الفصل الثالث عشر فی اقتضاء الأمر بالشیء للنهی عن ضدّه

حول التفصیلات بین ضدّین لا ثالث لهما وغیرهما

حول التفصیلات بین ضدّین لا ثالث لهما وغیرهما

وأمّا ما یُتراءیٰ من کلام بعض الأعاظم:‏ من التفصیل بین الضدّین اللذینِ لا‏‎ ‎‏ثالث لهما وبین ما لیس کذلک بالاستلزام فی الأوّل دون الثانی، فیستلزم الأمرُ‏‎ ‎‏بالسکون النهیَ عن الحرکة، أو بالعکس؛ لأنّهما من قبیل الأوّل؛ لاقتضاء المتفاهم‏‎ ‎‏العرفیّ ذلک‏‎[1]‎‏.‏

‏فإن أراد أنّ الأمر بالسکون عین النهی عن الحرکة وبالعکس؛ بدعویٰ أنّ‏‎ ‎‏البعث هنا عین الزجر، فهو خلاف حکم العقل والمتفاهم العرفیّ، وإن أراد أنّ الأمر‏‎ ‎‏بالحرکة متّحد مع النهی عن السکون فی النتیجة، فلا فرق بین الأمر بالحرکة وبین‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 116
‏الزجر عن السکون، وأنّهما سواءٌ نتیجةً، فلا یفید ذلک فی إثبات مطلوبه، بل علیٰ‏‎ ‎‏خلافه أدلّ، فإنّ المدّعی للاستلزام یدّعی أنّه إذا تعلّق أمر بشیء فهنا نهیٌ ـ أیضاً ـ‏‎ ‎‏متعلّق بضدّه، ومقتضیٰ ما ذکر کفایة أحدهما، وأنّه إذا وجد أحدهما، فلا یحتاج إلیٰ‏‎ ‎‏الآخر، لا أنّهما موجودان، کما هو المدّعیٰ.‏

‏ولیعلم أنّ ما ذکرناه من الدلیل الأوّل ـ أی استلزام الأمر بالشیء للنهی عن‏‎ ‎‏الضدّ من جهة المقدّمیة ـ إنّما هو فیما إذا قلنا بوجوب مطلق المقدّمة، وأمّا بناءً علیٰ‏‎ ‎‏القول بوجوب المقدّمة الموصلة فقط، فالقول بالاقتضاء من جهة المقدّمیة موقوف علیٰ‏‎ ‎‏مقدّمات أربع؛ الثلاث المذکورة سابقاً بزیادة رابعة، وهی أنّ المتلازمین فی الوجود‏‎ ‎‏لابدّ أن یکونا محکومین بحکم واحد، لا بحکمین مختلفین.‏

وحاصل المقدّمات :‏ أنّ ترک الضدّ مقدّمة لوجود الضدّ الآخر، وأنّ المقدّمة‏‎ ‎‏الموصلة واجبة، والأمر بالشیء یستلزم النهی عن ضدّه العامّ؛ لیکون ترک الترک‏‎ ‎‏الموصل محرَّماً، وأنّ المتلازمین فی الوجود لابدّ أن یکونا محکومین بحکم واحد؛ لتصیر‏‎ ‎‏الصلاة ـ التی هی ملازمة لترک الترک الموصل ـ محرَّمة، فإنّ ضدّ الترک الموصل لیس‏‎ ‎‏عین الصلاة، بل ملازم لها، بخلاف ما لو قلنا بوجوب مطلق المقدّمة، فإنّه لا یحتاج إلیٰ‏‎ ‎‏ضمیمة المقدّمة الرابعة، وأیضاً علیٰ القول بوجوب المقدّمة الموصلة ینحصر دلیل‏‎ ‎‏الاستلزام بالدلیل الأوّل؛ أی جهة المقدّمیة؛ لأنّ المقدّمة الرابعة المذکورة إحدیٰ‏‎ ‎‏مقدّمات الدلیل الثانی، وحینئذٍ فله دلیل واحد، بخلاف ما لو قلنا بوجوب مطلق‏‎ ‎‏المقدّمة، فإنّهما دلیلان من جهة المقدّمیة ومن جهة الملازمة ‏‏[‏‏فی ثمرة بحث استلزام الأمر‏‎ ‎‏للنهی عن ضدّه‏‏]‏‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 117

  • )) فوائد الاُصول 1 : 304 .