الفصل الثانی عشر فی مقدّمة الواجب

المبحث السابع فی ثمرة بحث مقدّمة الواجب

المبحث السابع فی ثمرة بحث مقدّمة الواجب

‏ ‏

‏ثمّ إنّهم ذکروا للبحث عن ثبوت الملازمة بین وجوب المقدّمة ووجوب ذیها‏‎ ‎‏ثمرةً : وهی أنّه إذا ثبتت الملازمة بین الوجوبین، وثبت وجوب المقدّمة، یقع ذلک کُبریٰ‏‎ ‎‏للصُّغریات الوجدانیّة، فیقال ـ مثلاً ـ : هذه مقدّمة للواجب، ومقدّمة الواجب واجبة،‏‎ ‎‏ینتج أنّ هذه واجبة. ولیس المناط فی المسألة الاُصولیّة إلاّ وقوع نتیجتها فی طریق‏‎ ‎‏استنباط حکم فرعی‏‎[1]‎‏.‏

وأورد علیٰ ذلک :‏ بأنّ القائل بعدم الملازمة ـ أیضاً ـ قائل بلا بُدّیّة الإتیان‏‎ ‎‏بالمقدّمة ووجوبها عقلاً فلا یصلح ما ذکر ثمرة للبحث‏‎[2]‎‏.‏


کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 90
وقال المحقّق العراقی ‏قدس سره‏‏ فی التفصّی عن هذا الایراد بما حاصله: إنّه یمکن أن‏‎ ‎‏تُضمّ هذه النتیجة إلیٰ کُبریات اُخریٰ، فیثمر، فإنّه إذا قلنا بثبوت الملازمة أمکن‏‎ ‎‏الاتیان بالمقدّمة بقصد أمرها الغیری، فتتحقّق القربة بها، کما کانت تتحقّق إذا قصد بها‏‎ ‎‏امتثال أمر ذی المقدّمة، فتتحقّق التوسعة فی التقرّب، بخلاف ما إذا قلنا بعدم ثبوت‏‎ ‎‏الملازمة، فإنّه لا یتحقّق التقرّب ـ حینئذٍ ـ إلاّ بالإتیان بالمقدّمة بقصد امتثال أمر ذیها.‏

‏وبالجملة : لو قلنا بالملازمة إذا أتیٰ المکلّف بالمقدّمة بقصد أمرها الغیری‏‎ ‎‏تتحقّق عبادیّتها، ویتقرّب بها إلیٰ الله تعالیٰ، بخلاف ما إذا لم نقل بها.‏

‏وتظهر ـ أیضاً ـ فیما إذا أتیٰ المکلّف بالمقدّمات بدون ذیها، فإنّه یستحقّ الاُجرة‏‎ ‎‏هنا علیٰ القول بالملازمة، بخلاف ما لو قلنا بعدمها، فإنّه لا یستحقّ بالمقدّمات شیئاً.‏‎ ‎‏انتهیٰ محصّل کلامه علیٰ ما فی التقریرات‏‎[3]‎‏.‏

ویرد علیٰ ما ذکره أوّلاً :

‏أوّلاً : أنّه قد مرّ مراراً: أنّ الأمر لا یدعو إلاّ إلیٰ متعلّقه، وحینئذٍ فالأمر المتعلّق‏‎ ‎‏بذی المقدّمة لا یعقل دعوته للعبد نحو الإتیان بالمقدّمات، وعرفت أنّ الإتیان‏‎ ‎‏بالمقدّمات إنّما هو للتوصُّل بها إلیٰ امتثال أمر ذی المقدّمة، فلا یتحقّق به القربة حینئذٍ،‏‎ ‎‏ولا یتحقّق به عبادیّتها.‏

‏وثانیاً : قد عرفت أنّه لا داعویّة ولا محرّکیّة للأمر الغیری، ولا یُعدّ امتثاله‏‎ ‎‏إطاعة، ولا ترکه مخالفة، بل الداعی إلیٰ إیجاد المقدّمات هو حکم العقل بلزوم‏‎ ‎‏تحصیلها؛ لأجل توقّف ذی المقدّمة علیها.‏

ویرد علیٰ ما ذکره ثانیاً :

‏أوّلاً : أنّ هذا الفرض مخالف لما اختاره من وجوب الحصّة من المقدّمات‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 91
‏الملازمة للإیصال؛ لأنّ المقدّمة الواجبة ـ حینئذٍ ـ ملازمة لوجود ذی المقدّمة، ولا‏‎ ‎‏ینفکّ عنها؛ کی یقال باستحقاق الاُجرة بإتیان المقدّمات بدون ذی المقدّمة.‏

‏وثانیاً : قد عرفت أنّ امتثال الأوامر الغیریّة لا یُعدّ إطاعة، ولا ترکه مخالفة؛‏‎ ‎‏کی یستحقّ الاُجرة بامتثالها، فلا یندفع الإشکال بما ذکره.‏

فتلخّص :‏ أنّه لا یترتّب علیٰ المسألة ثمرة.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 92

  • )) بدائع الأفکار 1 : 396 ـ 397 (تقریرات العراقی)، کفایة الاُصول : 153 ـ 154.
  • )) اُنظر ما قرّره فی بدائع الأفکار (تقریرات المحقق العراقی) 1 : 397.
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقق العراقی) 1 : 397 ـ 398 .