الفصل الثالث عشر فی اقتضاء الأمر بالشیء للنهی عن ضدّه

فی أقسام الترتّب

فی أقسام الترتّب :

‏إذا عرفت ذلک فاعلم : ‏أنّ الترتّب الشرعیّ‏ إمّا غیر معقول، أو غیر واقع:‏

أمّا الأوّل :‏ فلأنّ التزاحم کما عرفت متأخّر عن الحکم بمرتبتین، فکیف یمکن‏‎ ‎‏اشتراط أحد الأمرین بعصیان الآخر وجعل ذلک علاجاً للتزاحم؟!‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ إذا عرفت أنّ التزاحم إنّما یتحقّق بعد تعلُّق الأمرین‏‎ ‎‏بالموضوعین، وبعد الابتلاء الخارجی بهما، فلا یمکن للآمر أن ینظر إلیٰ صورة التزاحم‏‎ ‎‏المتأخّر عن الحکم بمرتبتین، فضلاً عن أن یعالجه.‏

وأمّا الثانی :‏ فلأنّه لو فُرض معقولیّة ذلک فالاشتراط والترتُّب غیر واقعیین؛‏‎ ‎‏لأنّ الاشتراط یحتاج إلیٰ مؤنة وبیان زائد علیٰ بیان أصل الحکم، مع أنّ الأدلّة‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 122
‏الشرعیّة ـ مثل قوله تعالیٰ: ‏‏«‏أَقِیمُوا الصَّلاةَ‏»‏‎[1]‎‏ ـ خالیة عن هذا الاشتراط، مع أنّک‏‎ ‎‏عرفت أنّ التزاحم فرع الابتلاء الخارجیّ، فلعلّه لم یقع ولا یقع إلیٰ یوم القیامة،‏‎ ‎‏فالقول بالترتُّب غیر صحیح.‏

وأمّا الترتُّب العقلیّ :‏ فإن اُرید أنّ العقل یتصرّف فی الأدلّة الشرعیّة بتقییدها‏‎ ‎‏بالقدرة وغیرها مع إطلاقها، فهو ـ أیضاً ـ واضح الفساد، فإنّه لا سبیل للعقل إلی‏‎ ‎‏تقیید الأدلّة الشرعیّة والخطابات المطلقة الصادرة من الشارع، ولیس للعبد أن یقیِّد‏‎ ‎‏الأوامر الصادرة من مولاه بقید.‏

‏وإن اُرید أنّ العقل حاکم بمعذوریّة العاجز والجاهل وغیرهما فی مخالفة الحکم‏‎ ‎‏الشرعیّ؛ بمعنیٰ أنّه لا یصحّ عقوبته مع إطلاق الحکم بحیث یشمله، فهو مسلّم.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 123

  • )) البقرة : 43 .