الفصل الثانی عشر فی مقدّمة الواجب

الرابع من الاُمور : ثبوت النزاع فی العلّة التامّة

الرابع من الاُمور : ثبوت النزاع فی العلّة التامّة

‏هل النزاع فی جمیع المقدّمات الخارجیّة بأقسامها حتّی العلّة التامّة والسبب‏‎ ‎‏التامّ، أو أنّ النزاع فی غیر العلّة التامّة؟ قولان :‏

استدلّ لثانیهما :‏ بأنّ المعلول للعلّة التامّة لیس مقدوراً للمکلّف کالإحراق،‏‎ ‎‏فلا یتعلّق به البعث والإرادة، والمقدور هو إیجاد العلّة، وحینئذٍ فلو فرض تعلّق أمر‏‎ ‎‏بمعلول فهو أمر صوریّ لابدّ من إرجاعه إلیٰ العلّة؛ لاعتبار القدرة فی متعلّق الأمر،‏‎ ‎‏فمع عدم تعلّق الإرادة بالمعلول لا معنیٰ للبحث عن ثبوت الملازمة بین إرادتها وبین‏‎ ‎‏إرادة المعلول‏‎[1]‎‏.‏

وفیه :‏ أنّ المسألة لیست عقلیّة، بل عرفیّة عقلائیّة لابدّ من ملاحظة المتفاهم‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 14
‏العرفی وحکم الوجدان فی ذلک فنقول: لا إشکال فی أنّ ایجاد العلّة بنفسها مقدور،‏‎ ‎‏والمعلول بلاواسطة غیر مقدور ولکنّه مقدور مع الواسطة، فإذا فرض أنّ زیداً عدوّ‏‎ ‎‏فالوجدان شاهد علی أنّه یمکن إحراقه لکن بواسطة جمع الحَطَب ـ مثلاً ـ فیتعلّق به‏‎ ‎‏إرادته، فیبحث عن أنّها هل تستلزم إرادة علّته أولا ؟‏

‏هذا فی الإرادة التکوینیّة، وکذا فی الإرادة التشریعیّة، فلا فرق بین المقدّمة التی‏‎ ‎‏هی علّة تامّة وبین غیرها فی أنّ البحث شامل لکلیهما.‏

وحاصل الإشکال :‏ أنّه لاریب فی أنّه یشترط فی صحّة التکلیف قدرة المکلّف‏‎ ‎‏علیٰ إیجاد متعلّقه، والمفروض أنّه غیر قادر بالنسبة إلی متعلّقه فی الأفعال التولیدیّة‏‎ ‎‏والمعلولات، فهی خارجة عن البحث بنحو الاستثناء المنقطع.‏

‏وحاصل دفع الإشکال : أنّه إنّما یرد لو قلنا : إنّ مناط حسن التکلیف وصحّته‏‎ ‎‏هو قدرة المکلّف علی متعلّق التکلیف بلا واسطة، وأمّا لو قلنا بأنّه یکفی فی صحّته‏‎ ‎‏القدرة علیه ولو مع الواسطة ـ کما هو الصحیح ـ فلا، وإلاّ فلو اعتبر القدرة علیٰ متعلّق‏‎ ‎‏التکلیف بلا واسطة فی صحّته، لزم خروج جمیع المقدّمات عن محطّ البحث، فإنّ لقاء‏‎ ‎‏الصدیق أو الکون علیٰ السطح لیس مقدوراً للمکلّف بدون الذهاب إلیٰ مکانه أو‏‎ ‎‏نصب السُّلّم ، فعلیٰ ما ذکره لا وقع للبحث عن المقدّمات کلّها.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 15

  • )) اُنظر فوائد الاُصول 1 : 269 ـ 271 .