المقصد السابع فی الشکّ

تذنیب: فی عنوانی الإکراه والاضطرار

تذنیب: فی عنوانی الإکراه والاضطرار

‏بقی الکلام فی عنوانی الإکراه والاضطرار وأنّ الکلام فیهما هو الکلام فی ‏‎ ‎‏النسیان أم لا.‏

‏والظاهر أنّهما یرتضعان من ثدی واحد وأنّ الکلام فیهما هو الکلام فی ‏‎ ‎‏النسیان إلا من حیث الإکراه، أو الاضطرار علی ترک الجزء أو الشرط، فلا یصحّ ‏‎ ‎‏التمسّک فیهما برفع ما استکرهوا وما اضطرّوا علیه.‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 400
‏وأمّا بالنسبة إلی إیجاد المانع فالظاهر صحّة التمسّک، وذلک لأنّه: إذا اضطرّ ‏‎ ‎‏بحسب الشرع أو العادة إلی إیجاد عقد‏‎[1]‎‏ فاُکره علی إیجاد المانع، أو اُکره علی ‏‎ ‎‏الصلاة متکتّفاً، أو اُکره علی أمر فی العقد، فمقتضی حکومة حدیث الرفع علی ‏‎ ‎‏الأدلّة الأوّلیة هو رفع مانعیة ذلک فی ظرف الاضطرار، فیکون العقد أو الصلاة ‏‎ ‎‏مع وجود المانع صحیحاً ونافذاً.‏

‏وأمّا إذا اضطرّ أو اُکره علی ترک الجزء، أو الشرط، فلا یصلح حدیث الرفع ‏‎ ‎‏لرفعهما؛ ضرورة أنّ حدیث الرفع یرفع ما تعلّق به أحد العناوین المذکورة فی ‏‎ ‎‏الحدیث، ومعلوم أنّ الاضطرار أو الإکراه لم یتعلّق بنفس الجزء أو الشرط حتّی ‏‎ ‎‏یرفعهما، بل تعلّق بترک الجزء أو الشرط.‏

‏ففرق بینهما ـ الاضطرار والإکراه ـ وبین النسیان؛ فإنّه یصحّ تعلّق النسیان ‏‎ ‎‏بالجزء أو الشرط فینساهما فیترکهما، وأمّا الاضطرار والکراهة فیتعلّق بترک الجزء ‏‎ ‎‏أو الشرط لا بنفس الجزء أو الشرط، فلا سبیل إلی رفع الجزئیة أو الشرطیة عند ‏‎ ‎‏الاضطرار بترک الجزء أو الشرط، ولیس للترک أثر إلا البطلان والإعادة فی الوقت ‏‎ ‎‏والقضاء خارجة، إلا أنّه لم یکن أثراً شرعیاً قابلاً للرفع وإنّما هو أمر عقلی.‏

‏ووجوب الإعادة کما فی بعض الأخبار عند ترک الجزء أو الشرط، لیس ‏‎ ‎‏تکلیفاً شرعیاً، وإنّما یکون إرشاداً إلی بطلان المأمور به وعدم انطباق المأتیّ به ‏‎ ‎‏للمأمور به، وقد قلنا: إنّ عدم الإجزاء عند عدم الانطباق عقلی، کما أنّ الإجزاء ‏‎ ‎‏عند الانطباق عقلی.‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 401
‏وبالجملة: الصحّة والفساد والإجزاء وعدمه والإعادة والقضاء ونحوها لا ‏‎ ‎‏یرجع إلی وظیفة الشارع وإنّما هی اُمور عقلیة ینتزعها ویعتبرها العقل فی صورة ‏‎ ‎‏مطابقة المأتیّ به للمأمور به وعدم مطابقته إیّاه، ولیس للشارع الحکم بالإجزاء ‏‎ ‎‏مع عدم مطابقة المأتیّ به للمأمور به، نعم له جعل الجزئیة أو الشرطیة تبعاً لجعل ‏‎ ‎‏الجزء أو الشرط أو مستقلاً، أو إسقاطهما، فتدبّر.‏

‏فتحصّل أنّ التحقیق یقتضی التفصیل فی الاستکراه والاضطرار بین تعلّقهما ‏‎ ‎‏بالمانع فیجوز التمسّک بحدیث الرفع لتصحیح المأتیّ به وترتیب آثار الصحّة ‏‎ ‎‏علیه، وبین تعلّقهما بترک الجزء أو الشرط فلا، فتدبّر واغتنم.‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 402

  • . قلت: إنّما اشترطنا فی موضوع البحث الاضطرار إلی إیجاد العقد؛ لأنّه إذا لم یکن مضطرّاً إلی العقد بل کان مخیّراً بین إیجاده وترکه، فلا یصدق عرفاً أنّه مکره علی إیجاد المانع، کما لا یخفی. [المقرّر قدّس سرّه]