنّ البحث فیها فی حیثیّة الفساد وعدمه.‏


کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 204
الثانی :‏ أن یرید منها ما هو سبب البحث وعلّته التی وقع البحث فیها لأجله.‏

الثالث :‏ أن یرید منها منشأ القول بالجواز وعدمه، وأنّ منشأ القول بعدم‏‎ ‎‏الجواز هو سرایة النهی إلیٰ متعلّق الآخر، ومنشأ القول بالجواز عدم سرایته.‏

فنقول :‏ مراده ‏‏قدس سره‏‏ هو الاحتمال الأخیر لتصریحه ‏‏قدس سره‏‏ بذلک.‏

لکن یرد علیه :‏ أنّه إذا کان بین مسألتین تغایر بتمام ذاتیهما، کما إذا تغایرا‏‎ ‎‏موضوعاً ومحمولاً، أو ببعض ذاتیهما، کما لو اتّحد موضوعهما وتغایر محمولهما أو‏‎ ‎‏بالعکس، فلا وجه لأن یبیّن الفرق بینهما بالآثار والعوارض المترتّبة علیهما، کما لو‏‎ ‎‏قیل: أنّ الفرق بین الإنسان والحجر هو أنّ الأوّل مستقیم القامة، بخلاف الحجر، مع‏‎ ‎‏أنّهما متباینان فی مرتبة ذاتیهما، وما نحن فیه من هذا القبیل، فإنّ المسألتین المذکورتین‏‎ ‎‏مُتباینتان فی مرتبة ذاتهما موضوعاً ومحمولاً، ولا ارتباط لإحداهما بالاُخریٰ، ولا‏‎ ‎‏جهة اشتراک بینهما کی یحتاج إلیٰ بیان ما به الامتیاز، فالحقّ أنّ اختلاف المسألتین إنّما‏‎ ‎‏هو فی الجهة المبحوث عنها بالمعنیٰ الأوّل، کما ذکره فی «الفصول».‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 205

  • )) اُنظر الفصول الغرویّة : 140 سطر 19 .
  • )) کفایة الاُصول : 184 ـ 185 .