المقصد السابع فی الشکّ

إشکال ودفع

إشکال ودفع

‏ربّما یشکل: بأنّ ظاهر الحدیث بقرینة لفظة ‏‏«‏اُمّتی‏»‏‏ یعطی کونه صلی الله علیه و آله و سلم بصدد ‏‎ ‎‏الامتنان علی اُمّته، فلا یکون الآثار المترتّبة علی نفس الخطأ والنسیان مرفوعة‏‎[1]‎‏ ‏‎ ‎‏بل المرفوع متعلّقاتهما أی ما أخطأ وما نسی، فیحتاج إلی ادّعائین: أحدهما ‏‎ ‎‏ادّعاء کونها جمیع الآثار، والثانی: ادّعاء رفع المبدء برفع آثاره، فیلزم أن یکون ‏‎ ‎‏المرفوع فی بعض تلک العناوین هو آثار نفسه کالحسد والوسوسة والطیرة؛ فإنّه ‏‎ ‎‏لا إشکال فی أنّ المراد ارتفاع آثار هذه الاُمور نفسها، وفی بعضها الآخر کالخطأ ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 378
‏والنسیان آثار متعلّقه مع أنّ الرفع مستند إلیها بالذات ادّعاءً.‏

‏ولکن یجاب عن الإشکال وبعض ما ربما یتوهّم فی المقام: بأنّ المتبادر ‏‎ ‎‏والمنساق فی مثل عنوان الخطأ والنسیان وغیرهما من العناوین المرآتیة هو ‏‎ ‎‏معنوناتها لا أنفسها، ولذا إذا قیل: ‏‏«‏‏عفی الکریم خطأ بعض عبیده أو نسیانه‏‏»‏‏ ‏‎ ‎‏یتبادر منه العفو عن آثار أفعاله الصادرة عنه خطأً أو نسیاناً کما هو الشأن فی ‏‎ ‎‏عنوان الجهالة، فإذا قیل: ‏‏«‏‏عفی المولی عن جهالات بعض غلمانه‏‏»‏‏ فالمنساق منه ‏‎ ‎‏هو العفو عن مجهولاته وما صدر عنه عن جهالة، فلا یستفاد من رفع الخطأ أو ‏‎ ‎‏النسیان إلا ما استفید من رفع ما استکرهوا وما اضطرّوا علیه.‏

‏فإذاً یکون المتبادر والمنساق من رفع الخطأ والنسیان هو المنساق من رفع ما ‏‎ ‎‏اضطرّوا وما استکرهوا، من دون أن تکون لفظة الخطأ مثلاً مستعملة فی ما أخطأ ‏‎ ‎‏أو یکون هناک تقدیر، بل ـ کما أشرنا ـ یتبادر منها أنّ المرفوع آثار الخطأ ‏‎ ‎‏والنسیان بلا احتیاج إلی الادّعاء.‏

‏مضافاً إلی أنّ مناسبة الحکم والموضوع ووحدة السیاق یقتضی ذلک أیضاً، ‏‎ ‎‏ولذا عبّر الإمام أبو الحسن‏‏ فی صحیح البزنطی لرفع آثار المتعلّق بقوله ‏‏«‏ما ‎ ‎أخطأوا‏»‏ ‏مع أنّ الوارد فی حدیث الرفع إنّما هو الخطأ لا ما أخطأوا، فتدبّر.‏

‏فظهر: أنّ الرفع فی الواقع ونفس الأمر وبحسب الإرادة الجدّیة تعلّق بنفس ‏‎ ‎‏العناوین فی جمیع تلک الخصال، غایة الأمر عبّر فی بعضها بنفس تلک العناوین ‏‎ ‎‏کعنوان الحسد والطیرة والوسوسة، وفی بعضها بذکر ما هو طریق إلیها من الخطأ ‏‎ ‎‏والنسیان أو بتوسّط الموصول، فلم یلزم تفکیک أو ارتکاب خلاف الظاهر.‏

فتحصّل ممّا ذکرنا: ‏أنّ المرفوع فی الجمیع لبّاً إنّما هو آثار تلک الاُمور ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 379
‏الخارجیة، سواء عبّرت عنها بأنفسها ادّعاءً أو بما هی مرآة لها، فلا یلزم التفکیک ‏‎ ‎‏ولا تعدّد الادّعاء.‏

‏وظهر أیضا أنّ ظاهر الحدیث یقتضی کون المرفوع جمیع الآثار؛ ضرورة أنّ ‏‎ ‎‏خلوّ الموضوع عن کلّ أثر مساوق لرفع الموضوع، مضافاً إلی أنّ إطلاق التنزیل ‏‎ ‎‏یقتضی رفع الموضوع بجمیع آثاره.‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 380

  • . قلت: کوجوب الدیة لقتل الخطأ أو وجوب سجدتی السهو لنسیان التشهّد أو إحدی السجدتین؛ فإنّه لا یرفع بحدیث الرفع قطعاً. [المقرّر قدّس سرّه]