الرابعة: فی مصحّح الادّعاء فی حدیث الرفع
قد أشرنا: أنّ الرفع الادّعائی یحتاج إلی مصحّح، فیقع الکلام فی مصحّح الادّعاء، وأنّه هل هو خصوص المؤاخذة، أو جمیع الآثار فی جمیع الفقرات، أو الأثر المناسب لکلّ منها؟ وجوه، بل أقوال.
والظاهر کما یقتضیه الاعتبار أنّ مصحّح الاعتبار هو جمیع الآثار؛ وذلک لأنّ من کان بصدد رفع شی ء ادّعاءً مع وجوده تکویناً إنّما یصحّ له ذلک إذا لم تترتّب علیه الآثار المترقّبة من ذلک الشی ء أصلاً، وإلا فبمجرّد عدم ترتّب أثر أو آثار قلیلة لا یصحّ له رفعه عنه ادّعاءً، إلا إذا کان ذلک البعض بمنزلة جمیع
کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 376
الآثار کالشجاعة والفتوّة فی الرجولیة، فعند ذلک یصحّ نفی الرجولیة عند عدمهما؛ فإنّ من لم یکن له شجاعة وفتوّة فی میادین الحرب یصحّ نفی الرجولیة عنه مع وجود أوصاف آخر له، کما نفی أمیر المؤمنین الرجولیة عن رجال لم یکن لهم شجاعة وفتوّة فی الحرب بقوله: «یا أشباه الرجال ولا رجال».
وبالجملة: ظاهر طبع رفع الشی ء ادّعاءً رفع جمیع آثاره لا بعض الآثار إلا إذا کان ذلک البعض بمثابة یقوم مقام جمیع الآثار.
ومعلوم: أنّ المؤاخذة مضافاً إلی کونها أمراً تکوینیاً لا یناسب الوضع أو الرفع فی مقام التشریع، لم یکن من أظهر خواصّها بحیث تقوم مقام جمیع الآثار، حتّی یصحّ رفع الموضوع بارتفاعها عنها نظیر الشجاعة والفتوّة فی الرجولیة، بل تکون المؤاخذة من الآثار والأوصاف المغفولة عنها عند العرف والعقلاء، فلا یصحّ أن یؤخذ ذلک مصحّحاً للادّعاء.
وإن شئت قلت: إنّ رفع الموضوع بلحاظ المؤاخذة یتوقّف أوّلاً: علی ادّعاء أنّ رفع المؤاخذة مساوق لرفع جمیع الآثار، وثانیاً: علی ادّعاء أنّ رفع جمیع الآثار مساوق لرفع نفس الموضوع، ولا مصحّح للادّعاء الأوّل؛ لما أشرنا: أنّ المؤاخذة مضافاً إلی کونها من الاُمور التکوینیة التی لا یلائم الوضع والرفع تشریعاً، لا تکون من أظهر الخواصّ، فتدبّر.
کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 377